ثورة البحرين … الربيع الحقيقي

عامر التل

أدّى انشغالنا بالحرب التكفيرية التي يشنّها قطعان «النصرة» و«داعش» وغير ذلك من التنظيمات الإرهابية المتأسلمة في بعض كيانات المشرق، إلى عدم الاهتمام بثورة أهل البحرين التي تعرّضت للظلم والتعتيم، ونعتها بنعوت لا علاقة لها بالواقع.

فقد جاء ما يسمّى «الربيع العربي» وشوّه مفهوم المعارضة وأصبحت في عقل المواطن مرتبطة بأجهزة استخبارات عدوّة، ولا علاقة لها بمصالح الشعب والبلد، وسعت «معارضات الربيع العربي» وما تزال إلى تدمير أوطانها تحت شعارات زائفة. وأصبحت مفاهيم مثل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، كلمات سرّية تعني الغزو والاختراق والتدمير. فجاءت ثورة البحرين لتعيد إلى مفهوم المعارضة معناه الحقيقي، فالتزمت ومعارضتها بالسلمية طوال السنوات الأربع الماضية، ولم تلجأ للتدمير والتخريب والقتل، ولم تتبنَّ شعار «الشعب يريد إسقاط النظام»، بل طالبت بالإصلاحات في النظام، وبأبسط حقوق المواطَنة نصرةً للمستضعفين. ولكن النظام البحريني لجأ إلى العنف والاستعانة بحلفائه للقضاء على الثورة الملتزمة بالثوابت الوطنية، والتي عبّرت عنها بمطالبها المحقة وطريقة إدارتها الثورة.

وعلى رغم الاعتقالات وسحب الجنسية والعنف المؤدّي إلى القتل الذي قابل به النظام البحريني الثورة، فقد التزم الثوار بالسلمية الحقيقية لا «المزيفة»، السلمية التي اتشحت بالورود، بينما رأينا في دول أخرى أسلحة المتظاهرين المهرّبة التي أغرقت البلاد بالدماء. فأهل البحرين لم يلجأوا إلى العنف، ولم «يستجيروا» بالأجنبي لتدمير بلدهم، ولم ينزلقوا إلى الفتنة المذهبية، وإلى تفتيت الوحدة الاجتماعية لشعب البحرين. هذه الثورة تستحق أن يقال عنها إنّه ربيع حقيقيّ يزهر ياسميناً، ونخيلها شامخ وشاهق، سيبقى عصياً على الفتنة والقتل والتدمير.

ومهما حاول النظام البحريني، فلن يستطيع أن يستمر في تماديه الظالم تجاه الشعب، ولا بدّ أن ينصاع لإرادة الشعب في نهاية المطاف.

وبشهادة الجميع، فإن الحراك السلمي للشعب البحريني خلا من أيّ حركة عنفية على رغم إفراط النظام وقواته في استخدام العنف بكلّ أشكاله. وهذا الواقع أصبح ملموساً لدى الرأي العام، ويحرج حماته، خصوصاً الغربيين الذين يتغنون زيفاً بالديمقراطية وحرّية الشعوب، إذ تعرّيهم وتظهرهم على حقيقتهم بأنهم من أشدّ المساندين للأنظمة المستبدة والدكتاتورية.

ومهما مارس النظام البحريني من سياسات البطش والتنكيل والاعتقال، فلن يحقّق ما يرجوه منها، لأنّ إرادة الشعب أقوى من كلّ بطشه وقتله. وعلى كل الأحرار في العالم المطالبة برفع يد البطش والتنكيل والقمع عن حرّية التعبير التي هي من أبسط الحقوق الإنسانية، إذ لا دولة في العالم تدّعي الديمقراطية في حين تمنع المواطنين من أبسط حقوقهم.

وعلى رغم كلّ هذا، لم نسمع من المدافعين عن حقوق الانسان أيّ موقف يعبّر عن احتجاجه، أو مطالبته النظام البحريني بوقف الاعتقالات والعنف. ولم نسمع ممّن يدّعي أنّه إعلام حرّ أيّ خبر أو تغطية إعلامية لما يجري في البحرين. نسمع فقط وجهة نظر النظام: إنها أعمال شغب واحتجاجات طائفية! على رغم أن قياداتها معروفة المواقف، ونبيلة القيم، ونظيفة الخطاب.

لشعب البحرين التحية، ونعتذر لعدم إعطائكم الاهتمام الذي تستحقّه ثورتكم المباركة .

رئيس تحرير «شبكة الوحدة الإخبارية» في الأردن

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى