أوكرانيا: هل يصمد قرار وقف إطلاق النار الجديد؟

حميدي العبدالله

الاتفاق على وقف إطلاق النار في أوكرانيا الذي تمّ التوصل إليه في قمة مينسك التي جمعت الرئيس الروسي والرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية هل يجد سبيله إلى التنفيذ، وهل يتمّ استكمال تحقيق التسوية التي تضمّنها البيان الختامي للقمة الذي تمّ الاتفاق عليه بحضور الرئيس الأوكراني؟ الأرجح أنّ الجواب سلبيّ على هذه الأسئلة. فوقف إطلاق النار جاء إثر تقدّم حققه أنصار الفيدرالية وسعيهم إلى تحرير المزيد من المناطق الواقعة شرق أوكرانيا. وكان واضحاً أنه إذا لم يتمّ وقف إطلاق النار، أو على الأقلّ الحدّ من زخم العمليات العسكرية، فإنّ هزيمة كبيرة ستلحق بالجيش الأوكراني، وسيترتب عليها تداعيات كثيرة. وجاء قرار وقف إطلاق النار بمبادرة وسعي من فرنسا وألمانيا للحؤول دون مثل هذا التطوّر في الوضع الميداني.

لكن من الملاحظ أنّ التطورات السياسية والميدانية التي أعقبت إعلان الاتفاق تشير إلى احتمال انهياره السريع، بل أكثر من ذلك أنّ أكثر من مسؤول فرنسي وألماني شاركوا في القمة قللوا من أهمية الاتفاق، وشككوا في إمكانية تحوّله إلى خطة تسوية تنهي النزاع داخل أوكرانيا وتحدّ من توتر العلاقات بين روسيا والغرب.

أولى التطورات السياسية إقدام الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات جديدة على روسيا بعد انتهاء أعمال القمة، وبديهي أنّ هذه رسالة سلبية لن تشجع روسيا على بذل جهود استثنائية لإقناع أنصار الفيدرالية الالتزام بما تمّ التوصل إليه في قمة مينسك، ولو كان الغرب، وتحديداً الاتحاد الأوروبي، حريصاً على تنفيذ قرارات قمة مينسك لأرجأ عقوباته ضدّ روسيا، وشجعها على ممارسة المزيد من الضغط على حلفائها في شرق أوكرانيا للالتزام بما تمّ التوصل إليه في القمة.

ولكن اتخاذ عقوبات بحق روسيا لن يدفعها إلى القيام بذلك، وإذا ما فشل وقف إطلاق النار فإنّ المسؤولية تقع على عاتق الأوروبيين وليس على عاتق روسيا.

ثاني هذه التطورات إصرار أنصار الفيدرالية على استعادة بعض المواقع التي كان قد سيطر عليها الجيش الأوكراني، ومعروف أنّ قادة المقاطعات الشرقية رفضوا في السابق الكثير من النداءات الروسية عندما لم تكن هذه النداءات تتطابق مع مصالحهم وروايتهم السياسية، حدث ذلك عندما ناشدهم الرئيس الروسي تأجيل الاستفتاء على الانفصال وعدم إجراء انتخابات منفصلة، ورفض قادة المقاطعات الشرقية نداءات الرئيس الروسي، وهذا يعني أنّ قادة هذه المقاطعات الذين تربطهم علاقات وطيدة مع روسيا ليسوا في المقابل أداة طيّعة بيد الحكومة الروسية، فلديهم تطلعاتهم ومصالحهم الخاصة التي يدافعون عنها بقوة ولن يتراجعوا عنها تحت أي ظرف.

في ضوء هذه التطورات السياسية والميدانية من المرجح أن تنهار التسوية التي تمّ التوصل إليها في قمة مينسك وتلحق ما سبقها من اتفاقات لم تؤدّ إلى وقف الحرب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى