مرحلة «كباش» وانتظار دوليّاً وإقليميّاً

نور الدين الجمال

يعتبر مصدر دبلوماسي عربي أن مصلحة الإدارة الأميركية أن يبقى الوضع في المنطقة في حالة ستاتيكو، وأن كل الأمور متوقعة على مجموعة مسارات، والمسار الأساسي الروسي ـ الأميركي في هذه المرحلة يتعلّق بموضوع أوكرانيا، وثمة كباش كبير بينهما، فالكلام الذي تفوّه به نائب الرئيس الأميركي جو بايدن حول أن روسيا لاعب إقليمي كبير وليست لاعباً دولياً، إنما يهدف إلى تقزيم دور روسيا في العالم، وهذه نقطة جوهرية في الخلاف أو التباين الأميركي ـ الروسي، باعتبار أن فريقاً في الإدارة الأميركية ما زال مصرّاً على أن روسيا ليست دولة عظمى وكبيرة، مع الإشارة إلى أن الأزمة الأوكرانية يجب ألاّ تؤثر في التفاهمات في الشرق الأوسط، وإن لم تتبلور بعد بصورة نهائية، وبمقدار ما يتم التفاهم بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران في الملف النووي بمقدار ما ينعكس ذلك إيجاباً على وضع المنطقة، لذا كانت النصيحة الأميركية إلى المسؤولين السعوديين أن من مصلحتهم التفاهم مع إيران، وفي المقابل يحاول الإيراني تسهيل الانفتاح على المملكة العربية السعودية.

يضيف المصدر: أما على صعيد ملف الإرهاب وما يحصل في كل من سورية والعراق على هذا الصعيد، فالأميركي لا يمكن أن يتساهل في شأن وجود قوى وتنظيمات إرهابية مسلحة مثل «داعش» و«النصرة» ذات تأثير في بعض دول المنطقة، وليس في وسع الولايات المتحدة أن تتحمل «طالبان» جديدة تحاول التمركز في لبنان أيضاً، ولذلك فإن الموضوعين السوري والعراقي ما زالا موضع خلاف بين أميركا وروسيا، وبين إيران وتركيا وإيران والسعودية، مع الإشارة إلى أن السياسة الأميركية القائمة على مبدأ «الديماغوجية» تعتبر أكثر تفهماً من الموقف السعودي أو التركي حيال العراق وسورية، بالإضافة إلى الملف الفلسطيني الذي بدأ يأخذ أبعاداً خطيرة.

يتابع المصدر قائلاً: إذا لم يحقق الرئيس أوباما مكاسب معينة في وجه الجهوريين، في انتظار انتخابات الكونغرس في تشرين الأول، فهذا يعني أن الحزب الجمهوري سيحقق انتصارات في الكونغرس ثم في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ولمنع هذا الاحتمال يسعى الرئيس الأميركي إلى تحقيق اتفاق نووي مع إيران لكي يقدمه إلى الأميركيين كأنه حقق انتصاراً ما، وثمة في العراق وأفغانستان تقاطع نفوذ بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية الإيرانية، لذلك إذا كان الأميركي يريد تسويات ترضي الرأي العام لديه أو أصوات المتطرفين والمحافظين الجدد، فهو يضع نفسه بين هذين الخيارين في مأزق كبير.

يكشف المصدر كذلك أن في لبنان مؤشرات تسوية تشارك فيها إيران والسعودية وسورية وروسيا والولايات المتحدة حول انتخاب رئيس جديد للجمهورية، علماً أن بعض المعلومات تفيد بأن تفاهماً إيرانياً ـ روسيا ـ عراقيا حصل عنوانه الرئيسي أن لا تسوية في لبنان على الرئيس المقبل إذا لم يكن لسورية دور أساسي فيه، ولذلك ثمة توجه أو احتمال لأن يكون الاستحقاق الرئاسي مؤجلاً، فهاجس الإدارة الأميركية حالياً ينصب على انتخابات الرئاسة في سورية، وفي هذا الإطار يحاول الأميركي بالتعاون مع السعودي والقطري إعادة هيكلة القوى العسكرية للتنظيمات والمجموعات الإرهابية وإشعال الجبهات كافة على الأرض السورية من خلال ما يسمى بالقوى الإسلامية المعتدلة، وتزويدها الأسلحة المتطورة، والتركيز في الهجمات على المدن الكبرى لإفشال عمليات التصويت فيها لمصلحة الرئيس بشار الأسد، ولو استعرضنا المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة الوطنية السورية فإن السوريين الموجودين فيها تبلغ نسبتهم نحو 80 في المئة ومعظمهم سيصوّتون لمصلحة الرئس الأسد، لذا يتوقع من الآن حتى حصول الانتخابات الرئاسية في سورية المزيد من المعارك الشرسة، مع تحريك الملف العسكري مثلما هو حاصل في أكثر من منطقة، وفي الوقت نفسه تحريك الملف الإنساني ومحاولة العودة مجدداً إلى استثمار الملف الكيماوي. ورغم هذه التطورات فإن المملكة العربية السعودية لم تعط إشارات لتغيير مواقفها بالنسبة إلى سورية والعراق في ضوء التغييرات الحاصلة على صعيد العائلة الحاكمة، والتي لن تقف عند هذا الحد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى