أردوغان تلقى صفعتين خلال هذه الفترة: استعادة كوباني وإحكام الطوق على المسلحين في ريف حلب

توفيق المحمود

بعد التقدم الكبير الذي حققه الجيش السوري في ريف حلب الشمالي، وسيطرته على قرى استراتيجية تمكن خلالها من تعزيز الطوق في محيط المدينة وعزل مسلحي الريف الممتد نحو الحدود التركية عن مسلحي المدينة، عاد من جديد إلى الساحة الحديث عن تدريب المسلحين السوريين في تركيا، فقد أعلنت وزارة الدفاع الأميركية في الـ18 من شباط أن الولايات المتحدة حددت 1200 مقاتل ممن أسمتهم «المعارضة السورية» لمشاركة محتملة في برنامج يقوده الجيش الأميركي للمساعدة في تدريبهم وتسليحهم لقتال «داعش» وكان البنتاغون قد أعلن في كانون الثاني الماضي أنه سيرسل أكثر من 400 جندي أميركي لتدريب هؤلاء المسلحين.

فبعد إعلان الرياض وأنقرة والدوحة موافقتها وجاهزيتها لإنشاء معسكرات تدريب هؤلاء المسلحين وتوفير أماكن للقوات الأميركية بحجة حماية أنفسهم من تنظيم «داعش» وعدم تمدده، أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو أن الخطة الأميركية ـ التركية لتدريب المسلحين ستنطلق في مطلع آذار المقبل ويأتي هذا بعد تأكيد أميركا الخميس الماضي أنها وقعت اتفاقاً مع أنقرة لتدريب وتجهيز مقاتلي ما أسمته «المعارضة السورية المعتدلة».

كل هذا يأتي بعد ضربتين قاصمتين تعرض لهما أردوغان. الضربة الأولى، عندما تم تحرير عين العرب كوباني من أيدي «داعش» بعدما تحدث أردوغان في خطاباته عن قرب سقوطها بيد التنظيم الإرهابي الذي يدعمه ويموله عسكرياً ولوجستياً، فلم لم يقتصر إنجاز المقاتلين الأكراد الذين تصفهم أنقرة بالإرهابيين على تحرير المدينة، بل تعداه إلى تحرير عشرات القرى المحيطة بها.

أما الضربة الثانية، فجاءت من الجيش السوري حين أعاد السيطرة على العديد من القرى المهمة استراتيجياً في شمال حلب، وإحكام المزيد من الطوق على المسلحين داخل المدينة وبالتالي ينتهي الحلم الأردوغاني بالسيطرة على حلب التي كان يراهن عليها على أن تكون مفتاح سيطرته على سورية.

وفي ردود الفعل، عن هذا الإعلان الأميركي ـ التركي بدء تدريب المسلحين، وصفت وزارة الخارجية الروسية هذا الاتفاق بأنه يشكل استمراراً للمسار السابق في سورية بدعم أولئك الذين يرغبون في الحصول على أهدافهم بالقوة وأن الهدف المعلن عن قيام المقاتلين المعتدلين بمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابي مشكوك فيه، ويتضح أنه بعد كل شيء لا يزال كالسابق يجرى تجاهل الجيش السوري الذي يعتبر القوة الحقيقية في مواجهة الإرهابيين.

وضعت الأزمة السورية العلاقات الأميركية – التركية تحت ضغط هائل، وهو توتر ناتج من الأولويات المختلفة لدى الدولتين، لطالما أرادت أنقرة إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد باعتباره خطراً محدقاً عند حدودها على حد وصفها، بينما حدّدت واشنطن أهدافها بمحاربة تنظيم «داعش» وتخشى تركيا أن تتبنى الولايات المتحدة هدفها فتهمّش بذلك هدفها الرئيسي الخاص فعلى رغم هذا التفاوت البسيط بين الرؤية الأميركية والتركية في الأولويات لجهة الأزمة السورية، فهي الحليف الأول لواشنطن، فهل ستفهم مصر هذه الرسالة للخروج من هذا الحلف والانضمام إلى حلف إيران التي طالما رحبت بذلك؟ فالذي قاله نائب وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبد اللهيان الذي مثل الرئيس الإيراني في حفل تنصيب الرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي، أن أمن مصر وإيران واحد، وأن هناك تقارباً في وجهات النظر بشأن سورية تبقى الأجوبة مرهونة بالأيام المقبلة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى