ليس شعراً… لكن هذه أحوالنا وتلك مصر

ثائر أحمد إبراهيم

هناك أرضٌ في الشمال تغزوها ذئاب الليل، ويصمت عن هول المصاب أشقاءٌ جنوبيون.

صادمةٌ حكايانا، شماليون منسيون…!

شماليون منكوبون فوق ذلك الجسد المقطع للخريطة، وذات ليلٍ إذ غفوْنا بان في أقصى زوايا الحلم أبناءٌ لقاهرة المعز، وأسوارٌ تحاصرها ضباع الغدر، وذاكرةٌ تدنّسها لِحىَ النكَدِ.

هناك كان لي جدّ يرتل:

في البعيد شماليون محميّون…!

وهنا على أرض الكنانة رايةٌ عربيةٌ غُسلت بفتوى كاهنٍ.

وإذّْ ما شاعرٌ رسم القصيدة كي يعرّي سوءة الكافور قام لحربه حرس الزمان.

وهنا على أرض الكنانةِ الرواة يثرثرون، عن سيد النيل المقاتل حيث يستعصي السؤالُ وترتفع المشانقُ إن تلفظ ساكنٌ بفم المقال.

أصلُ الحقيقة في الشمالِ، ومن الرواية أنّ في أرض الكنانة رايةٌ في الحلمِ حتى الحين منسية…!

ومن الخليج إلى المحيط وعلى امتداد مضارب الرملِ القميء وفوق شُطآن الإجابة رايةٌ أخرى، وعلى قماشِ البيرقِ الخفاقِ مكتوبٌ بأقلام الخطيئة أنّ معدننا الخطية.

في كلّ ليل كان جدي، يعلكُ نصف أغنية عن المستقبل الدامي، وعن تاريخنا المهووسِ بالنسوة الشمالية.

وكان يحلف أنّ كافوراً عقر الخيولْ.

وأنّ كافوراً، تناسى كلّ تاريخ الكرامة مذ تعهّد في فناء البيت خلف أمواج المحيط الأطلسي أن يحمي غزاة الليل من الفحول، فالأصول هي الأصول.

في كلّ ليل كان جدي ينكت الجيب المقابل قلبه الهرم الحزين ليسمعنا صراخ حروف قصته، وينثر بين أعيننا قُصاصة صفحةٍ صفراءَ مهملةً ومنسية.

في ذيلها، إمضاء كافور القبيح وفي متنها كلّ الأدلة أنه باع القضية.

إني لأمقت أن يكون كافوراً وجدّي في منام واحدٍ، فلا كافور ينفي عن عباءته تهم الخيانة، ولا جدي يهادن كافوراً حيث فرط بالأمانة.

وأقلت ذاتي عن متابعة الحديث، فلست أقبل أنّ تاريخ السيادة كذبة، وأنا الشمالي يسري في ثنايا طينتي دفق الكرامة…!

ففي الشمال تلاحمت أبناء يعرب كالصخور، وتراصفت كرماح قاهرة المعز لكي تردّ جحافل الهمج الرعاع.

ولست أهذي إذ أقلب ناظري بين الحقيقة والضياع…!

ولقد أفقت فما وجدت سوى الشمال، ورأيت نيرانا تسيل من الشمال، ورأيت آساد تقاوم جيش أنصاف الرجال وإبليسٍ وقابيلٍ ونمرودٍ وفرعونٍ، وهناك في قلب الحريق حيث الأرض تغلي فارس في زي ضيغم قسورة، وسيوف أصحاب النبي محمد مستنفرة، ورجال جيش لم يهن متجمهرة وهديرها ملء الزمان بزمجرة.

وعلى المنابر ناطق يتلو علينا ما يلي:

قامت قواتنا المسلحة الباسلة بصدّ هجوم العصابات التكفيرية عن أرض الشمال، ولا تزال نيران مرج دابق تعلو على ظلام تاريخ التآمر الأسود الحالك.

ولقد قامت جنود القائد قانصوه الغوري بتدمير قافلتين من الخراف الضالة ومئة ناقة جرباء للإرهابية البسوس، إضافة إلى تسعة مواخير كانت ذئاب آل بن عبد الوهاب تتخذها مقرات لرعاتها ومستودعاتٍ لعلف جمالها، وإنّ كلّ الإشاعات حول إصابة القائد الغوري كاذبة وهو يتابع مع عناصره ملاحقة فلول الإرهابيين في كلّ المسالك.

كما أنّ الباشا محمد علي قد أستنفر جيش الجنوب وسيّره نحو درعية ابن سعود الهالك.

وإن جان برد الغزالي الذي أفلت من كمين رجال الله ذات يومٍ وظلّ طليقاً يؤمّن دخول المتسللين من العثمانيين الجدد إلى بلاط الدولة، سقط بالأمس في أيدي أسود الله المقدسة الشمالية، ولا صحة للأخبار الواردة عن استرداد الاخشيديّين لقاهرة الملك المعز ولا لكلّ الأقاويل التي تفشّت عن ضياع حاكم مصر في تحديد خيارات اصطفافاته بعد أن كبّلته اتفاقية.

لقد خابت مؤامرة الفرنجة مع خوارج التاريخ لإجراء فصل جراحي بين عقل وجسد وروح الأقاليم العربية المصرية والسورية والعراقية.

هذا وقد أوقعت قواتنا الباسلة العديد من مرتزقة الإرهابي العثماني الطامع بنشر ظلامه فوق ربوع الأمة كي يغلق عين القمر المنير بين قتيل وجريح، وهناك أنباء متضاربة عن إصابة الأعور الدجال وفراره نحو صحراء الربع الخالي.

أما حديث الخائبين عن الجنود المتهامسين حول الشاعر الذي قال كلاماً كثيراً عن الفارق الهش بين النساء و بين الشجر، وعن كافور الذي ينجب ذراري الهزيمة، فهي محض افتراء ودجل، فلن يهان الحق في دولة المقاومين طالما أنّ ريتا محمية بألف عين وبندقية.

وختاماً فإننا نعد شعبنا الشمالي العظيم أنّ حارس النفط اللعين سيسقط مهما كانت التضحيات أو غلا الثمن.

التوقيع: المقاوم بأمر شعب الشمال، الجيش العربي السوري.

محام

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى