سورية تصدح غناءً وموسيقى… تثبيتاً لإرادة الحياة
كتب محمد سمير طحان سانا : تخطو المغنية بشرى محفوض خطوات مدروسة وثابتة، مقدمة نفسها إلى الجمهور السوري كمغنية متمكنة، قادرة على أداء أصعب أنواع الغناء الشرقي، متسلحة بالمعرفة الأكاديمية والموهبة الفريدة، وأحيت أمسية مميزة في دار الأوبرا غنت خلالها مجموعة أغانٍ لعمالقة بينهم محمد عبد الوهاب ورياض السنباطي، فنالت إعجاب الحاضرين على تنوع أذواقهم.
عن أهمية الدراسة الأكاديمية تقول المغنية الشابة: «إن الدراسة الأكاديمية صقلت موهبتي وعرّفتني على أنماط الغناء، فدراستي في المعهد لم تقتصر على الغناء الشرقي فحسب، بل كان لي الحظ أيضاً بدراسة الغناء الأوبرالي. طموحي كبير جداً، وحصولي على الإجازة بالموسيقى هي البداية، وأسعى إلى تأسيس فرقة خاصة بي. استطعت تحقيق هذا الحلم في حفل دار الأوبرا السنة الفائتة، وتابعت التحضير لهذه السنة فأحيت حفلاً ثانياً في الدار»، مؤكدة سعيها إلى تحقيق النجاح في بلدها ونيل محبة الجمهور السوري ثم الانطلاق نحو الجمهور العربي.
حول الأمسية التي قدمتها حديثاً في دار الأوبرا توضح محفوض أنّه أعدّ لتعريف الجمهور السوري بأغاني العمالقة وإعادة إحيائها بصوتها، إذ تفكر دوماً في أداء الأغاني والقصائد الصعبة في شكل سليم وتوزيع جديد.
تطالب محفوض بجهة تقدر موهبتها وتتبناها، مثل شركة إنتاج، كي تقدمها إلى الجمهور بالصورة الملائمة، كاشفة أن نقابة الفنانين لا تمنحها كفنانة منتسبة إليها أي دعم أو أي فائدة، والمكان الوحيد الذي تتكمن فيه من لقاء الجمهور بطريقة ملائمة ولائقة هو دار الأوبرا، وهذا ليس كافياً في تعبيرها.
لدى المغنية محفوض أغنية خاصة جاهزة للتسجيل وتتواصل على نحو دائم مع عدد من الكتاب والملحنين السوريين لتختار ما يناسبها من الأغاني ضمن الفئة الطربية والكلمة الجميلة، وترى أن الكوادر الموسيقية السورية قادرة على إنتاج أغنية عربية مهمة في هذا المجال الغنائي. وعن الأغنية السورية تضيف: «يا للأسف، الأغنية السورية غير موجودة إذ لا نمتلك شركات إنتاج تدعمها، ولو أراد المغني السوري الانتشار عربياً والوصول إلى الجمهور فهو مضطر إلى البحث عن فرصته خارج سورية، على أمل أن تتبناه شركة إنتاج فنية عربية، رغم أن لدينا قدرات فنية مهمة جداً تفوق إلى حد كبير نجوم الوطن العربي، وما ينقصهم هو الإنتاج والدعم الإعلامي».
لم تقبل محفوض العروض التي أتتها للمشاركة في برامج المواهب على الفضائيات العربية، لعدم إيمانها بقدرة هذه البرامج على إعطاء المواهب الحقيقية ما تستحقه. وترى أن الفيديو كليب هو أهم وسيلة لانتشار الفنان، فالصورة أمست أهم من الصوت في هذا الزمن، ومن المهم جداً في رأيها أن تمتلك المغنية حضوراً أنيقاً وجميلاً وفي المقام الثاني يأتي الصوت والأداء!
في شأن ما تقدمه المؤسسة الثقافية والإعلامية الرسمية إلى المواهب الغنائية الأكاديمية تقول خريجة المعهد العالي للموسيقا إن المؤسسات الإعلامية والثقافية تقدمنا بصورة راقية وتتيح لنا لقاء جمهورنا في دار الأوبرا، وهي أهم مؤسسة توفّر الدعم للمغنين والموسيقيين الأكاديميين.
تعبر المغنية الشابة ختاماً عن تفاؤلها بمستقبل الأغنية السورية قائلةً: «أسعى دائماً إلى الإرتقاء بالأغنية السورية وتقديمها في أفضل صورة. إن لم يوجد الفن في سورية لن يوجد في أي مكان من العالم».
بشرى محفوض خريجة المعهد العالي للموسيقى، قسم الغناء الاوبرالي، مغنية صولو في العديد من الفرق الموسيقية بينها «جسور» و»قصيد» و»الفرقة الوطنية للموسيقى العربية» و»أمية» وكورال الحجرة والكورال الكبير للمعهد العالي للموسيقى، وأحيت العديد من الحفلات داخل سورية وخارجها .
فرقة «طرب دهب» تعيد الألق إلى الأغنية العربيّة
تعيد فرقة «طرب دهب» بقيادة المايسترو براق تناري، إحياء الطرب العربي الأصيل في قالب موسيقي جديد، من خلال أداء مميز لمجموعة من العازفين والمغنين السوريين وأمسيات موسيقية غنائية راقية معدة بطريقة احترافية في عدة محافظات. ولا يقتصر عمل الفرقة على إقامة الأمسيات في دمشق فحسب، بل هي تجوب مختلف المحافظات السورية وأحيت في الفترة الأخيرة أمسيتين مميّزتين في المركزين الثقافيين في طرطوس واللاذقية، وتليهما أمسيات في كل من حماة والسويداء.
عن عمل الفرقة التي ولدت العام الفائت ومشروعها الفني يقول قائد الفرقة الموسيقي تناري: «إن تأسيس الفرقة تمّ بهدف تسليط الضوء على الموسيقى الشرقية والغناء العربي الأصيل لتقديم الحضارة العربية والسورية إلى العالم بقالب موسيقي جديد وجذاب، خاصة إلى الجيل الشاب الذي ابتعد عن الموسيقى العربية لمصلحة الموسيقى الغربية والسريعة. تلقينا كامل الدعم والتسهيلات من وزارة الثقافة لإنشاء الفرقة والإعداد للعمل، من خلال توفير الإمكانات كافة، من مكان التدريب إلى إحياء الحفلات والأمسيات في عدة محافظات. إنّدعم الوزارة يعكس ايمانها بقيمة العودة إلى الأصالة الفنية الموسيقية وتقديم أعمال راقية تعكس حضارتنا وقدرات موسيقيينا».
يوضح تناري سعيه إلى إعادة تقديم عدد من الأغاني الجميلة للعمالقة، مثل أم كلثوم وعبد الوهاب ونجيب السراج وآخرين، في قالب موسيقي جديد يهب هذه الاعمال سمة المعاصرة ولا يفقدها رونقها وأصالتها، معتبرا أن كونه ابن جيل شاب مكنه من فهم ما يحتاج إليه هذا الجيل موسيقياً، بعيداً عن الإغراق في الرومانسية الكلاسيكية التي اتسمت بها تلك الأغاني. ويؤكد أنه فوجئ بعدد المعجبين من الشبّان والفتيان صغار السن بما تقدمه الفرقة، فضلاً عن الجمهور الأكبر سنا بما سمعوه وأعادهم للزمن الجميل، فكان التقبل من مختلف فئات المجتمع العمرية لهذا العمل الموسيقي وهو ما تسعى فرقة «طرب دهب» إلى تقديمه.
تضم الفرقة اثنين وثلاثين عضواً بين عازفين موسيقيين محترفين ومغنين مميزين، وقدمت في طرطوس واللاذقية برنامجاً جميلاً أمتع الحضور وأخذهم إلى عالم من الطرب والأصالة إذ أدت المجموعة موشحات أندلسية فيما قدم المغني حسام اللبناني بصوته المتمكن الجميل وصلة من الطرب الحلبي وأغنية «عندما يأتي المساء» لمحمد عبد الوهاب وقدمت المغنية لميس خوري بصوتها الرخيم أغنية «سليمى» لنجيب السراج وأغنية «عودت عيني» لأم كلثوم وغنت ميرنا ملوحي بصوتها الصافي أغنية «سألوني الناسط لفيروز وأغنية «يا حبيبي تعال الحقني» لأسمهان فصفق الجمهور لهم طويلاً.
المغنية الشابة ميرنا ملوحي تقول إن هدف هذه الحفلات في الظروف الصعبة التي نعيشها «أن يشعر الناس بأننا ما زلنا على قيد الحياة وقادرين على الاستمرار في عملنا وتقديم الفرح والفن، لأننا شعب يستحق الحياة وقادر على أن يحيا مثلما كان دائما ويقدم إلى العالم كل ما هو حضاري وجميل.
موضحة أن عمل الفرقة في هذا الوقت لقي كامل الدعم من وزارة الثقافة ودار الأوبرا التي أمنت مكاناً للتدريب للحفلات، وهذا يستحق التحية لكل من يساهم في زرع الفرح والسعادة في قلوب السوريين. وتعبر عن فرحها بتقبل الجمهور ما تقدمه الفرقة/ «نعمل على تقديم الطرب العربي الأصيل في قالب موسيقي جديد ونتوجه إلى أوسع فئات من المجتمع. تحقق ذلك من خلال ما لاحظناه في الحفلات التي أحييناها، فالناس استمتعوا وصفقوا طويلاً وهذا أمر مفرح ومشجع على تقديم المزيد في المستقبل القريب».
الجدير ذكره أن فرقة «طرب دهب» تحيي في الثاني والعشرين من الجاري أمسية في المركز الثقافي في السويداء، وفي السادس والعشرين منه أمسية في المركز الثقافي في حماة.
المايسترو براق تناري من مواليد حلب عام 1980، تخرج في المعهد العربي للموسيقى عام 1995 عازفاً على آلة الكمان، وهو عضو في نقابة الفنانين السوريين ومصنف فيها عازف كمان وموزعاً موسيقياً وقائد فرقة موسيقية.