لقاء أوباما بن حمد… لا بأس بقليل من الهزل قبل العمل…
سعد الله الخليل
بالتزامن مع لقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما وأمير قطر تميم بن حمد، وفيما كانا يتبادلان الابتسامات، والتي يخفي كلّ منهما وراءها ما يخفيه، تتواصل على الأرض مجازر الإرهاب ومذابحه في الشمال السوري، ففي الوقت الذي كان فيه تميم يؤكد التزام بلاده بهزيمة تنظيم «داعش» كان التنظيم يجتاح قرى أشورية في تل تمر ويقتاد أكثر من 90 من أبنائها أسرى ويحرق ويفجر أربعاً من كنائسها بينها كنيسة تل هرمز التاريخية.
ربما راود أوباما سؤال يخطر على بال أغلب المتابعين: كيف تلتزم قطر بالقضاء على تنظيم يمتدّ على مساحات تفوق حجم بلاد بن حمد بعشرات الأضعاف ويمتلك من المقاتلين المدرّبين أضعاف مواطني الإمارة؟ وربما تخفي ضحكة أوباما حقيقة إدراكه بعمق الشراكة القطرية الأميركية بتمويل تنظيم «داعش»، فكانت ابتسامته تقول «كذبنا الكذبة معاً وصدّقها العالم واليوم تأتي لإقناعي بها».
لم تتوقف ابتسامات أوباما عند كلام تميم عن «داعش»، ويبدو أنّ أسوَدَ البيت الأبيض أبو حسين أوباما لديه المزيد من الوقت للضحك وتوزيع الابتسامات أمام ضيف تبدو التسلية أقصى ما يمكن لاستثمار الوقت معه، فلا لكلام السياسة مغزى مع الصغار والتوابع، ولا لحديث الاقتصاد قيمة بعد أن وضعت عائدات الغاز في «جيبة» الأميركي الصغيرة، فلا بأس من المزيد من التسلية وتسخين حرارة اللقاء لمنح المزيد من الكوميديا…
الملف السوري حاضر وأكثر ما يمكن أن يثير شهية القطري للتهريج «دور أميركي ريادي في معركة إسقاط الرئيس الأسد»، فكانت كلمات أوباما عن استمراره في المعركة إلى النهاية مفتاحية لتعطي تميم الكثير من الثقة وليصدّق أنّ أوباما فعلاً يعوّل على جهوده في إسقاط الأسد، لكن ذكاء تميم الخارق لم يسعفه لفهم ما قاله مستضيفه… «كيف يمكننا أن نصل إلى تلك المرحلة برحيل الأسد»؟
توقع تميم أنّ أوباما يطلب مشورة أو خطة جهنمية تميمية لتنفيذ مشروع أميركي بحجم الشراكة الأميركية القطرية التي تحدث عنها أوباما قبل لحظات، لم يفكر للحظة بأنّ أوباما يقول عبارته بعد أربع سنوات من الحرب لإسقاط الرئيس الأسد وما تحمله عبارته من يأس من الاستمرار بالمشروع لا طلباً للمشورة فأيّ مشورة أقوى من كلام كبار المحللين الأميركين العسكريين والسياسيين بوجوب تعايش واشنطن مع الواقع السوري على قاعدة استحالة إسقاط الأسد.
انتهى اللقاء، غادر تميم بلاد النعيم الأميركي محمّلاً بالوعود الفارغة، وبجوز فارغ القلب، وبدور ريادي مزعوم كفاتح لبلاد المسلمين ومحرّر الأراضي من «داعش»، فيما عاد أوباما إلى السياسة ليتابع عن كثب مسار التسويات فلا وقت للمزيد من الهزل، فملف المفاوضات النووية الإيرانية على نار ساخنة وبات قاب قوسين أو أدنى من التوقيع، وما قاله كيري عن تحميل إيران مسؤولية ما يجري في اليمن يطمئن السعودية وتركيا كما طمأن كلامه لتميم قطر، فتاريخ الأميركي مليء بالوعود الفارغة للأتباع بعكس مسار التفاوضات وقاعدته الذهبية تقول «لو أبلغنا الأدوات بحقيقة نويانا لسبقونا للمفاوضات وخسرنا ورقتهم… هكذا هو التاريخ، ولكن ربما تصعب على تميم قراءته، لا ضرر، فما عليه سوى أن يستشير أمين الجميّل الذي لا يزال حياً يرزق ليخبره بما كان يبلغه إياه رونالد ريغان عن مشروع إسقاط حافظ الأسد…
«توب نيوز»