مئة شهادة عربية حول مجازر الإبادة الأرمنيّة في كتاب للباحثة نورة آريسيان

يعرض كتاب «مئة شهادة عربية» للدكتورة نورة آريسيان آراء وشهادات شخصيات عربية في مجازر الإبادة الأرمنية التي ارتكبها العثمانيون نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، التقتهم المؤلفة طوال عقد من الزمن. وفي الكتاب آراء لأدباء ومفكرين سوريين وعرب، بعضهم رحل عن عالمنا مثل الأديب والروائي عبد السلام العجيلي الذي تحدث عن مساعدة والده حداد العجيلي الأرمن الفارين من المذابح العثمانية وإيوائهم في بيته بعدما اختبروا أساليب تعذيب غير مسبوقة، فالرجال والأطفال كانوا يرمون في نهر الفرات، معتبراً أن المجازر الأرمنية واحدة من أبشع المجازر في التاريخ.

المفتي العام للجمهورية الدكتور أحمد بدر الدين حسون يقول في شهادة إن شرائع السماء هي التي تمنع الشر والقتل، فالإسلام والمسيحية وشريعة إبراهيم جعلت الإنسان هو المقدس الأول، فدمه وماله وعرضه حرام، وشهداء الأرمن نموذج للظلم الذي صاغته يد السياسيين في صفحات التاريخ. والواجب اليوم علينا جميعا أن نعلم أبناءنا كيف يصنعون السلام بالحب والإيمان.

الكاتب والمؤلف المسرحي وليد إخلاصي يقول إن اللجوء الأرمني إلى سورية تحديداً كان له مبرر جغرافي وتاريخي، لو عدنا إلى الطبيعة النفسية للعرب السوريين، إذ كانوا يتعاطفون دوماً مع أي شعب وقع عليه الظلم.

القاص والروائي الفلسطيني حسن حميد يقول إن الندوب التي تركتها المذابح العثمانية لدى أبناء الشعب الأرمني لم تمح بل توارثتها الأجيال الأرمنية الجديدة، معتبراً نكبة الأرمن وجهاً من وجوه الاستعمار الشرس، سواء ما قام به العثمانيون أو التجاهل الكبير من المجتمع الدولي للجرائم ضد الأرمن.

يعرض كتاب آريسيان لتجربة المسرحي والكاتب والشاعر الراحل ممدوح عدوان عن القضية الأرمنية، مسلطاً الضوء على مرحلة الحرب العالمية الأولى في ظل الاحتلال العثماني إذ اجتهد عشرين سنة تقريباً في جمع وثائق ومراجع ومقابلات شخصية مع أشخاص عاشوا تلك الفترة وكتب مسرحيتين الأولى هي «الغول» ويقصد جمال باشا السفاح والثانية «أيام الجوع» عن شاب أرمني هارب ومهاجر، وتوضح المسرحية حقيقة التفكير العثماني واستعداد أصحابه لتكرار فعلتهم على مر التاريخ.

عن روايته «مدارات الشرق» يقول الروائي نبيل سليمان: «إن القرن العشرين ينتهي مثلما ابتدأ من مذابح الأرمن، وبقدر ما يصعب علي أن أصدق هذه الوحشية في الإنسان بقدر ما زلت أصدق أن الإنسان نفسه قادر على أن ينتصر على الوحش الذي ذبح الأرمني أو الفلسطيني، فالقضية الأرمنية وصمة عار على جبين القرن العشرين، وكذلك القضية الفلسطينية».

الروائي الراحل عبد الرحمن منيف سجل شهادته من خلال تناوله قضية الأرمن في رواياته بين 1933 و2004، جاعلاً الشخصية الأرمنية من المفردات الأساسية في بعض رواياته مثل «سيرة مدينة» و»مدن الملح» و»أرض السواد»، واصفاً ما تعرض له الشعب الأرمني في العصر الحديث بالظلم الذي لم تتعرض له سوى شعوب قليلة في هذا العالم نتيجة التعصب وضيق الفكر والمكر الدولي.

الكاتب والأديب حسن م يوسف يكشف أنه خلال أثناء فترة البحث عن المادة العلمية والتاريخية لمسلسل «أخوة التراب» الذي كتب له القصة والسيناريو والحوار وأخرجه نجدة أنزور «مارس الأتراك الطورانيون ألواناً من القسوة على جيرانهم لا مثيل لها في تاريخ المنطقة، إذ ذقنا طعم الظلم نفسه وتعاطفنا مع إخوتنا الأرمن الذين تم تهجيرهم من أرضهم في واحدة من أقسى عمليات التطهير العرقي في النصف الأول من القرن العشرين».

الكاتب والباحث الدكتور اسكندر لوقا يعتبر إن الإبادة الأرمنية هي جريمة عصر لا تقل وحشية عن جرائم النازية والصهيونية ضد الإنسانية، وهي لطخة عار على جبين هؤلاء العتاة جميعا.

في الكتاب شهادات أيضاً لكتاب وأدباء آخرين مثل زبيرو سلطان وإبراهيم الخليل من الرقة وخليل جاسم الحميدي وعمر الدقاق، إضافة إلى أعلام في الفكر والسياسة.

الكاتبة من مواليد دمشق 1967، تحمل إجازة في اللغة الفرنسية ودكتوراه في الأدب الحديث، وهي أستاذة محاضرة في كلية الآداب في جامعة دمشق، نشرت العديد من الأبحاث في الصحف والمجلات العربية والأرمنية من مؤلفاتها: «أصداء الإبادة الأرمنية في الصحافة السورية» و»النواب الأرمن في المجالس النيابية السورية» و»غوائل الأرمن في الفكر السوري»، فضلاً عن العديد من الكتب المترجمة مثل «ضريبة الباقة» للكاتب هاكوب بارونيان وغيرها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى