الجيش السوري ينجح جنوباً بتكريس الردع بالخروج «الإسرائيلي» ويستدرج القوات الخاصة التركية للانكشاف في معارك الشمال

كتب المحرر السياسي:

في قراءة للوضع العسكري في شمال سورية، والسرعة في إقرار الاتفاق التركي – الأميركي تحت عنوان تسليح وتدريب مقاتلين للمعارضة السورية، رأت مصادر سورية أنّ الأمر مكشوف كمحاولة للتغطية على التدخل العسكري التركي عبر مجموعات بالمئات من الوحدات الخاصة التركية، تحت غطاء ناري كثيف من المدفعية التركية، قامت منذ ليل أول من أمس بالتسلل إلى الأراضي السورية، تحت أعلام وحدات منقرضة من المعارضة.

الخبراء في الشؤون الاستراتيجية يرون أنّ الجيش السوري الذي رسم لحركته جنوباً وشمالاً أهدافاً محدّدة، ليست قضيته المواقع الجغرافية التي تتمّ استعادتها كمقام أول، فهذه على أهميتها أهداف تكتيكية، الهدف الاستراتيجي يبقى لحرب الجنوب، تثبيت نتائج الردع، بتكريس الخروج «الإسرائيلي» من الحرب السورية، فتندفع مئات الدبابات في السهول والتلال وآلاف الجنود، ولا تتجرأ «إسرائيل» أن تتدخل أو تحرّك ساكناً، بينما كانت تتولى التحرك العنيف والسريع رداً على طلقة مدفعية واحدة تستهدف مواقع الجماعات المسلحة، واليوم تتلقى الاستغاثات من هذه الجماعات وتردّ بالاعتذار عن التدخل.

أما في الشمال فالجيش السوري يدرك اختلال التوازن لحسابه، لكنه يدرك أنّ إحكام الحصار على الأحياء التي يسيطر عليها المسلحون في مدينة حلب، وإغلاق طرق الإمداد والتواصل بينها وبين الحدود التركية، يعنيان نهاية الدور التركي في سورية، حيث حسم أمر المدينة وفقاً لخطة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا سيصير حتمياً باعتباره أهون الشرور بالنسبة إلى المسلحين، والريف في حساب الحرب النظامية سيكون أسهل على الجيش من المدينة، لذلك ما لم تتدخل تركيا اليوم فلن تقوم لها قائمة بعده، إذاً لا بدّ من انتظار التدخل، واستفزازه، ومراقبته ورسم حدوده واستقراء سقوفه، وخوض حرب الردع ضدّه بالطريقة المناسبة، لإخراجه نهائياً من المعادلة السورية، وبعدها يصير كلّ شيء بطريقة مختلفة.

موقع «مون أوف الاباما» النخبوي الأميركي المعروف بدقة تقاريره وتحفظه المهني وقربه من مراكز القرار العسكري الأميركية، نشر ليلاً تقريراً مفصلاً عمّا سمّاه تدخل الوحدات الخاصة التركية في شمال سورية.

وجاء التقرير تحت عنوان: «قوات خاصة من تركيا تهاجم الجيش العربي السوري»، أنّ «الجيش العربي السوري حاول الإغاثة في القرى المحاصرة من المتمرّدين من نبل إلى الزهراء وإغلاق الممرّ بين مدينة حلب والحدود التركية إلى الشمال». سيطرت القوات على ثلاث قرى وأغلقت تقريباً الفجوة في حلقة الحصار حول جميع أحياء حلب ولكن مرة أخرى، برزت مفاجأة عسكرية باندفاع سريع هجومي من قبل المئات من الأعداد القادمة من اتجاه الحدود التركية».

يضيف التقرير، «السمة المميّزة لـ»شراسة» معركة الأمس كانت الدعم التركي للجماعات المسلحة، كما يتضح من نقل المقاتلين والإمدادات العسكرية من داخل تركيا إلى الريف الشمالي في حلب، بينهم مقاتلون قوقاز ينتمون مباشرة إلى الاستخبارات التركية».

ويقول التقرير «ليست هذه هي المرة الأولى التي تتدخل تركيا بنشاط في سورية. صدرت مؤخراً وثائق المحكمة التركية، وفيها إفادات ضباط وقفوا على رأس المساعدة اللوجستية، وقدموا دعماً مباشراً بنيران المدفعية إلى المتمرّدين في العديد من الحالات».

ومما يقوله التقرير: «هناك تقارير جديدة تفيد بأنّ الولايات المتحدة تخطط لإعطاء أجهزة الراديو للمتمرّدين، ومعدات أخرى للاتصال في غارات جوية خاصة للأكراد. ولكن أعطت الولايات المتحدة بالفعل هذه المعدات إلى بضعة من المقاتلين الأكراد مختارة في كوباني لاستخدامها ضدّ تنظيم «الدولة الإسلامية ـ داعش»، ومن غير المتوقع أن يسمح بوصول هذه المعدات إلى مقاتلي المعارضة السورية، كما أنّ الولايات المتحدة تقول إنها ستقوم حقاً بتدريب أو تجهيز المقاتلين المناهضين لسورية المعارضة المعتدلة ، ومن غير المتوقع حدوث ذلك، وكان بين أكبر جماعات الضغط لمثل هذا التسليح سفير الولايات المتحدة السابق لدى سورية روبرت فورد. وقد تغيّر اليوم بالطبع وهو من يقول: «إنه لا وجود «للمعتدلين» الذين يمكن أن تكون منهم قوة مسلحة في شكل معقول».

ووفقاً للتقرير «اتهم فورد المتمرّدين بالتعاون مع جبهة النصرة، التابعة للقاعدة في سورية، فيما أعلنتها الولايات المتحدة منظمة إرهابية منذ أكثر من عامين، وقال إنه يأسف حقيقة أنّ الجماعات المتطرفة تحكم الآن في معظم المناطق خارج سيطرة النظام السوري».

وفي التقرير قال فورد: «كان جزءاً من المشكلة أنّ الكثير من المتمرّدين – وأسيادهم في تركيا وقطر – أصرّ علينا على القبول بأنّ كتائب النصرة كانت وليدة الظروف المحلية، في حين أنها في الواقع كانت تتبع تنظيم القاعدة».

ويرى التقرير أنّ الرهان على معارضة معتدلة خسر، ومع دعم فورد وجماعات الضغط المعارضة السورية وأصدقائهم في إدارة أوباما لن تكون المعارضة قادرة على الحصول على دعم الولايات المتحدة كما يريدون.

ويختم التقرير «فورد كان محقاً حين قال إنّ هناك حاجة إلى قوة برية لانتزاع سورية من الجهاديين». ويجيب التقرير أنّ «القوات البرية موجودة بالفعل. هذا هو الجيش العربي السوري وحلفاؤه»، ولكن «عندما يرسل عضو حلف شمال الاطلسي وحليفة الولايات المتحدة – تركيا مئات من القوات الخاصة لدعم الجهاديين في نصب الكمائن وارتكاب المجازر من دون الحصول على رفض من واشنطن سيصير الوضع أشدّ خطورة».

مصادر المعارضة التركية وصفت التدخل العسكري في شمال سورية بداية تورّط لن تتمكن حكومة أردوغان من تغطيته والتستر على نتائجه، متوقعة ان يتراجع كما حدث يوم سقوط الطائرة التركية بواسطة الدفاعات السورية.

في لبنان المتابع عن كثب لتطورات المنطقة، الحوارات المستمرة تشيع أجواء التفاؤل، بينما الترقب لعودة ملف سلسلة الرتب والرواتب إلى الواجهة مجدّداً مع الإعلان عن الإضراب العام في الخامس من شهر آذار المقبل.

سلسلة الرتب والوراتب إلى الواجهة مجددا

وسط الجمود السياسي والتشريعي الحاصل، عادت سلسلة الرتب والرواتب إلى دائرة الضوء، لا سيما بعد عودة هيئة التنسيق النقابية إلى التلويح بالإضراب العام مجدداً في شهر آذار المقبل، من جهة، ومن جهة أخرى، الكشف عن «خديعة» تعرّضت لها نقابة المعلمين في المدارس الخاصة في ما يتعلق بوحدة التشريع في القطاعين العام والخاص.

وموضوع السلسلة كان محور لقاءات وزير التربية الياس بو صعب أمس مع ممثلي المعلمين. وأكد لنقابة المعلمين في المدارس الخاصة ولرابطة أساتذة التعليم المهني والتقني، انه يواصل اتصالاته مع المسؤولين لإقرار سلسلة الرتب، وأشار إلى «أن اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس النواب نبيه بري الأسبوع الماضي ركز على ضرورة إقرار السلسلة، وأنهما توافقا على ضرورة إنصاف المعلمين، فالوضع الاقتصادي يحتم علينا أن نصل إلى مرحلة نقرّ لهم سلسلة تؤدّي غرضها، وأنّ موعداً سيحدّد لهم قريباً للقاء الرئيس بري».

وشدّد بو صعب على ضرورة عدم المزج بين العملين النقابي والسياسي، وأنه مستمرّ في دعمه الأساتذة للحصول على حقوقهم، لكن «من دون أن يتأثر العام الدراسي، فنحن نريد إجراء امتحانات رسمية وإصدار نتائج». وتوافق عدد من الأساتذة مع وزير التربية على «أنّ الإضرابات التي سيقومون بها ستكون موجهة وتؤدّي غرضها بطريقة مدروسة لا عشوائية أو استعراضية».

وعلمت «البناء» من مصادر المجتمعين في نقابة المعلمين في المدارس الخاصة مع الوزير بو صعب «أن نقيب المعلمين نعمة محفوض تفاجأ أثناء النقاش حول السلسلة بأن ّبند وحدة التشريع بين التعليم الرسمي والخاص الذي كان قد اعتقد أنه أقرّ في آخر جلسة للجان المشتركة، لم يقرّ، وأنّ ما حصل لم يكن أكثر من إعلان نيات عبّر عنه نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري. وعندها شرح الوزير بو صعب حقيقة ما جرى في جلسة اللجان المشتركة التي كانت مخصصة لدرس السلسة وإقرارها، موضحاً أنّ نصاب الجلسة يومذاك فقد عندما وصلنا إلى التصويت.

ولفتت المصادر إلى «أنّ وقع الخبر كان مرّاً على محفوض الذي «بق البحصة»، مشدّداً على «أنّ هذه المعلومات التي أحاطهم بها الوزير بو صعب تؤسّس لثورة على مستوى أساتذة التعليم الخاص».

وبعد اللقاء مع بو صعب عقدت هيئة التنسيق النقابية اجتماعاً ناقشت خلاله المواضيع التي طرحت في اللقاء وقرّرت عقد مؤتمر صحافي يوم الخميس المقبل، تشرح فيه نتائج الاتصالات التي ستجرى مع المسؤولين، وعلى رأسهم الرئيس بري ورئيس الحكومة تمام سلام، بحضور الوزير بو صعب.

كما قرّرت دعوة مجالس المندوبين والجمعيات العمومية في الهيئات المنضوية ضمن هيئة التنسيق النقابية للتصويت على الإضراب العام والاعتصام يوم الخميس 5 آذار المقبل، في حال لم تفضِ الاتصالات إلى نتائج إيجابية.

الآلية ترواح وسلام يسافر

سياسياً، راوح موضوع آلية العمل الحكومي مكانه، إذ أكدت مصادر وزارية لـ»البناء» ان لا جديد في الموضوع الحكومي بانتظار عودة الرئيس سلام من روما التي وصلها في زيارة خاصة، واستكمال اتصالاته مع المعنيين»، مشيرة إلى «أنّ أيّ تغيير قد يحصل لن يكون جذرياً في آلية العمل».

وهذا الموضوع بحثه الرئيس بري في عين التينة مع وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور الذي أشار إلى أنّ موقفي الرئيس بري ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط متطابقين بأنه «يجب أن يكون هناك تسهيل لأعمال مجلس الوزراء، ولكن لسنا مع الدخول في أي سوابق دستورية جديدة ولا مع الدخول في خلق أعراف دستورية جديدة».

وأضاف: «بحكمة الرئيس سلام وبدعم الرئيس بري وتوافق كلّ الأطراف ووجود الشيخ سعد الحريري، الذي يقدّم جرعة إضافية لهذه التفاهمات، يجب أن نعود إلى إطار تفاهم سياسي، ولكن ليس إلى أعراف دستورية. كلّ الأمور تحلّ بالنقاش في مجلس الوزراء، ولكن أن نقفز من أزمة سياسية في الحكومة إلى إشكال دستوري جديد في هذا الأمر فنحن لا نوافق على ذلك».

باسيل: لهذه الأسباب ذهبنا إلى خصمنا

إلى ذلك، لفت وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل إلى أنّ اللقاء الذي جمع رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون والرئيس الحريري في بيت الوسط «كان جيداً في إطار عملية التفاهم التي نعمل على تركيز دعائمها بين اللبنانيين، وهي كانت سبباً مساعداً في إراحة الوضع في البلد». وقال باسيل قبيل مغادرته إلى أميركا اللاتينية: «إن شاء الله في المستقبل تكون مساعدة أكثر لتفاهمات أكبر داخل الحكومة وداخل البلد، وهذا التفاهم من شأنه أن يوصل إلى كلّ شيء في ما يخصّ رئاسة الجمهورية».

وأكد أنّ «لبنان سيبقى صامداً، وسنبقى نحمل رسالته وندافع عنها في كلّ المحافل الدولية، ومن أجل ذلك نحن نذهب إلى خصمنا السياسي في لبنان ونقيم وإياه صداقة من أجل لبنان، ولذلك كان اجتماعنا مع الرئيس الحريري».

الحريري يربط الاستراتيجية برئاسة الجمهورية

من جهة أخرى، ربط الحريري موضوع الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب بالاستحقاق الرئاسي، لافتاً خلال استقباله السفراء العرب المعتمدين في لبنان إلى «أنّ المدخل الصحيح لوضع هذه الاستراتيجية موضع التنفيذ الجدّي يكون بانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن».

واعتبر: «أنّ أيّ استراتيجية لمكافحة الإرهاب لا تتمّ إلا من خلال الجيش اللبناني والقوى الأمنية والعسكرية الشرعية، التي تتولى مسؤولياتها بجدارة على كلّ الأراضي اللبنانية».

ودعا إلى «قيام استراتيجية عربية شاملة لمكافحة ظاهرة الإرهاب الذي ينتشر في العديد من الدول ويهدّد العالم».

وفي الموضوع الرئاسي أكد البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي بعيْد عودته أمس من الفاتيكان أنّ الأخير «لا يدع فرصة أو مجهوداً إلا ويبذله مع كلّ الدول من أجل انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان». وتعليقاً على ما جرى بين عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من خلال تغريدات على «تويتر»، وعما إذا كان هناك من لقاء قريب في بكركي، قال الراعي: «هما كانا دائماً في بكركي «ويُتًرغِلان» تحت سقفها».

ويترأس الراعي اليوم الاجتماع الشهري لمجلس المطارنة الموارنة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى