المؤرّخ الغائب محمد شيخاني كرّس حياته لمدينته حمص

بصمت فارقنا الباحث والمؤرخ محمد فيصل شيخاني. حفلت حياته بإنجازات فكرية زينت سنيّ عمره الخمس والثمانين، واعتبر بحق ابن حمص البار الذي أرخ لمدينة ابن الوليد بتاريخها وجغرافيتها وآثارها وأساطيرها وأسواقها واقتصادها وأمثالها وفنونها وآدابها ورجالها وأسرها ومواسمها الفلكلورية.

لو استعرضنا حياة شيخاني الذي ولد في مدينة حمص عام 1930 لوقعنا على كم هائل من النشاطات، إذ عمل أميناً لمتحف الآثار الإسلامية في حمص في جامع خالد بن الوليد التابع لمديرية الأوقاف في المحافظة، وكان عضوا في عدد من الجمعيات الأدبية والثقافية والاجتماعية، منها الجمعية التاريخية السورية وجمعية العاديات ورابطة الخريجين الجامعيين ولجنة المحافظة على حمص القديمة ورئيس جمعية حمص للسياحة والثقافة.

قدّم شيخاني المجاز في التاريخ من جماعة دمشق عام 1968 العديد من الندوات والمحاضرات والدراسات محلياً ودولياً وتشكل كتباً مختصرة عن التاريخ والتراث الأدبي والفني والتراجم والمثيولوجيا وأدب الرحلات والنقد الأدبي والقضايا السياحية والثقافية والاجتماعية، كما ساهم في عدد من الصحف والمجلات المحلية والعربية.

أولى مؤلفاته «مغامرات الأرنب ماهر في الجزائر»، قصص تربوية هادفة للأطفال شارك بها في مسابقة لقصص الأطفال في مصر عام 1961، وكتاب «الأمثال الشامية في منطوقها الحمصي» جامعاً وموثقاً مئات الأمثال الحمصية، و«كتاب حمص درة مدن الشام» بالاشتراك مع الباحث منذر الحايك، و«معالم و إعلام من حمص الشام»، فضلاً عن قصص للأطفال عن حماية البيئة والقيم والتربية والأعراف الأخلاقية ونشرت بناء على طلب وزارة التعليم العالي والجمعية التاريخية السورية.

كتابه الرابع عشر «معالم وأعلام من حمص الشام» يعتبر نموذجاً لأهم أعماله، أمضى في تأليفه ثمانية أعوام وهو في جزءين وألفي صفحة ووثيقة ملونة ويضم كل شيء عن مدينة حمص وتحفها المعمارية والدينية والثقافية والسياحية ودراسات أثرية عن 255 موقعاً في حمص مدينة وريفها، وهي دراسات مقارنة بين حمص ودمشق وحلب ومدن عربية أخرى، وعملت على تحكيم الكتاب جامعتا البعث بحمص وأم القرى في السعودية، وتبنته منظمة المدن الإسلامية.

حاز شيخاني خلال مسيرته الكثير من شهادات التقدير والدروع والميداليات من جهات محلية وعربية وأجنبية، مثل جامعة البعث ووزارة المعارف السعودية وجامعة أم القرى و كلية ناصر العسكرية ورئيس مجلس النواب التركي والوفود الباكستانية والصينية وغيرها التي أمت حمص وجامع خالد بن الوليد والمتحف.

الراحل شيخاني من أوائل المعلمين الذين زاولوا التربية والتعليم في المحافظة ودخل عام 1958 ميدان العمل النقابي ليدافع عن المعلمين وحقوقهم، وأنشأ مشروعاً يقدم إلى المعلمين خدمات صحية واجتماعية كبيرة، وكان في طليعة المطالبين بإنشاء جامعة في محافظة حمص عام 1960.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى