تقرير إخباري الاعتراف الأوروبي بدولة فلسطين
ناديا شحادة
يبدو ان اتساع الأجواء المتعاطفة مع القضية الفلسطينية في الغرب التي عبرت عنها اعترافات بعض البرلمانات الاوروبية بدولة فلسطين على حدود العام 1967 بدأت بالتزايد، فبعد اعتراف البرلمانات البريطاني والسويدي والاسباني والايرالندي والبرتغال، ايد اكثرية مجلس النواب الايطالي في 27 شباط 2015 قراراً غير ملزم يحث الحكومة على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والتي يراها المراقبون رغم رمزيتها الا انه لها اهمية استثنائية كونها تأتي في سياق تحول جماهيري سياسي اوروبي تجاه القضية الفلسطينية، في ظل انعدام الخيارات الفلسطينية والعربية لحل هذه القضية ومراوغات الاحتلال للتهرب من استحقاقات السلام المتفق عليها دولياً إضافة الى استمرار العدو «الاسرائيلي» ببناء المستوطنات .
ويؤكد المراقبون على ان اعتراف هذه البرلمانات المنتخبة من الشعب والتي تعتبر من اعرق الدول الديمقراطية الاوروبية وتعبر عن ارداة شعوبها، يؤكد وجود تحولات كبيرة لدى الشعوب الاوروبية التي ترفض دعم الاحتلال «الاسرائيلي» وجرائمه التي ترتكب على الارض الفلسطينية، كما انها تعتبر مؤشر على اقتناع اوروبي قيادي متزايد في سياسة الضغط على «اسرائيل» في ظل العلاقة المتوترة التي شهدتها السنوات الاخيرة بين الحكومة «الاسرائيلية» والبرلمان الاوروبي حيث تلقت «اسرائيل» رسائل من جهات اوروبية تدعو فيها الى ضرورة اتخاذ خطوات تمنع استمرار تدهور العلاقات مع عدد من الدول الاوروبية، حيث صرح مستشار العلاقات الخارجية «الاسرائيلية» في أروربا ميتا كولاندو في 7 تشرين الثاني 2013 ان وجود تدهور دائم في العلاقات مع «اسرائيل» بات واضحاً اذ ان الخطوط التي توجهنا هي جزء من الخط السياسي الذي تحول الى سياسات اوروربية منذ السبعينات، ومع استمرار البناء في مستوطنات الضفة الغربية الامر الذي دفع الاتحاد الاوروبي الى اتخاذ قرار بتعليق اتصالاته مع المؤسسات «الاسرائيلية» التي تعمل خارج الخط الاخضر في 3 تشرين الاول 2014.
«اسرائيل» التي بدأت تشعر بأن مكانتها في العالم تتراجع نتيجة المفاوضات مع الفلسطيني واستمرار الخلافات مع الولايات المتحدة بشأن الملف النووي الايراني حيث زاد من قلقها اكثر من أي وقت مضى من التقارير المتواترة حول قرب التوصل الى تسوية بين الولايات المتحدة الاميركية والدول الكبرى وايران في شأن البرنامج النووي وان هذه التسوية مؤذية لـ «اسرائيل» وتهدد وجودها مما جعل رئيس وزراء العدو «الاسرائيلي» بنيامين نتنياهو يصر على ان هذا الاتفاق خطأ تاريخياً من شأنه ان يجعل من العالم مكاناً يكتنفه المزيد من الخوف حسب تعبيره.
ويرى المتابع لشؤون العدو ان قلق «اسرائيل» الأكبر يتمثل في ان الاتفاق على النووي الايراني سيفتح الباب امام دمج الولايات المتحدة بايران والذي ربما يؤدي الى تغيير في توجه الولايات المتحدة وقدرتها على حماية مصالح «اسرائيل» في المنطقة، في الوقت الذي بدأت تعاظم قدرات المقاومة بداية من حرب 2006، وبدأ حلف المقاومة يشكل طوقاً فاعلاً قوياً يحاصر «اسرائيل» وبدا ذلك واضحاً وجلياً عند العدو بعد اعتدائهم الاخير على القنيطرة في 18 كانون الثاني 2015 وكيف كان رد المقاومة الذي اربك العدو وجعله على يقين اكثر بتعاظم قدرة حلف المقاومة في المنطقة.
ويؤكد المراقبون ان «اسرائيل» بدأت تدرك ان هيمنتها على العالم وبالاخص الغربي وتوظيفه في خدمة مصالها واطماعها التوسعية بدأت تتأكل في شكل متسارع والعالم الغربي بدأ يدرك ان «اسرائيل» تشكل عبئاً امنياً عليه واخلاقياً ففي ظل هذه المتغيرات يبقى السؤال هل أصبحت الاجيال الغربية الجديدة لا تحتمل عقدة الذنب تجاه اليهود بسبب المحرقة مثل الاجيال السابقة وهذه الاجيال بدأت تعبر عن مواقفها من «اسرائيل» من خلال برلماناتها المنتخبة؟
بالتأكيد الذي جرى يؤكد ان ثمة شيئاً لم يعد ممكناً ان يعود الى الوراء وان المزاج الشعبي الاوروبي تحديداً الذي يمكن الرهان عليه كآخر مساحة من دول تحمي ما تبقى من شرعية حقوق الانسان ممكن الرهان عليها. ولكن وبالسياسية يعود حكماً ما يجري لضعف «اسرائيل» التي فقدت وظيفتها كقوة ضاربة يعتمد عليها بعدما فقدت مهابتها التي كانت وباتت الجاليات اليهودية تضغط باتجاه ان انقذوا «اسرائيل» من «اسرائيل».