في تحدٍ للعواصف وللظروف المناخية الصعبة الجيش السوري ينتصر في معركة خالية من الرصاص

رانيا مشوِّح

حتى العواصف المناخية لم ترحم هذا الوطن. سورية التي تتقاذفها رياح الغدر من كل حدب وصوب اجتاحتها عواصف ثلجية لم تكن أقل قسوة على أبنائها وبخاصة على أبناء من نوع خاص ونكهة مشرفة، الجيش العربي السوري الذي وقف صامداً أمام كل الصعاب ها هو يصمد أمام قسوة الصقيع التي لم تقوَ على النيل من لين قلبه فكانوا الحُماة في كل حين وترفعوا عن آلامهم الجسدية والنفسية والروحية ليسيجوا الوطن لا بمناعة الزناد فقط بل بمناعة زنودٍ أبت الهزيمة في كل حين.

«البناء» كان لها شرف اللقاء مع جنود الجيش العربي السوري لتشاركهم دفء الأحاسيس وسط صقيع العاصفة حيث قال الجندي مجد سميا: موقع خدمتي في القنيطرة منذ 30/ 12/ 2014 ولقد تعرضت لإصابة منذ قرابة العام والنصف في عدرا وأصبت في قدميّ الاثنتين وكما تعلمين فالبرد يؤثر في إصابتي بشكل كبير لكني امتلك إرادة قوية وسأظل في ميادين الدفاع عن الوطن لطالما أستطيع حمل السلاح وأضاف سميا: نحن في ما نقوم به إنما نرفع السكين عن رقابنا ورقاب أهلنا وواجبنا الاستمرار في محاربة إرهابهم داخل معاقلهم وهذا واجب الابن تجاه أمه.

أما الرقيب أول ياسين شيخ البساتنة فحدثنا قائلاً: أنا أخدم في ريف درعا الشمالي منذ الثلاث سنوات ولا أخفيكِ أننا وخلال حديثنا الآن أشعر أن أطرافي ستتجمد من البرد، ولكني ما زلت أستطيع مقاومة البرد والتغلب عليه طالما أن الواجب اتجاه وطني يدعوني. لكل منا مشاعر لربما تدفعنا للتفكير بأنانية في بعض اللحظات وهذا ما حاولت وتعمدت استخلاصه من هؤلاء الشبان، لكني أعترف بأنني لم أُصب لأن شباب الجيش تكلموا بكل صدق عن مشاعرهم عندما يبقون وحدهم في الجرود الباردة بينما ينطلق كل منا إلى منزله للاحتماء من قسوة البرد، إذ قال سميا: نحنا خلقنا لنتكلف بمثل هذه المهمات ولندافع عن قدسية تراب الوطن، من المؤكد أن البرد صعب على الجميع لكن من واجبنا أن نتحمل مهما كلفنا الأمر.

وأضاف: عندما أشعر أن هناك أي شخص يشعر بالبرد أكثر مني فإني أفقد التفكير بنفسي ويتملكني التفكير به، وأحاول جاهداً أن أقدم ما أستطيع تقديمه فأنا لدي ثلاثة إخوة في حمص ولا أستطيع ألا أفكر بهم هل هم يعانون من البرد أم ينتبهون إلى أنفسهم ويأخذون احتياطاتهم؟

وفي الإطار نفسه قال شيخ البساتنة: أنا في كل لحظة من هذه اللحظات أحن إلى المنزل والدفء والعائلة، لكن همي الوحيد والأول يبقى العملية التي بدأنا بتنفيذها في ريف درعا والقنيطرة أن تستمر لنصل إلى حدود الجولان بإذن الله.

أما عن وسائل التدفئة التي يستخدمونها فقال سميا: المازوت متوفر بنسبة قليلة جداً لكن الحمد لله فالحطب يكفي ولم تكن الوسائل المتاحة لشيخ البساتنة أوسع حيث قال : لا مشكلة في البرد فوسائلنا هي الثياب والحطب وأيضاً المتة والأهم من ذلك كله هو رحمة الله التي ترافقنا على طول الدرب وتخفف عنا البرد وكل الأشياء الصعبة الأخرى.

هؤلاء الشبان قدموا الأفعال على الأقوال واليوم كانت لكل منهم كلمة لسورية وشعبها حيث قال سميا في هذا الإطار: إن كلمتي لسورية ليست مجرد كلمة فأنا أريد أن أطلب منها أن تسامحنا على كل ما حدث وما يحدث، ويا أهل وطني أرجوكم أن نجعل الحب مقصدنا الأول والأخير وأن ننسى الكراهية والحقد لكي يعود لنا أماننا الذي كنا نحياه قبل خمس سنوات، وأؤكد أن لا أحد يرضى أن يُغتصب عرضه ومن واجبنا المحافظة عليه وإذا لم نحافظ على وطننا سنعيش أذلاء و رؤوسنا في الأرض والشعب السوري لم يعتد على أن يخفض رأسه لأحد والرحمة لشهداء الوطن والشفاء لجرحانا… سورية لك السلام.

وكان لشيخ البساتنة كلمة لوطنه وأهله: أنا فقط أريد أن أقول للشبان الذين يتهربون من خدمة الوطن ويشعرون بالخوف من الانتساب للجيش، أولاً لو عاد الزمن إلى الوراء ووجدت نفسي مدنياً كنت سأتطوع فوراً مع الجيش لأن الشرف الذي أكسبني إياه هذا الزي البدلة العسكرية لا شيء يضاهيه في الكون، وفي كل يوم يكبر هذا الشرف إلى أن أصل لإحدى الشرفين: شرف النصر أو شرف الشهادة، على رغم أني أتمنى كلي الشرفين.

من سواعدهم المتجمدة برداً يستمد وطناً بكامله الدفء فيا رياح كوني دفئاً وسلاماً على سواعد حمت الوطن وأقسمت بالشرف على أن تصونه بإخلاص، «وطن، شرف، إخلاص».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى