العين الأميركية على العراق تسرّع التفاهم مع إيران لبنان مطمئن للحكومة… قلق على رأس بعلبك

كتب المحرر السياسي

العين الأميركية على العراق، ففي سورية ليس هناك ما يبشر بجدوى الانتظار لستة شهور يجهّز فيها مئة وخمسون مقاتلاً، ممن تتولى تركيا تدريبهم تحت اسم معارضة معتدلة، ستتكفل بالتهامهم في ساعات جبهة حلب وإدلب المشتعلة، طالما أنّ ما راهن عليه السعودي والتركي و«الإسرائيلي» والقطري، من تفعيل وتوضيب وتبييض لـ«جبهة النصرة» طوال عام كامل يتبدّد في ريح الجنوب، مع عاصفة القضم المنهجي التي بدأها الجيش السوري منذ شهر وتسقط أمامها مواقع «النصرة» تباعاً، وشمالاً يتبخر الرأس المدبّر لـ«النصرة» دفعة واحدة، ولا جدوى من انتظار الرهانات والأوهام السعودية في اليمن، التي مهما حاولت النفخ في قربة الرئيس المستقيل منصور هادي، فهي قربة مثقوبة طالما لا حاضنة شعبية يُعتدّ بها ولا ذراع عسكرية يُحسب لها الحساب، وطالما أنّ المواجهة إذا فتحت على مصراعيها، ستتحوّل خلال أيام إلى حرب مباشرة بين «القاعدة» والحوثيين، وتجد أميركا نفسها كما في سورية مدعوة إلى الاختيار.

في أوكرانيا على رغم المرارة، يبقى الحلّ الذي أرساه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو الطريق الأقلّ تسبّباً بالخسائر، بعدما ثبت أن ليس من قدرة لجيش كييف على تحمّل المزيد، وليس في قدرة فرنسا وألمانيا التحمّل أكثر، بينما روسيا لم تبدأ العضّ على الأصابع بعد، ولم تظهر عليها آثار التعب بنتيجة حرب أسعار النفط على رغم استهلاك السعودية لمخزونها النفطي والمالي معاً.

إذن إلى العراق درّ، فهناك يبكي السعوديون والأتراك سوء طالعهم، حيث كان الرهان على قدرة «داعش» في خوض حرب استنزاف مفتوحة تتسبّب بسماع صراخ إيران وحلفائها العراقيين طلباً لمساعدة سعودية بتأمين غطاء طائفي، يمنع تحوّل الحرب مع «داعش» إلى حرب مذهبية، وتوسّل إلى تركيا للتعاون في ضبط الحدود والضغط على إمدادات «داعش»، والركوع أمام الشروط الأميركية التي وضعت كثمن لتقديم السلاح الذي سبق ودفعت بغداد ثمنه مالاً نقدياً، ووقعت عقوده الحكومة العراقية، ولا يزال محتجزاً في المستودعات الأميركية.

إلى العراق درّ، لأن لا شيء من كلّ الرهانات قد تحقق، فها هي إيران وحلفاؤها العراقيون، وغير العراقيين، ينجحون بتفادي مخاطر الفتنة ويستنهضون وطنية عراقية جامعة تحيط بالجيش العراقي في جبهات القتال، بلا منة سعودية، ويستوعبون موجات تدفق سلاح ومسلحي «داعش»، بلا الحاجة إلى التكلم مع تركيا، ويهيّئون ما يحتاجون من سلاح ومعدات من مخزون إيران التسليحي، من دون انتظار رضا واشنطن.

تصرخ واشنطن بلسان وزير دفاعها وتردّد السعودية الصراخ عن عملية تكريت، بالتحذير من نتائج عكسية طائفية للعملية، بعدما صار تقدّم الجيش العراقي ووحدات الحشد الشعبي إلى تكريت أمراً محسوماً، مع دخول مدينة الدور، وناحية العلم ومنطقة العجيل، وتطويق تكريت على بعد كيلومترات محدودة لا تتعدّى الخمسة من كلّ اتجاه، فتكون المفاجأة أنّ العشائر التي تعتبرها السعودية محمياتها تخرج بالزغاريد والأهازيج ترحيباً بعصائب أهل الحق، التي تتقدّم المهاجمين في اقتحام مدينة الدور، ومقاتلوها يحملون أعلامهم المعروفة، معها أعلام حزب الله وصور السيد حسن نصرالله.

يدرك الأميركيون الرسالة التي أطلقها السيد نصرالله عن وجود محدود في العراق، عندما أراد التأشير إلى تحوّل حزب الله قوة إقليمية، قرّرت إثبات القدرة على إنهاء الإرهاب من دون انتظار الألاعيب الأميركية، وتأكيداً على أنّ ضمان الاستقلال الوطني لكل بلد بات في حجم شراكته في رسم الخريطة الجديدة للمنطقة.

حزب الله في مدينة الدور في العراق، بروحه، ومحبة العراقيين لقائده، ومدرّبيه ونخب كوادره، طالما أنّ العراقيين يملكون طوفاناً بشرياً يقاتل، فتكفي الروح المعنوية التي تبثها الشراكة الرمزية لحزب الله، والطاقة التي تطلقها راياته في الميدان، والشعور بالأمان لكلّ مكوّنات العراق ضدّ كلّ السلوكيات الطائفية والمذهبية، شعور بالأمان يمنحه وجود صور السيد نصرالله لسكان أيّ منطقة تدخلها قوات عسكرية تتظلل بها.

الأميركي، يتحقق كلّ يوم من صواب خياره بالتفاهم مع إيران فيمضي به قدماً، وهو يرى حلفاءه يندبون حظهم العاثر، وخواء جيوبهم من البدائل، وهو يرى أنّ من عنده خيارات مناورة وحركة يستلحق حاله، كما يفعل الأردن بإرسال وزير خارجيته إلى طهران، لوساطة مع سورية حول الحدود الجنوبية، وأملاً بنقل رسالة إيجابية بين طهران والرياض.

لم يعد ثمة قيمة لتهديدات وزير الحرب «الإسرائيلي» ضدّ إيران بخيار حرب سيبقيه على الطاولة، كآخر الحلول، والوقت قد نفد، والفرصة قد ضاعت، فيبدو كمن يتحدث من متاحف التاريخ، ويوم كانت الفرصة في ذروة الاحتباس السوري الأميركي وحشد الأساطيل، تحدثت «إسرائيل» عن الحرب على إيران، وقالت إنّ واشنطن تمنعها، فردّ الرئيس الأميركي، أنتم طليقو اليدين بما ترونه مناسباً فتصرّفوا ولا تتذرّعوا بنا، ويومها تهرّبت «إسرائيل» من الحرب، وها هي اليوم تتهرّب من حرب مع حزب الله بعد عملية مزارع شبعا، فمن تراه يصدق يعالون عن حرب ضدّ إيران.

في لبنان وقد سارت أمور الحكومة، وأطمأن لها اللبنانيون، أنها بوليصة التأمين إلى حين توافر ظروف انتخاب رئيس للجمهورية، يكون لسان حال اللبنانيين، مهما كانت الهنّات فهي هيّنات، أمام الفراغ الكامل، طالما يبرز الهمّ الأمني مجدّداً من الشمال الشرقي، مع المعلومات عن تحضيرات وحشود للمجموعات المسلحة تستهدف رأس بعلبك.فيما يواصل الجيش توجيه الضربات الموجعة للتنظيمات الإرهابية وآخرها اعتقال أحد أخطر الإرهابيين في تنظيم «داعش» حسن غورلي الملقب أبو حارث الأنصاري ، تخوفت مصادر عسكرية، إثر العملية الاستباقية التي نفذها الجيش على تلة جرش الشهر الفائت، من تحشيدات المجموعات الإرهابية ولا سيما «داعش» التي تجد نفسها مضطرة للذهاب إلى معركة قاسية في لبنان.

«داعش» نحو استنزاف الجيش

وأشارت المصادر إلى أن الهدف من هذه المعركة، الوصول أقله، إلى دير الأحمر في حال تمكن «داعش» من الدخول إلى رأس بعلبك وبعلبك، وهي بلدات «مسيحية» يظن التنظيم الإرهابي أنه لن تكون هناك قوة تقف في وجهه سوى الجيش اللبناني الذي بحسب تلك المجموعات يمكن استنزافه، وإرباكه لمنعه من إدارة عملية دفاع ناجحة عن هذه المنطقة. ولفتت المصادر العسكرية إلى أنه «على رغم التحضيرات والاستعدادات التي نفذها الجيش، فإن الخطر لا يزال قائماً خصوصاً إذا اتجه داعش في حال فشله في المباغتة، إلى حرب استنزاف».

وعلى المقلب الآخر لا ترى المصادر العسكرية في الحديث عن تمدد إضافي للإرهابيين باتجاه الجنوب انطلاقاً من جرود عرسال، أمراً دقيقاً، في ظل التدابير التي اتخذها الجيش خلال كانون الأول الماضي، بحيث تعذر على الإرهابيين التمدد جنوباً». وأشارت المصادر إلى «أن الإرهابيين لجأوا إلى تعزيز مواقعهم في جرود عرسال بحيث أن بعض التقديرات تقول إن عددهم ارتفع من 3000 إرهابي إلى 5000».

وفي موازاة ذلك، أعلنت قيادة الجيش أن مديرية المخابرات أحالت على القضاء المختص، أول من أمس أحد الموقوفين الإرهابيين الخطرين، السوري حسن غورلي الملقب أبو حارث الأنصاري ، الذي ينتمي إلى أحد التنظيمات الإرهابية، مشيرة إلى أن الأنصاري شارك في اعتداءات على الجيش في أكثر من منطقة كما اعترف بأنه تولى حراسة العسكريين المخطوفين لدى «داعش»، ونقلهم من مكان إلى آخر، وكان شاهداً على ذبح العريف الشهيد علي العلي. كذلك كشف عن هوية من أقدم على ذبح العسكريين الشهيدين علي السيد وعباس مدلج.

وكان أهالي العسكريين المخطوفين واصلوا تحركهم أمس فالتقوا وزير الصحة وائل أبو فاعور في راشيا. ووضع أبو فاعور الأهالي في أجواء الاتصالات التي تجرى، والجهود التي تبذل من قبل الحكومة اللبنانية وخلية الأزمة، للوصول إلى نتيجة إيجابية في هذا الملف.

حزب الله يمدّ يده من موقع المنتصر

في الأثناء، كشف عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي «أن حزب الله في طريقه إلى تكريس انتصاره في كل ساحة يخوض فيها المواجهة»، مؤكداً أنه في لبنان «من موقع المنتصر على العدو الصهيوني والتكفيري يمدّ يده إلى الجميع من أجل التفاهم على إقامة لبنان المستقر الذي يحيا في ظله أبناؤه جميعاً. وشدد «على أننا حريصون على أن نبني منطقتنا ووطننا بشكل مشترك مع مكوناته جميعها، وليس من سبيل إلى ذلك إلا بالحوار الذي يتخلى فيه أطرافه عن الرهان على تطورات خارجية لن تكون إلا في صالح المقاومة ونهجها».

هِلْ: لا صفقات خارجية حول الرئاسة

إلى ذلك، ومع اقتراب الجلسة النيابية العشرين لانتخاب رئيس الجمهورية والمقررة يوم الأربعاء المقبل، اعتبر السفير الأميركي ديفيد هِلْ بعد زيارته وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أنه «لا يوجد سبب للتأخير في انتخاب رئيس للجمهورية». وقال: «يجب ألا يكون هناك أي توقعات لصفقات خارجية لاختيار رئيس للجمهورية، وبدلاً من النظر خارج لبنان للحصول على إجابات، نحن نحث قادة لبنان على احترام دستورهم وانتخاب رئيسهم، من تلقاء أنفسهم».

ورأى هل «أن الخلافات حول انتخاب رئيس للجمهورية أخذت العمل الانتظامي للحكومة إلى طريق مسدود. كل ذلك في وقت يجب أن تعمل كل مكونات الدولة في انسجام لمعالجة هذه المشاكل وغيرها وفقاً للدستور والميثاق الوطني».

لجنة الرقابة على المصارف

على صعيد آخر، وبعد انتظام العمل الحكومي، يتجه مجلس الوزراء يوم الثلاثاء المقبل إلى بت موضوع لجنة الرقابة على المصارف، بعدما يكون وزير المال علي حسن خليل استكمل اتصالاته التي بدأها مع الأفرقاء السياسيين في موضوع الأسماء المطروحة لهذه اللجنة، على رغم أن مصادر وزارية رجحت لـ«البناء» التمديد للجنة الحالية، إلا أنها أشارت في الوقت نفسه إلى أن الأمر مرهون بالمشاورات التي يجريها الوزير خليل مع المعنيين. ولفتت إلى «أن التيار الوطني الحر يطرح اسم جورج حداد بدل سامي العازار، وجوزف سركيس بدل أمين عواد وأن حزب الكتائب أعاد تسمية منير إليان».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى