نمل أزرق… نمل أسود
شهناز صبحي فاكوش
قوات دولية في الجولان بميثاق دولي بعد حرب 1973، امتدّ وجودها سنوات، لكنه لم يمنع السوريين من الإصرار على أنّ الأرض التي يقفون عليها وما بعد السياج الشائك هي أرض سورية، وأنه لا بدّ من استعادتها.
ما كان طول الزمن عليها إلا السعي لاستعادتها بالحلول السلمية، حقناً لدماء أبنائنا الغالية ـ إنْ جنحوا إلى السلم فاجنح ـ لمّا أبدى الكيان رغبة في السلام سرنا إلى السلام، ولكن بما يكفل كرامتنا وعزتنا. ما قال عنه القائد حافظ الأسد سلام الشجعان.
وديعة رابين كانت تسير نحو سلام يعيد الأرض ويحفظ دماء الشباب، لكن صهاينة التطرف اغتالوا رابين، وسعى بيريز جاهداً إلى تحقيقه علّ التاريخ يذكره، لكن غدر صهيون اغتال يحيى عياش. وجاءت مجزرة قانا لتنسف أي سلام.
أصحاب القبعات الزرق… يدعوهم عامة الشعب بالنمل الأزرق، لم يوفرهم المسلحون. طالهم الخطف والقتل من الجماعات المسلحة، ما اضطر دول مجموعاتهم إلى سحبهم من حدود الجولان واستعادتهم. حرصاً على أرواحهم.
لم تكترث حكومة الكيان الصهيوني لذلك، لأنّ من حلّّ محلهم أقرب إلى بني صهيون من جلدتهم. ويحقق مطامعهم بنار أشعلوها، وقودها الأغبياء الأُجراء لديهم.
انتشر النمل الأسود على طول الشريط الحدودي. «جبهة النصرة»، سود الرايات والوجوه، يحققون للعدو الصهيوني، ما لم يستطع تحقيقه في حربه النظامية مع سورية عام 1973 ولا حتى في حرب الاستنزاف الطويلة.
حرص الصهاينة على دعم المجموعات الإرهابية المسلحة. درّبوهم وسهّلوا تسلّلهم إلى سورية تحقيقاً لمآربهم. ظناً أنّ ذلك يمكّنهم بالضغط مع عملائهم في الداخل من استبدال ما دعوه بالنظام، بنظام يهديهم الجولان، كما صرّح بعض خونة الوطن ممّن دعوا أنفسه «معارضة»، معتزين بصداقة بني صهيون.
نتنياهو يقدم الرعاية الشخصية للمصابين من النمل الأسود، يستضيفهم في مشافيه يشرف على طبابتهم، وتدريبهم، ورفع قدراتهم الإجرامية التخريبية.
يريدهم لحديون باستبدال الاسم باللبوانيين ـ بئس الاسم الفسوق ـ أين أصبح جيش لحد؟ ليس بأفضل منه مصير النمل الأسود. هذا في أحسن الاحتمالات.
غامر الكيان واستهدف مجموعة من المقاومين في القنيطرة. فكان الغراب الذي استعجل خراب عشه، ودنا من حتفه…
حدثٌ وحّد جغرافيا جبهة المقاومة بين سورية ولبنان، وفتح الطريق للجيش العربي السوري لضرب المسلحين والإرهابيين. على أرضٍ سورية، امتدّت لها ذراع الإرهاب فكان لا بدّ من قطعها.
ما عاد من صوتٍ يعلو على صوت المعركة… وصلت الدبابات السورية لتدخل محرّرة أرضاً دخلها وكيل صهيون، بديلاً عن نمل أزرق. فقضى البواسل على النمل الأسود، وسيكمل مهما تعدّدت ألوانه…
ما يحدث على أرض الجولان اليوم، هو في العلوم العسكرية أكبر من عملية وأقلّ من حرب، هذا حقيقي. لكنه جزء من حالة استعادة الأرض والقضاء على الإرهاب من جهة. والثانية تلقين العدو درساً أن من استخدمهم عملاء لصالحه، ليسوا سوى أوراق ذرتها الريح باتجاههم، لأنّ أوراق الشجر الصفراء تنتهي في مكبّ القمامة.
سورية ولبنان في جبهة، تعلمنا أنها واحدة في المسار والمصير… موحدة قوتها، على الأرض الجيش العربي السوري والمقاومة، وفي الفضاء طائرة استطلاع تحلق عشرين دقيقة، لتسجل طلعة جديدة في اختراق الأجواء فوق فلسطين المحتلة.
العدو يستنفر قواته على طول الحدود السورية، يضرب أخماسه بأسداسه، يدور حول نفسه، دخل في متاهة لن يخرج منها إلا مدحوراً مخذولاً، إنْ لم تكن القاضية.
تغيّرت قواعد الاشتباك، أرض الجولان مفتوحة إلى أقصى مدى، لم يعد من سبيل غير استئصال المتآمر الأصيل الذي أسفر عن وجهه بصفاقته المعهودة، والذي دعم الإرهاب بشكل واضح، ومع الأسف تسانده أنظمة عربية، متنكرة لأصلها.
مزقت الأمة كلّ ممزق، وأصبح الفكر العربي أكثر تشتتاً وضياعاً، إلى درجة أصبحنا نشك بأنّ ما تربّينا عليه من عنفوان وإباءٍ ومفردات بلا نهاية ما هي إلا وهم وسراب.
كلّ مرتزق مأجور يأتي من أطراف الأرض، يُأَمِّر نفسه ويشكل أمارة يستخدم فيها أبناء الأرض لخدمته وحراسته، ويقود له بنات جلدته إماءً وملك اليمين. شلت يمينكم أيها الخونة المتخاذلون ألم يبق ذرة مما دعوناها يوماً نخوة، تشظّت مثل كلّ شيء.
لن يبق الحال إلا كما ترسمه المقاومة والجيش العربي السوري، والقضاء على الإرهاب أولوية كما تحرير الجولان، سعينا إلى السلام خشية على من دم أبنائنا، اليوم شهداؤنا بالآلاف، ما عمّرناه بعرقنا ودمائنا وأموالنا طاله الإرهاب وطيران التحالف.
الحرب مفتوحة اليوم مع العدو الصهيوني ووكلائه وعملائه، داخل أرضنا وعلى الحدود، ظنوا أنهم أخافوا الشباب عندما أحرقوا معاذ الأردن، نسوا أنه ابن الأرض
سيجنون ما جنت على نفسها براقش، كلّ أبناء الوطن اليوم تحت السلاح فإما النصر أو النصر كما قال الرئيس بشار الأسد. فلا ثالث مهما عظمت التضحيات.