الهند وأميركا و»إسرائيل» حُبّ من جميع الأطراف
بلال شرارة
فجأة كبر الوئام الأميركي – الهندي والغرام الهندي – «الاسرائيلي».
ربما انتبه أو لم ينتبه أحد إلى أن الرئيس الأميركي الذي قدم العزاء بالملك الراحل عبد الله، وهنّأ العاهل السعودي الجديد الملك سليمان وأجرى محادثات معه، كان قادماً الى العربية السعودية من الهند. وقام أوباما بزيارة وصفت بأنها زيارة تاريخية للهند بعد توترات شديدة وعلاقة من أعقد العلاقات الثنائية.
لم ينتبه أحد إلى أن أعداء الأمس أصبحوا أصدقاء اليوم، ولم ينتبه أحد إلى المعنى الاستراتيجي للعلاقات.
«أعداء الأمس»، إذ لم يمض زمن على التوتر الأخير في نهاية عام 2013 بين البلدين إثر توتر العلاقات في أعقاب اعتقال السلطات الأميركية لديبلوماسية هندية في نيويورك وردّ نيودلهي بسحب البطاقات الديبلوماسية من البعثة الأميركية في الهند. ويقول عارفون إن المصلحة المشتركة التي تجمع الصديقين العدوين اللدودين هي مناهضة الطموحات الصينية والتعاون العسكري في المحيط الهندي.
نار توتر مودي، رئيس الوزراء الهندي والقومي الهندوسي والمنبوذ أميركياً والموضوع على القائمة السوداء استناداً إلى دوره المريب في أعمال شغب بين الهندوس والمسلمين التي خلّفت 1000 قتيل عندما كان يحكم ولاية غوجرات… يتحوّل مودي هذا فجأة من عدو الأميركيين الى صديق ويقوم بخطوات لتعزيز العلاقة مع واشنطن، مع وصول أوباما للمرة الثانية خلال ولايته الى الهند حيث استقبله مودي بالأحضان في خطوة مخالفة للبروتوكول الهندي، فيما شاركه أوباما حضور العرض العسكري للجمهورية.
في إطار الزيارة يوم 25/1/2015، أعلن أوباما ومودي عصر «الثقة الجديدة» في علاقات البلدين وقيل إن نتائج الزيارة هي:
1 – التقدم في الاتفاق المدني ! النووي الذي سبق أن وقعه بوش في الهند.
2 – التقدم في شأن تغيير مناخ العلاقات الدفاعية وإقامة خط ساخن بين الرئيسين.
3 – استمرار السعي إلى إقامة شراكة استراتيجية تتيح مواجهة التطور الصيني المتصاعد في آسيا.
4 – اتفاق استثمار وقروض لنيودلهي قيمتها 4 مليارات دولار.
5 – تبادل معلومات حول أشخاص عائدين من مناطق الصراع.
6 – التعاون ضد تنظيم «داعش».
إذن، الهدف الذي سعت إليه أميركا استناداً الى جون هانتسمان، سفير أميركي سابق في الهند، وإلى القائم بأعمال مدير «مركز جنوب آسيا» هو: إقناع الهند بالانضمام الى ائتلاف الدول الديموقراطية في موازاة النفوذ الصيني!
على خلفية ذلك، تشير المعلومات الى ما وصف بالعلاقة الاستراتيجية بين «إسرائيل» والهند التي تجلت في السنوات الأخيرة بينهما، في حين أن العرب منشغلون بـ«ربيعهم»!
الأسئلة الملحّة التي نطرحها:
– هل تخلت الهند عن تأييدها التاريخي للموقف العربي؟
– هل نجحت «إسرائيل» في تكريس سياسة ابتعاد الهند عن العرب وعن الغرب الأوروبي؟
مودي، رئيس الوزراء الهندي، المتلهّف للعلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية بادر أيضاً الى زيارة معرض الصناعات الجوية «الإسرائيلية» في معرض «أورو إنديا الكبير» والتقى وزير الحرب «الإسرائيلي» موشيه يعلون.
بذلك، برزت العلاقات السرية الهندية – «الإسرائيلية» الى العلن وأعلن يعلون أن شراكة المصالح ستقدم مساهمة للدولتين والمؤسسات الأمنية فيهما. وثمة إشارة لا بد منها، فوزير الدفاع الهندي زار الكيان الصهيوني في تموز 2014 وبحث صفقات عديدة.
الجدير ذكره أن لـ«إسرائيل» أكبر بعثة ماكينة عسكرية في العالم في الهند، بعد واشنطن. وفي الآونة الاخيرة درست صفقات عسكرية وأمنية، حتى أن العلاقة الأمنية تأخذ منحى تصاعدياً وتغدو الهند الزبون الأمني رقم 1 لـ«اسرائيل» وبلغ حجم الصفقات بينهما أكثر من مليار دولار. وتقول مصادر إن ثمة محاولة لخلق شركة مصالح تتحول «إسرائيل» بموجبها الى مزود تكنولوجيا تسليحية متطورة بينهما، في حين تسعى الهند إلى الفوز بشراكة مع عدد من شركات الصناعات «الإسرائيلية»، ما يجلب لها تكنولوجيا وتمويلاً تفتقر إليهما.