سعاده: العروبة الحقيقية إلغاء حدود «سايكس ـ بيكو» والمقاومة تجسّد أفكارها القبيلات: الوقوف مع المشروع الاستقلالي والوطني هو الوحدة العربية الحقيقية

حوار: سعد الله الخليل

أكدت الأستاذة الجامعية والباحثة اللبنانية الدكتورة صفية أنطون سعاده أنّ «سورية الطبيعية لا تزال تحارب لأجل المفهوم العروبي، وإذا انتصرت سورية يمكن تعميم هذا المفهوم على العالم العربي، أما في حال الفشل فإنّ المشروع الوحدوي يكون قد انتهى».

وشدّدت سعاده على أنّ «الوحدة العربية هي ما يتحدّث عنه التيار الشعبي لا الحكام، لأنّ هذا التيار يؤمن بالوحدة والعروبة وبالفكر العربي وليس بالفكر الديني المتطرف».

وإذ أشارت إلى أنّ العروبة الحقيقية هي إلغاء حدود «سايكس ـ بيكو»، لفتت سعاده إلى أنّ «هذا ما يحصل اليوم بعد أن كرّس سيد المقاومة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه مقولة سنضرب في أيّ مكان، وهذا ما ينهي الحدود، وهو ما ترفضه أميركا لنبقى ضعفاء أمام إسرائيل».

وأوضح رئيس اتحاد الشيوعيين الأردنيين الكاتب سعود القبيلات بدوره، أنّ «العروبيين الواقفين مع مشروع الاستقلال والمشروع الوطني والتقدم الاجتماعي هو الوحدة العربية الحقيقية، مشيراً إلى أنّ «واشنطن أوكلت إلى السعودية الإشراف على العالم العربي وهي لا تملك إيديولوجية غير الدين، لأنها مكوّن عائلي وليست دولة، وهذا ما سمحت به أميركا والغرب لأسباب عدة منها أنها ترفض المفهوم القومي».

وأكد القبيلات أنّ «العرب يعيشون مخاضاً على المستوى الإقليمي والدولي وهو الصراع بين نظام التبعية وبين مشروع الاستقلال والتحرّر الوطني، معتبراً أنّ الغرب يريد استمرار هذا الصراع من طريق «الإخوان المسلمين» لتتحوّل السياسات الليبرالية عن طريقهم إلى اقتصاد إسلامي، كما كان في تونس ومصر، لكنه جزم بأنّ هذا المشروع قد سقط تاريخياً بفضل صمود سورية التي أعاقته ووضعته في أزمة رغم الآلام الشديدة ما أدّى إلى نشوء وعي عربي جديد، لكن لا يرقى إلى مستوى النهوض».

وفي حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وشبكة «توب نيوز»، تزامناً مع ندوة «العروبة وأسئلة النهضة» التي تنظمها وزارة الثقافة السورية بمشاركة باحثين من دول عربية، شدّد القبيلات على ضرورة تحديد المصطلحات، قائلاً: «العروبة ثقافة يجب تجسيدها في حالة وحدوية تجمع الشعوب العربية على أسس الديمقراطية وتراعي وتأخذ الواقع الموجود في الاعتبار وترتقي به من دون الاستسلام أو التسليم، بل الاستفادة من مكوّناته وموجوداته لصنع الوحدة الحقيقية».

وأشارت الدكتورة سعاده بدورها، إلى ضرورة التفريق بين كيف فُهمت العروبة اليوم وكيف فُهمت في الماضي، «لأنّ العروبة في الماضي وفي القومية العربية فُهمت على أساس العرق العربي، وهذا ما يؤدّي إلى تشظي المجتمع العربي وتفتته ويعنى بوجود عرق عربي أيّ تغييب الأعراق الأخرى، الكردي والآشوري والشركسي ورفضها، لذلك ظهرت خلال الـ100 عام الماضية مشكلات عديدة، خصوصاً في العراق على أساس المفهوم الخاطئ للعروبة وهو ما يستدعي التفريق بين الثقافة والإثنية».

وشدّدت سعاده على أنّ «العامل الأساسي للعروبة هو الثقافة المنفتحة التي نمت عبر قرون في الهلال الخصيب، وهذا ما يفسّر وجود مئات الملل في هذه المنطقة، فالعروبة ثقافة ضمن بيئة جغرافية محدّدة موجودة في منطقة الهلال الخصيب خلافاً لشمال أفريقيا مثلاً التي لا توجد فيها هذه الثقافة».

ولفت القبيلات إلى أنّ هناك من يعتبر نفسه عروبياً فيما يقف في الصف الأميركي ـ الرجعي، وأضاف: «هناك عروبي يؤيد السياسات الليبرالية، فنحن نتحدث عن العروبيين الواقفين مع مشروع الاستقلال والمشروع الوطني والتقدم الاجتماعي ومع وحدة عربية حقيقية مبنية على أسس اجتماعية وثقافية متينة ومستنيرة، لافتاً إلى سعي حقيقي لبلدان عربية نحو الوحدة العربية ما يدعم هذا التوجه، وقال: «من مصلحة هذه الشعوب العربية السعي إلى إنجاز الوحدة العربية».

ولفتت سعاده إلى الفرق بين الوحدة العربية والعروبة وقالت: «الوحدة العربية في مشكلة الآن، لذلك الشباب يقول إنه لا يريد العروبة، لأنه لا يمكن ان يكون الإنسان مع نقيضه، فكيف يمكن لعربي ضرب سورية بِاسم «إسرائيل»! وقالت: «السعودية التي تقف مع «إسرائيل» علناً تعرقل الوصول إلى وحدة عربية».

وتابعت سعاده: «الوحدة العربية هي التي يتحدّث عنها التيار الشعبي لا الحكام، لأنّ هذا التيار الشعبي يؤمن بالوحدة والعروبة، وهو مؤمن بالفكر العربي وليس بالفكر الديني المتطرف، وقالت: «بعد مرحلة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر انهار وتحوّل المشروع من عروبة إلى إسلام وهذا ما نعيشه الآن، إسلام رجعي انتهى بنا إلى داعش وهو ما يعيدنا إلى الوراء».

سورية والعروبة

وأشارت سعاده إلى أن «سورية الطبيعية لا تزال تحارب لأجل المفهوم العروبي، وإذا انتصرت سورية يمكن تعميم هذا المفهوم على العالم العربي، أما في حال الفشل فإنّ المشروع الوحدوي يكون قد انتهى».

وأكد القبيلات من جهته، أنّ «الاحتلال العثماني كان له تأثير سيّئ في العالم العربي كأسوأ احتلال مر عبر التاريخ، وترك آثاراً ما زالت موجودة، وأضاف: «إذا أردنا لشعوبنا أن تنهض فيجب الفصل بين الدين والسياسة، وهناك دول وأطراف توظف الدين في خدمة السياسة، وهذا ما يعتبر إساءة إلى الدين الذي يصبح مجرد أداة، وقال: «هناك فرق كبير بين الإخوان المسلمين وبين الصوفيين، وهو ما يجعل من الصعب بمكان ربط الدين بالسياسة».

واعتبرت سعاده أنّ «واشنطن أوكلت إلى السعودية الإشراف على العالم العربي وهي لا تملك إيديولوجية غير الدين، لأنها مكوّن عائلي وليست دولة، وهذا ما سمحت به أميركا والغرب لأسباب عدة منها أنها ترفض المفهوم القومي لأنه لا يسمح لها باستغلال الخيرات، لكن في عهد الرئيس محمد مرسي والإخوان استطاعت الوصول إلى هذا الهدف في مقابل السلطة».

واعتبر القبيلات أنّ «السعودية تملك أكبر احتياط ديني غبّ الطلب يخدم الأميركيين وجاهز للاستخدام والتوظيف في أيّ لحظة، استخدم في أفغانستان ويوغسلافيا التي لم تدخل في الحلف الأطلسي وبعدها جاؤوا به إلى مرحلة ما يُسمّى الربيع العربي في سورية وليبيا وغيرها، وهو الإسلام الوهابي».

وأكدت سعاده أن «العروبة اليوم تتكل على الدين الإسلامي في تحقيق أهدافها وتعتقد أنّ المسلم في أفغانستان وباكستان وأندونيسيا يناصر قضاياها، وهذا وهم، المسلم في تلك البلدان يناصر قضايا بلده لا قضية فلسطين والمسجد الأقصى، وهذه هي الوهمية التي تدّعي وجود مليار مسلم فيما «إسرائيل» لا تزال موجودة، فهذا دعم عاطفي وليس حقيقياً، وهو ما نادى به مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي الزعيم أنطون سعاده بإطلاق العروبة الحقيقية في سورية الكبرى بِاسم القومية وليس بِاسم الدين لأنه يرفض مزج الدين بالسياسة».

حركة التحرّر العربية

ورأى القبيلات أنّ «حركة التحرّر العربية لم تنجز مشروع التحرر الوطني بعد، لأنّ أغلب الأنظمة السياسية ما زالت تابعة ومتخلفة، وهذا مشروع ما زال مطروحاً أمام حركة التحرّر العربية ويجب إنجازه حتى نتخطى هذا الواقع، مشيراً إلى أنّ العرب يعيشون مخاضاً على المستوى الإقليمي والدولي وهو الصراع بين نظام التبعية وبين مشروع الاستقلال والتحرّر الوطني، والغرب يريد استمرار هذا الصراع من طريق الإخوان لتتحوّل السياسات الليبرالية عن طريقهم إلى اقتصاد إسلامي، كما كان مشروع الإخوان في تونس ومصر، مؤكداً أنّ هذا المشروع قد سقط تاريخياً بفضل صمود سورية التي أعاقته ووضعته في أزمة على رغم الآلام الشديدة، ما أدّى إلى نشوء وعي عربي جديد، لكنه لم يرقَ بعد إلى مستوى النهوض».

وشدد القبيلات على «البحث للتعامل مع المرحلة المقبلة ومحاولة وقف الهجمة على المنطقة التي يعود سببها إلى أن أنظمة التبعية ما زالت موجودة، وهذه الهجمة لها وجهان: أحدهما إسقاط الأنظمة المستقلة في سورية والعراق وليبيا، مع التحفظ على سياسات الرئيس السابق معمر القذافي، إلا أنّ الهدف هو ضرب الاستقلال وإقامة تقسيم جديد في بلاد الشام على أساس مذهبي وطائفي وهذا ما تحدّث عنه المنظرون «الإسرائيليون» أواخر التسعينات عندما وضعوا خطة لتقسيم الدول المحيطة بالكيان إلى دويلات طائفية لتبرير وضع «إسرائيل» كدولة طائفية، وهو ما يجري الآن من شحن طائفي في الفترة نفسها التي تتحدث فيها «إسرائيل» عن يهودية الدولة».

وأشارت سعاده إلى دور المقاومة في إعادة الصراع إلى وجهته الصحيحة وتغيّر الموازين وقالت: «طالما لم نستعمل القوة فإننا نراوح مكاننا، لكن بظهور المقاومة اللبنانية تمّ كسر هذه الموازين، وأكدت أنّ «الجمهور الذي يؤمن بالمفاوضات مع «إسرائيل» هو ما يقودنا إلى الانهيارات وعدم الوصول إلى أي تغيير»، مشيرة إلى أنّ «المقاومة التي اعتمدت السلاح هي من سيوصلنا إلى النور».

وأوضح القبيلات أنّ «هذه المقاومة تتنافى مع وجود «إسرائيل» كشرطي متقدّم في المنطقة».

المقاومة وكسر «سايكس ـ بيكو»

وأكدت سعاده أن «العروبة الحقيقية هي إلغاء حدود سايكس ـ بيكو، وهذا ما يحصل اليوم بعد أن كرّس سيد المقاومة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه مقولة سنضرب في أيّ مكان، وهذا ما ينهي الحدود وهو ما ترفضه أميركا لنبقى ضعفاء أمام اسرائيل»، وأضافت: «الدولتان السورية والعراقية ساهمتا أيضاً في شكلٍ كبير في كسر هذه الحدود المفترضة».

واعتبرت سعاده ان «الجامعة العربية مجرّد أداة في يد الأميركيين و«إسرائيل»، وتقف خارج دورها المفترض».

واعتبر القبيلات أن «الأمن المشترك ما زال مستمراً بين الدول ذات التبعية الأميركية كالأردن وغيره، وطالب بالبحث عن جامعة عربية حقيقة تدعم التوجه القومي والمشروع العربي». وأضاف: «هناك حاجة لدى الشعوب العربية لأن تبني مشروعاً متطوراً تدافع فيه عن نفسها، والعروبة المتعلقة بالجامعة العربية قد سقطت وأصبحت محوراً مرتبطاً بالغرب».

واختتم كلّ من سعاده والقبيلات بتأكيد أنّ «العروبة الحقيقة مختلفة عن العروبة التقليدية، وهي تلك الموجودة في سورية الطبيعية، وقد نجحت نجاحاً كبيراً حتى الآن»، مضيفَين: «أنّ الخليج ما زال معتمداً على الجيوش الأميركية، وهو ما دفع قطر للذهاب إلى تركيا اليوم لعدم وجود جيوش لهذه الدول، لكن سورية والمقاومة هما من أوجد معادلة ردع «إسرائيل» التي أصبحت عاجزة الآن عن أي حرب خارج حدودها، وهذا ما يفسّر امتلاك «الإسرائيليين» لجوازات سفر أميركية تمكنهم من الهرب في حال نشوب أي حرب وهذا إنجاز كبير لنا».

يُبث هذا الحوار كاملاً اليوم الساعة الخامسة مساءً ويُعاد بثه الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز» تردّد 12034

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى