إيران تحسم في العراق
رئبال مرهج
«من يكون محايداً فليقف في الصف الآخر… فالمعركة مع تنظيم «داعش» ليس فيها حياد».
بهذه الكلمات أعقب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في كلمة وجهها أمام مجلس النواب، إعلانه بدء ما وصفها المعركة الفاصلة الكبرى في محافظة الأنبار لتحريرها من مسلحي تنظيم «داعش»، واصفاً الانسجام والتنسيق بين أبناء المناطق وقوات الحشد العشبي والقوات الأمنية بالعالي والممتاز.
وتزامناً مع تصريح العبادي أعلنت مصادر أمنية في سامراء وصول دفعات من مقاتلي الحشد الشعبي إلى قاعدة القوة الجوية «سبايكر» للمشاركة في عملية استعادة تكريت حيث شنت قوات الجيش العراقي تدعمها فصائل من مختلق أطياف الشعب العراقي هجوماً على معاقل «داعش» في تكريت في إطار بداية حملة ترمي إلى إخراج التنظيم من محافظة صلاح الدين.
وتزامناً مع الهجوم الذي وصفته وكالات الإعلام بأكبر عملية عسكرية في المحافظة منذ أن استولى التنظيم على مساحات كبيرة في شمال العراق، بثّت وكالة «فارس» الإيرانية الإخبارية صوراً جديدة لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني من تكريت حيث وصل إليها السبت الماضي، في وقت أكدت الحكومة الإيرانية أن وجود سليماني في تكريت يهدف لتقديم «الاستشارات للقادة العراقيين»، الذين بدأوا عملية تحرير تكريت تحت اسم «لبيك يا رسول الله».
وأما عن إعلان مشاركة سليماني في المعارك وعبر وكالة إيرانية رسمية، يقول مراقبون إها تحمل رسالة سياسية وعسكرية للولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، إذ تعتبر إعلاناً لبدء إيران بتنفيذ وعودها للحكومة العراقية في البدء بتحرير العراق من تنظيم داعش الإرهابي بعد أن حاولت الولايات المتحدة الأميركية وعبر حلفائها تركيا والسعودية إشعال الفوضى في العراق وابتزاز إيران أثناء احتدام المفاوضات بينها وبين الدول الغربية بخصوص ملفها النووي .
فالولايات المتحدة الأميركية التي أعلنت تشكيل حلف دولي بقيادتها لحرب «داعش» في الخريف الماضي لم تفعل سوى الاستعراضات الجوية التي لا تشكل أي تهديد على التنظيم الإرهابي، هذا ما يراه الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي وصف عمليات الحلف بالمثيرة للسخرية في مقابلة تلفزيونية مع شبكة «أن بي سي» الأميركية في أيلول الماضي، مشككاً بجدوى شن الضربات الجوية ضد التنظيم ومتسائلاً عن الخوف الأميركي من تكبد الخسائر البشرية على الأرض وإلا لما يدعون أنهم في حرب ضد الإرهاب.
إيران بدأت في دعم الحكومة العراقية في حربها ضد «داعش» منذ الصيف الماضي، يومها أعلن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بدء تشكيل قوات الحشد الشعبي التي قامت إيران بتدريبها وتسليحها، حيث قال قائد فيلق بدر الإيراني هادي العامري إن دور قوات الحشد في العراق مهم جداً، وهي قادرة على الوقوف بوجه «داعش» من دون مساعدة قوات التحالف الدولي، ملمحاً إلى وجود القادة العسكريين «سليماني وتقوي» الذي لولا وجودهم ودعمهم للعراق لكانت حكومة حيدر العبادي خارج العراق ولما استطاعت أن تقوم بواجبها عملياً، الواجب الذي بدأ فعلياً خلال الأيام القليلة الماضية، فها هي وسائل الإعلام تتناقل أخبار القوات العراقية وهي تجوب شوارع مدينة سامراء، احتفالاً بتحرير بعض مناطق المحافظة التي لم تشهد أي اشتباكات بعد هروب قوات «داعش» وإلقائها سلاحها وفرارها من المناطق التي كانوا موجودين فيها إلى جهة مجهولة، إذ نقل عن مصادر عشائر الصحوة العراقية في مناطق غرب كركوك أن العشرات من إرهابيي «داعش» ألقوا سلاحهم وفروا من المناطق التي كانوا موجودين فيها غرب المدينة إلى جهة مجهولة، وذلك بحسب مصادر عشائر الصحوة العراقية التي قال قائدها إن هناك شبه خلو في المنطقة من إرهابيي «داعش».
أميركا حاولت أن تبقي الساحة في العراق مشتعلة من دون حسم من أجل محاولة إنعاش النفوذين التركي والسعودي الداعمين لداعش ضمن الواقع السياسي العراقي… ولكن إيران وبدعمها الحقيقي للحكومة العراقية وللشعب العراقي قررت أن تحسم وأن تبدأ معركتها ضد الإرهاب التكفيري ولن تنتظر أحداً، فها هي تتصدر الجبهات وتدعمها وليس على أميركا والدول الحليفة لها في المنطقة سوى أن تلملم هزائمها السياسية والعسكرية وتحاول اللحاق بإيران في حربها الصادقة والحقيقية ضد «داعش».