مخيّم عين الحلوة والخيارات المُرّة…
جمال الغربي
معادلة الأمن المفقود والانفجار ما زالت صامدة حتى الآن في مخيم عين الحلوة. على رغم استمرار مسلسل الاغتيالات الذي يطال العديد من الأطراف في المخيم. وكان آخره اغتيال علي خليل الساعد الأيمن لأسامة الشهابي «أمير تنظيم فتح الإسلام سابقاً، وحالياً هو من مؤيدي جبهة النصرة وتنظيم القاعدة على المستوى العقائدي».
مساع عديدة تبذلها القوى والفصائل الوطنية والإسلامية من أجل عدم الوقوع في المحظور وتكرار تجربة مخيم نهر البارد. آخرها المبادرة التي وقّعتها القوى والفصائل الشهر الفائت في المخيم، والتي ترفض الاقتتال الفلسطيني الفسطيني. إلا أنها لم تنجح في منع حصول عمليات اغتيال عدة شهدها المخيم منذ توقيع المبادرة حتى اليوم.
على الورق الجميع متفق على تحصين أمن المخيمات ولا سيما عين الحلوة. مواقف القوى الوطنية والإسلامية أكثر من ممتازة. من خلال المواقف السياسية ترفض القوى الفلسطينية كافة أي توتير أمني أو زجّ المخيم في أتون الصراعات المحلية والخارجية. اجتماعات ولقاءات تعقد على مدار الساعة مع الجهات الأمنية والسياسية المعنية. في الأمس عقد اجتماع طارئ في السفارة الفلسطينية بمشاركة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية والتحالف والقوى الإسلامية، إضافة إلى أنصار الله من أجل البحث في الآليات التطبيقية للمبادرة الفلسطينية، بعد أن وصل الأمر إلى حدّ الانفجار كما يقول مصدر فلسطيني شارك في الاجتماع، وأن تحصين المبادرة الآن هو حاجة ملحة، وإلا الفشل سيكون مصيرها الوحيد.
ولكن على الأرض الوضع مختلف تماماً. وجود المربعات الأمنية داخل المخيم قد يكون عائقاً أمام تنفيذ بنود المبادرة كما يقول مصدر فسلطيني. إضافة إلى ضعف الإمكانيات لدى القوة الأمنية المشتركة التي لا تستطع توقيف أيّ مطلوب داخل المخيم لأسباب عديدة. وربما يكون تنظيم السير في المخيم أقصى ما يمكن أن تقدمه. وربما السبب الذي لا يريد الكثير من القيادات الفلسطينية التحدث عنه هو الخوف من الجهة التي تقوم بتلك العمليات، إضافة إلى عدم وجود غطاء سياسي فلسطيني لتوقيف أيّ مخلّ للأمن وفي المخيمات والدليل على ذلك بحسب المصدر أنه على الرغم من وجود كاميرات مراقبة واستنفار أمني وحصول أكثر من عملية اغتيال في مكان واحد في وضح النهار. ولم يتمّ القبض على الشخص الذي نفذ تلك العمليات منها اغتيال مسؤول جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية في صيدا ومنطقتها الشيخ عرسان سليمان، والعقيد في قوات الأمن الوطني الفلسطيني جميل زيدان وآخرين.
ويشير المصدر إلى معلومات مؤكدة، انّ لجنة التحقيق التي كلفت من قبل لجنة المتابعة الفلسطينية في قضية اغتيال الشيخ سليمان وصلت إلى خيوط تنفيذ الجريمة، والأشخاص الذين نفذوا العملية، إلا أنها غير قادرة، أقله، على استجوابهم بسبب الغطاء الممنوح لهم، علماً أنهم معروفون لدى الجميع وينتمون إلى تنظيمي جند الشام وفتح الإسلام بحسب المصدر، والذي يرى أنّ المخيم بات أمام خيارات أحلاها مرّ.
في اليومين الأخيرين، كثرت الشائعات عن اغتيالات واستهدافات لكوادر من عصبة الأنصار الإسلامية. ولم يكن الانتشار العسكري الذي نفذته ليل السبت ـ الأحد الماضي سوى رسالة لمن يريد العبث بأمن المخيمات. والعصبة التي كان لها موقف إيجابي في العديد من الأحداث الأمنية التي حصلت في المخيم ومحيطها، لا سيما أحداث عبرا وتعمير عين الحلوة في الصيف الماضي وتلعب دائماً دور صمام الأمان في عين الحلوة. كشف الناطق باسمها الشيخ أبو شريف عقل عن وجود لائحة اغتيالات للعديد من المشايخ في المخيم. داعياً إلى أخذ الحكماء دورهم، قبل ان نندم جميعاً، ساعة لا ينفع الندم، وقبل ان ندفع جميعاً الثمن من أعراضنا ودمائنا. كلام عقل يعكس الواقع الأمني المتردّي الذي وصل إليه المخيم.
في الدوائر الضيقة للأجهزة الأمنية اللبنانية. ثمة معطيات عن وجود جهات تحاول ان تشعل فتيل الانفجار في المخيم. أحد قادة هذه الأجهزة أبلغ مسؤولي الفصائل بضرورة معالجة الوضع الأمني على الفور ولم يعد الأمر يحتمل. واذا ما عولج الأمر فإنّ تجربة نهر البارد ستعيد نفسها في عين الحلوة.
بالدلائل والوثائق واجه المسؤول الأمني قادة الفصائل دور العديد من الأشخاص المطلوبين في المخيم ودورهم في العديد من الأحداث الأمنية داخل المخيم وخارجه. يقرّ مسؤول فلسطيني شارك في اللقاء بصعوبة إلقاء القبض على أي أحد من المطلوبين لأسباب واعتبارات عدة.
عدم قدرة الفصائل الفلسطينية على تنفيذ بنود المبادرة الفلسطينية وحسم الأمور ميدانياً. يضع المخيّم على مفترق طرق. إذ أن المخيم بتفاصيله يشبه إلى حدّ كبير بسفينة مخطوفة من قبل مجموعة صغيرة من القراصنة، تستطيع أن تتحكم بقمرة القيادة متى تشاء. وإذا ما أرادت هذه المجموعة إغراقها في أيّ وقت فهي قادرة على ذلك.