تقرير
كتب جدعون ليفي في «هاآرتس» العبرية:
أصبح لدينا الآن معلم وطني جديد: بيني غانتس. هو ساحر، متواضع، مستقيم، عقلاني، معتدل، ثري حتى أنه ساحر. ليس متغطرساً مثل إيهود باراك، ليس مناوراً مثل غابي أشكنازي، ليس قاسياً مثل شاؤول موفاز، ليس بليداً مثل دان حلوتس، وليس سميناً مثل موشيه يعالون. معلّم بقبعة حمراء وضفيرتين.
في خضمّ طقوس العربدة الوطنية لاستبدال رؤساء الاركان، والتي ما زالت تشمل، بما لا يُصدق، توزيع صورة رئيس الاركان الجديد في كل بيت «إسرائيلي» برعاية جريدة وشركة تأمين، كي يتم تعليقها في كل كاراج، تنافس الجميع على تعداد حسنات رئيس الأركان الخارج. مقالات إطراء مربكة، تحليلات لزجة، مشوّهة بما لا يقل عن تلك التي لا يستطيع نشرها سوى نقابة الكتاب العسكريين ـ فرقة المشجعات الثابتة للجيش والتي تتشبه لسبب ما بالصحافة. لا أحد شذّ بالطبع عن مسلسل الجوقة، جوقة الجيش الاحمر. قالوا والسعادة تغمرهم: كم كان الوضع جميلاً في فترة غانتس ـ في مكتبه، في الجيش وفي ميدان القتال. فقط في اليمين أصدروا غمغمة ضئيلة: غانتس كان ناعماً أكثر من اللزوم في غزة.
وفي الحقيقة، فإن غانتس رجل جيد جدّاً، انظر كيف أعطى متسولا 200 شيكل في يومه الاخير في الخدمة ، وقد عمل أموراً سيئة جدّاً انظروا ماذا فعل الجيش تحت أمرته، أي وحشية وقسوة أظهرها جيشه إبان فترته. ربما في يوم ما سيتحول إلى «حارس العتبة»، الذي يعترف بأخطائه ويعبّر عن ندمه عليها. فقد سبق أن أعطى تلميحاً عن ضرورة الوصول إلى حل مع الفلسطينيين. يا للرقة.
يوماً ما سيضطر إلى دفع الحساب على أعماله ـ في القدس أو في لاهاي. مثل المغتصب المهذب، فإن الجنرال اللطيف والساحر مسؤول عن أعمال خطِرة ـ جرائم الحرب التي ارتكبها الجيش في غزة والضفة. «الصخرة الجبارة» مسجلة بِاسمه، مئات القتلى الابرياء من قُتلوا عبثاً منقوشة على كعب بندقيته. يوم الجمعة الاسود في رفح هو كذلك يوم غانتس الاسود، كافة أكاذيب الجيش الأكثر أخلاقية في العالم، بما في ذلك الانذارات، والـ«أنقر السطح بصاروخ» و«لم يكن بنيّتنا ضرب المدنيين»، تدمير البيوت السكنية فوق ساكنيها، تدمير المدارس وملاجئ «الاونروا» والنيّة المؤكدة لتدمير بيوت رجال حماس من دون الاكتراث بمن هو موجود فيها ـ كل ذلك مسؤول عنه قائد «الصخرة الجبارة» الجنرال غانتس.
ستشعر «إسرائيل» ذات يوم بالخجل من هذه الحرب البشعة، والتي لم تحقق لها أي إنجاز ودفعت بالمقابل ثمناً باهظاً لها. حتى لو أنه تم تناسي ذكراها ونسيت من القلب. ولكن غزة والعالم لن ينسوا.
هذا الرجل الطيب والعقلاني غانتس مسؤول أيضاً عن تصرفات جيشه في الضفة الغربية، «عودوا أخوتي» هذا غانتس، وإطلاق النار المنهجي على المتظاهرين ورماة الحجارة بالذخيرة الحيّة هذا أيضاً غانتس، واعتقال الاولاد هو غانتس وهدم البيوت أيضاً غانتس. ليس هؤلاء هم فقط الجنود المُسمَمون الذين أطلقوا، وليس هؤلاء هم الضباط الذين قادوا وأمروا ـ هذا أولاً وأخيراً غانتس. القائد الاعلى. الجيش الذي قتل يوسف شوامرة ابن الـ14 سنة بينما كان ذاهباً لقطف نباتات العكّوب، أو سمير عواد، الصبي ابن الـ16 الذي أطلق عليه الرصاص في ظهره أثناء هربه، هذا هو جيش غانتس، رئيس الاركان الذي لم يعمل على منع عمليات القتل هذه.
غانتس هو الوجه الأجمل للجيش، هؤلاء هم «الإسرائيليون» المحبّون: مع هذا الرجل يمكننا الذهاب إلى أي مكان، لن نشعر بالسوء، هو المحتل المتنوّر، المتوحش في لباس الحرير، من يتصرّف بنعومة ويقتل بلطف. مع رجال على شاكلته، من السهل الايمان بمقولة «الجيش الاكثر أخلاقية في العالم». مع وجهه الجميل يمكن النوم بهدوء. من دون مشاعر الندم، وتغمر قلوبنا أحاسيس اللطف. ما أجملنا.
هذا الاسبوع ارتدى بديل غانتس ملابس رئيس الاركان، بصوت إنذار مدوّ. غادي آيزنكوت يظهر أيضاً وكأنه رجل طيب، متواضع، مستقيم وغير مشاكس. «دكتوراة الضاحية» الضاحية الجنوبية من بيروت المروّعة مسجلة على اسمه.