جلسة الأربعاء… إمّا فقدان النصاب أو تكرار مشهد الجلسة الأولى

محمد ابراهيم

لا تدلّ المعطيات المتوافرة داخلياً وخارجياً على أن جلسة الأربعاء ستأتي برئيس جديد للبلاد، فالمواقف المحلية لا تزال كما هي منذ رفع الجلسة الأولى، فلا جعجع تراجع عن ترشيحه ولا أعلن مرشحون آخرون صراحة عن ترشحهم في الجلسة المقبلة. وهذا يعني أن السيناريو سيتكرر من دون انتخاب رئيس جديد للبلاد، ويعزز هذا الاعتقاد أيضاً أن المناخات والتطورات الدولية والإقليمية لا تشجع على التكهن بحسم قريب للاستحقاق الرئاسي اللبناني، ولا تدل على أن هذا الاستحقاق وضع في أولويات الروزنامة الإقليمية والدولية.

يدور همس حول إمكان إعلان العماد عون ترشيحه في الجلسة المقبلة، لكن أوساط الجنرال تؤكد استمرار الوضع على ما هو عليه. وبغض النظر عن ترشحه أو عدم ترشحه فإن نتيجة الجلسة لن تتغير لأنّ أيّاً من المرشحين لن يتمكن من الحصول على 65 صوتاً وأكثر، طالما أن النائب وليد جنبلاط باق على موقفه. مع الإشارة إلى أن الجلسة الأربعاء يرجح أيضاً ألا تعقد بسبب عدم اكتمال النصاب.

السؤال الأبرز: ما الذي أراده ويريده سمير جعجع من ترشيحه، وهل سيستمر في هذا المنحى؟

تؤكد مراجع مطلعة أن رئيس «القوات» يدرك قبل الآخرين أن فرصته في الفوز هي صفر، وأنه غير قادر على فرض نفسه مرشحاً جدياً ومقبولاً داخلياً وخارجياً، غير أنه اتخذ خطوته هذه لاعتبارات وأسباب عديدة، وتعزز اندفاعه في اتجاه الترشح بعد الكلام عن صفقة يعدّ لها بين الحريري وعون. وترى المراجع أن جعجع يعرف أنه مرشح نافر حتى في صفوف «14 آذار»، وأن ترشيحه يشكل عبئاً ثقيلاً على حلفائه، لا سيما تيار «المستقبل» الذي واجهت قياداته بعض الأصوات المعترضة التي لا تستطيع تجاهل تاريخه وجرائمه.

لكنه، بحسب المراجع، وضع نصب عينيه الترشح لتحقيق أهداف عديدة لعلّ أبرزها:

1 ـ تأكيد موقعه كرجل قويّ وحيد يمثّل المسيحيين في «14 آذار»، إذ تحقق من ذلك تقاسم النفوذ مع تيار «المستقبل» في هذا الفريق.

2 ـ قطع الطريق على محاولة التوافق بين سعد الحريري والعماد ميشال عون حول الاستحقاق الرئاسي.

3 ـ تحويل المعركة إلى تنافس ثنائي على الرئاسة بين قطبين مسيحيين هما سمير جعجع وميشال عون، ظناً منه أن العالم في الخارج والداخل سينظر إليها على أنها معركة بين «مرشح المحور الإيراني ـ السوري» أي عون، و»مرشح المحور الأميركي ـ الغربي» أي جعجع، وبالتالي فإن الفرصة تكبر عبر توفير المزيد من الأصوات لمصلحته من خلال الضغوط الخارجية التي يفترض أنها ستصبّ في خانته في مثل هذه الحال.

4 ـ يسعى جعجع أيضاً من الترشح وتحويل المعركة ثنائية بينه وبين عون، في ظل معادلة عجز أي من المرشحين على تحقيق الفوز الحاسم، إلى توظيف هذا الترشيح لإزاحة عون والمجيء بمرشح آخر أقل وقعاً عليه وعلى فريقه.

5 ـ يظهر إصرار جعجع على الاستمرار في الترشح بعد الجولة الأولى من الانتخابات وسكوت «المستقبل» أن هناك ما يشبه التنسيق بين الطرفين لإبقاء الأمور على حالها، وبالتالي تعذر انتخاب رئيس الجمهورية في الفترة الباقية من المهلة الدستورية، ما يعني الوقوع لاحقاً في الشغور الرئاسي وتسلم الحكومة الحالية زمام الأمور.

تقول مصادر سياسية في هذا الشأن إن عناد جعجع في إبقاء ورقة ترشيحه يشكل عاملاً أساسياً في الذهاب إلى الفراغ الرئاسي، وضرباً لكل الدعوات إلى انتخاب رئيس الجمهورية ضمن المهلة الدستورية، لا سيما تلك التي يردّدها البطريرك الماروني. كما ترى أن الكرة في ملعب «14 آذار» عامة وتيار «المستقبل» خاصة، فمن يتحمل مسؤولية هذا الوضع لن يكون جعجع وحده بل كامل الفريق الذي أيده ويؤيده، والذي قدمه مرشحاً وحيداً له.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى