تقرير إخباري
رئبال مرهج وبشرى الفروي
«يجب أن تدرك إيران أن الكونغرس لن يقبل صفقة لم يوافق عليها».
هكذا دافع السيناتور الجمهوري توم كوتن على رسالته التي خطها باسم 47 عضواً جمهورياً في الكونغرس الأميركي موجهة إلى القادة الإيرانيين بشأن مستقبل أي اتفاق نووي قد يعقده الرئيس باراك أوباما مع طهران، مشعلاً بذلك نقاشات حامية داخل الأوساط السياسية في الولايات المتحدة الأميركية حول مستقبل الاتفاق الموعود.
فبعد أن حاول الغرب بزعامة واشنطن مراراً التشكيك بصدقية إيران في التزامها العهود التي قدمتها وتقدمها ضمن المفاوضات التي تجريها السداسية معها للوصول إلى اتفاق بخصوص ملفها النووي، تتوجه الأنظار هذه المرة نحو واشنطن التي تبدو لأول مرة في حالة تخبط واضطراب وعدم إجماع على قرار استراتيجي، سببه فشل السياسة الأميركية طيلة العقود الماضية واضطرار الديمقراطيين برئاسة باراك أوباما إلى الذهاب إلى اتفاق شامل مع إيران لضمان عودة الاستقرار إلى المناطق التي أشعلتها فوضى تدخل الأميركي وحلفائه في المنطقة.
فهيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية السابقة والمرشحة المحتملة لانتخابات 2016 الرئاسية، دانت الرسالة التي وجهها الأعضاء الجمهوريون في مجلس الشيوخ إلى القادة الإيرانيين واصفة الرسالة بأنها مبتعدة عن التقاليد الأفضل للإدارة الأميركية مما يثير التساؤل حول الغاية من هذه الرسالة.
وفي موقف مفاجئ، لم ينضم رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، بوب كوركر إلى قائمة الأسماء الموقعة على الرسالة على رغم معارضته لسياسة أوباما الخارجية، معللاً ذلك بأنه يعود لرؤيته بعدم ضمان توفر نسبة الثلثين المطلوبة للتغلب على قرار فيتو محتمل للرئيس الأميركي الذي هدد باستخدامه.
نائب الرئيس جو بايدن كان أشدّ وضوحاً وتنديداً بالحزب الجمهوري – المصمم بحسب بايدن – على تجاوز صلاحية الرئيس وإضعافه بينما يخوض مفاوضات دقيقة على الصعيد الدولي، لا بل إنه تصرف يلحق الإهانة بمؤسسة مجلس الشيوخ. وفي تحذير يتعدى واشنطن ليصل إلى تل أبيب، نبه بايدن من خطر فشل المفاوضات إذ ستتحمل الولايات المتحدة مسؤولية ذلك، في حين ستمضي إيران قدماً في برنامجها النووي المجمد حالياً.
تأتي تلك التناقضات والخلافات ضمن الأوساط السياسية الأميركية نتيجة تباين وجهات النظر حول السياسة الخارجية لواشنطن وأجواء ما بعد تباكي رئيس حكومة «إسرائيل» بنيامين نتنياهو أثناء زيارته الأخيرة للعاصمة الأميركية.
أما أوباما المتحفز لتحقيق إنجاز ما يعزز حظوظ حزبه الديموقراطي قبل الانتخابات الرئاسية العام المقبل، فقد ذهب في استنكاره خطوة الجمهوريين إلى اعتبار أن بعضاً من أعضائهم في الكونغرس والمتشددين الإيرانيين باتوا يشكلون جبهة واحدة.
وتوافقاً مع تصريحات الديمقراطيين الأميركيين، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن الرسالة التحذيرية التي وجهها جمهوريو الكونغرس إلى إيران في شأن الاتفاق النووي، تعتبر خطوة غير مسبوقة وغير دبلوماسية – وإن كانت غير ذات قيمة – متهماً من وصفهم بالمتطرفين في الكونغرس الأميركي بخلق المشاكل وإثارة التوترات.
وفي تجاهل صريح لرسالة الجمهوريين أكد ظريف انتصار إيران سواء نجحت المفاوضات أم فشلت، والولايات المتحدة الأميركية بذاتها قد اعترفت بمكاسبنا وإنجازاتنا.
ومع احتدام الجدال والمناقشات داخل القوى السياسية الأميركية، يظهر بوضوح أن إيران استطاعت بحكمتها وصبرها أن تكسب الرهان وأن تحول انتصارها السياسي إلى خلافات بين الإدارة الأميركية و»الإسرائيلية»، بل وحتى إلى داخل القوى السياسية الكبرى في أميركا، والتي ستزداد حدةً مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية العام المقبل، عندها سيكون للتفاهم الدولي- الإيراني وعبر بوابة الاتفاق النووي، دور كبير وحاسم في نتائجها.