تقرير
نشرت صحيفة «كوميرسانت» الروسية موضوعاً يتعلق بالأوضاع التي يعيشها اليمن هذه الأيام، وتتساءل: هل يتحول هذا البلد إلى ساحة للصراع بين السعودية وإيران؟
جاء في المقال: تستمر محاولات المبعوث الرسمي للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر، الرامية إلى اقناع أطراف النزاع بالجلوس إلى طاولة الحوار، لمنع نشوب الحرب الأهلية في أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية.
وبعد الانقلاب الذي نفّذته حركة «أنصار الله» الشيعية، أصبحت الأوضاع في اليمن خارج نطاق السيطرة. وأعلن الانقلابيون عن تشكيل مجلس رئاسة موقت غالبية أعضائه من الحركة. إن تغيّر السلطة في اليمن قد يؤدّي إلى تقويض موقف المملكة السعودية كقوة إقليمية في المنطقة، ويعزّز موقف منافستها الجيوسياسية ـ إيران.
وقدّم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي استقالته في نهاية كانون الثاني الماضي، تحت ضغوط حركة «أنصار الله»، التي سبقها محاصرة الحركة القصر الرئاسي واختطاف رئيس الديوان الرئاسي لاتهامه بإجراء «تغييرات غير قانونية» في نصّ الدستور الذي وضعته الحركة.
وتشير بعض المصادر في العاصمة اليمنية صنعاء، إلى أنّ الحوثيين كانوا مستعدّين لرفع الحصار عن القصر مقابل منحهم الحقائب الوزارية الرئيسة، وأن يكون لهم نائب لرئيس الجمهورية ونائب لرئيس الحكومة، وضمّ 50 ألف مقاتل منهم إلى القوات المسلحة، و«تسوية النزاع» في شأن محافظة مأرب النفطية، التي تعني سيطرة حركة «أنصار الله» على مأرب، حيث المعارك مستمرة بينها وبين عناصر حركة «القاعدة».
ويقول الخبير في الشؤون اليمنية، ليونيد إيسايف، «بعدما علمت قيادة الحركة بنيّة الرئيس هادي إنزال القوات المسلحة إلى الشوارع وطرد عناصرها من العاصمة، أسرعت إلى احتلال القصر. وكانت هذه بداية مرحلة جديدة في النزاع اليمني».
لم تجر استقالة الرئيس، ورئيس الحكومة المكلف خالد محفوظ بحاح وكبار المسؤولين وفق القوانين السارية، التي بموجبها يحق للبرلمان الذي حله الحوثيون، النظر في هذه الاستقالات.
من جانب آخر، يقدم الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح الدعم العسكري للحوثيين. ويشير هذا الدعم إلى أنّ الواقع فرض على الطرفين المتخاصمين سابقاً التعاون لبلوغ أهدافهما. وأعلن صالح في المؤتمر الاستثنائي لحزبه «المؤتمر الشعبي العام»، أنّ القوات المسلحة الموالية له ستقف إلى جانب الحوثيين في حال تصاعد النزاع.
هذه التغيّرات على الساحة اليمنية اعتبرها سكان الجنوب السنّة تهديداً لهم، وأعلنوا استعدادهم لمقاومة أي محاولة للحوثيين لفرض سلطتهم على جنوب البلاد.
إضافة إلى هذا، لا تعترف أي دولة في العالم بالسلطات اليمنية الجديدة، وقد انتقدتهم هيئة الأمم المتحدة بشدة وكذلك جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي.
جيران اليمن يعانون حالياً من اضطرابات سياسية، وهذا يصب في مصلحة الشيعة. ويقول ليونيد إيسايف: «السلطات السعودية حالياً مهتمة بمشاكلها الداخلية بعد وفاة الملك عبد الله، وليس لديهم ما يكفي من القوة والوقت للاهتمام بما يجري في اليمن». كما ان الحالة الصحية لسلطان عمان، قابوس بن سعيد، سيئة جدّاً، إضافة إلى أنّ للسلطنة علاقات وثيقة غير معلنة مع إيران، ما يمنعها من التهجم على الشيعة.
الدولة الوحيدة التي تنشط في المنطقة هي قطر، التي تقدّم الدعم المالي لحزب «الاصلاح الإسلامي» الخصم العنيد لحركة «أنصار الله». ولكن «الاصلاح» لم يبرّر الآمال، إذ تمكنت الحركة من طرد قيادته إلى خارج البلاد.
يربط الخبراء نجاحات الشيعة في اليمن بالدعم من جانب إيران، المنافس الجيوسياسي الرئيس للملكة السعودية في المنطقة. وبحسب رأيهم، فإن حركة «أنصار الله» هي توأم لحزب الله اللبناني المدعوم من إيران. لذلك، إذا تدخلت إيران بصورة مكشوفة في هذه المنافسة، فلن تقف المملكة السعودية مكتوفة الأيدي. أي أنه في هذه الحالة، سيؤدّي تعزيز مواقف الشيعة في اليمن إلى زعزعة استقرار الأوضاع، ليس فقط في شبه الجزيرة العربية، إنما خارج حدودها.