مولد الفداء
صالح علي آلحرفوش
إن شئت يوماً أن تغوصَ وتعلما
أو شئت يوماً أن تعُدّ الأنْجُما
فأبدأْ بسُقراطٍ وهول قرارِهِ
ما شاء عن شَمَمٍ بأن يستَرْحِما
وتجرّع الكأس الزّؤام بعزّةٍ
لِيَظَلّ قانونٌ هنالك مُكْرما
سقراط أعلم كلّ أهل زمانه
أعطى الحقيقة حقّها وتسنّما
كان الفِداءَ لشرعة ولحكمةٍ
وَهو القَديرُ بأن يَفِرّ ويسْلما
ويسوعُ ذاك الناصريّ قد ابْتُلي
بشرار قوم فاستمرَّ معلّما
حقدوا عليه واستباحوا صلبه
والله كرّمهُ برَفْعٍ للسّما
جاء العليُّ لكي يُسطِّرَ بعده
سِفْرَ البطولة والفداءِ مصمّما
من أجل إنقاذِ الرّسول ودينه
ليردّ كيد المشركين ويَعْصِما
ضحّى بنفسٍ فديةً لرسوله
واللهُ كان مخلّصاً ومسلّما
وابن العليّ حسين سبطُ المصطفى
رمزُ الفداء مجسّماً ومعمّما
مأساته مع أهله ورجاله
سيظلّ يذكرها الزمانُ معظّما
في قرننا العشرين قرن حضارة
أضحت بلادٌ للأجانب مغنما
وتجزأ الوطن الكبير ليغْتَدي
سهلاً على المستعمرين تحكُّما
والدينُ عَفْوَ المؤمنين لقد غدا
شرّ الوسائل لشعوب مُشَرْذِما
الدينُ من آفاته عصبيةٌ
رعناءُ تترك كلّ نورٍ مظلما
الدينُ هَدْيٌ للصّلاح وحِكْمَةٌ
ومحبّة تجلو الفؤاد الأسحَما
الدين أخلاقٌ وحبٌ خالص
وهو الشفاء وليس داءً مُسْقما
لبنان شيده بنوه على الهوى
والطائفية ما تسبّب بالْعمى
فبلادنا قد أنهَكَتْها عِلّةٌ
قتالةٌ تُضني وتَبْري الأعظُما
فحباها ربّي من علاهُ هادياً
ومعلّماً كان الدّواء البَلْسما
أرسى لوحدة أمّةٍ أركانها
أعلى البناء مجدّداً ومُرَمِّما
راحت مباديه تقيمُ قواعداً
لسلوكنا وتشيدُ صرحاً مَحْكما
أعطت حياةً وقفةً في عزّةٍ
والموت شرطٌ لانتصار قد سما
أَفْتى بأن دماءنا موقوفةٌ
من أجل أمتنا لكي تَتَقدَّما
وطن جميل شعبهُ متميزٌ
قد هام فيه حيثُ أمهرهُ الدّما
كان الفداءَ لشعبه وبلاده
في وقفةٍ للعزّ زَلْزلتِ الْحمى
ذاك الزعيمُ سعادةٌ لجلاله
وخلوده وقف الزّمان مُرنِّما
حَيُّوا معي أهل الفداء لأنهم
من دونهم كانت حياةٌ عَلْقَما
فَمدارس المتميزين بأرضنا
يَتَخرّجُ العظماء منها بَعدَما
يعطون درساً للفداء مجسّّداً
لبطولةٍ وشجاعةٍ ما أَعْظما
ولكلّ فادٍ دورُهُ مع قَدْرهِ
متميّزٌ متفرّدٌ كيّ يُلهما
يا دهرُ بلّغْ ما يجيش بخاطري
كَلِماً لهاباً كالغَضا مُتضرّما
ولْينصِفِ الوطن الكبير زعيمَهُ
رمزاً ونوراً ساطعاً مستلهما
في عيد نهضةِ أمّةٍ وزعيمها
في المولد الميمون جئتُ مُترجِما
وأقول فلنفخَرْ بعيد معلّمٍ
جعل الفداءَ إلى التحرّرِ سُلّما