هل انتفت الحاجة إلى الناتو؟
تناولت صحيفة «نوفيه إزفيستيا» الروسية، التصريحات التي تطلق هنا وهناك عن ضرورة إنشاء جيش موحّد للاتحاد الأوروبي. وجاء في المقال: دعا رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، إلى إنشاء جيش موحد للاتحاد الأوروبي، على أن تناقش هذه المسألة خلال قمة الاتحاد التي ستنعقد في حزيران المقبل.
جاءت دعوة يونكر، خلال التصريحات التي أدلى بها لصحيفة «Die Welt» الألمانية، من دون أن يخفي الهدف من إنشاء هذا الجيش، إذ قال: «طبعاً، إنشاء الجيش الأوروبي وزجّه في المعركة مباشرة غير ممكن. ولكن هذا الجيش الموحد سيظهر لروسيا مدى جدّيتنا في الدفاع عن القيم الأوروبية».
تبع ذلك تصريحات أطلقها الممثل الرسمي للمفوضية الأوروبية مارغريتيس شناس، الذي أعلن أن فكرة يونكر ستناقش خلال قمة الاتحاد التي ستنعقد في حزيران المقبل، لتحديد مدى إمكانية إنشاء الجيش الأوروبي الموحد، وقال: «أنا اعتقد أنه يجب أن نتجاوز هذه التصريحات، وعلينا دراسة جوهر المشكلة. ولكننا لم نصل إلى المرحلة المناسبة».
ليست فكرة إنشاء الجيش الأوروبي الموحد جديدة. لقد رأس يونكر حكومة لوكسمبورغ سنوات طويلة تعداد جنود لوكسمبورغ وضباطها 900 شخص فقط ، وهو من المتحمسين جدّاً لإنشاء هذا الجيش، حتى أنه أدرجها في برنامجه خلال الحملة الانتخابية لمنصب رئيس المفوضية الأوروبية. بحسب رأي يونكر، هذه القوات ستتصرف بالأموال المخصّصة للشؤون الدفاعية بصورة أفضل، إضافة إلى تعزيز التكامل الأوروبي. فمثلاً، سيساعد الجيش في توحيد السياسة الخارجية وفي مسائل الشؤون الدفاعية.
طبعاً، لا موقف موحّداً من هذه المسألة في الاتحاد الأوروبي، كما هي الحال في مسائل السياسة الاقتصادية إزاء روسيا، التي يتهمها الغرب بتأجيج النزاع في جنوب شرق أوكرانيا. فمن جانب تدعو جمهوريات البلطيق وبولندا حلف الناتو إلى تشديد الموقف من روسيا، معتمدة بالدرجة الأولى على الولايات المتحدة أكثر مما على أوروبا الموحدة.
يقول مدير مركز تحليل تجارة الأسلحة في العالم، إيغور كوروتشينكو، إن ألمانيا بالذات هي صاحبة فكرة إنشاء الجيش الأوروبي الموحد لأنها تريد تعزيز تأثيرها في أوروبا. وقال: «أعتقد أن هناك فرصة لإنشاء هذا الجيش، وأن كل شيء مرتبط بالرغبة والأموال».
كم سيكلف انشاء هذا الجيش؟ غير معروف. أما في ما يخص الرغبة، فإن بريطانيا تقف على طول الخط ضدّ هذه الفكرة. فقد أكد رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون مراراً وتكراراً أنه لن يدعم هذه الفكرة بأيّ شكل كانت، وقال: «إن موقفنا واضح جداً، مسألة الدفاع، هي مسؤولية الدولة المعنية لا الاتحاد الأوروبي، ولن نغيّر هذا الموقف في شأن هذا الأمر». طبعاً، ومن دون شك، تلعب دورها هنا الولايات المتحدة التي تعتبر بريطانيا بالنسبة إليها حليفها القديم والمقرب.
إن إنشاء جيش أوروبي موحّد، تعتبره الولايات المتحدة تهديداً لوحدة الناتو. لأن ظهور جيش داخل جيش ضمن إطار الناتو سيزعزعه. إضافة إلى هذا، تقف ضد فكرة إنشاء الجيش الموحد، تجربة العمليات العسكرية في ليبيا عام 2011، حيث كان الأوروبيون على رأس الائتلاف، ولم يتمكنوا من كسر مقاومة الجيش الليبي الضعيف خلال فترة طويلة، على العكس من العملية العسكرية الناتوية السريعة التي أطاحت عام 2003 بصدّام حسين.