نادر: جعَلنا سعاده ندرك أنّ أمتنا أوّل مَن بنى الحضارة والمعرفة
احتفلت مديرية بعقلين التابعة لمنفذية الشوف في الحزب السوري القومي الاجتماعي بالأول من آذار، عيد مولد باعث النهضة الزعيم أنطون سعاده، فأنيرت الشموع في الساحات العامة، ورفع القوميون والطلبة اللافتات في أحياء البلدة.
وأقامت المديرية ندوة في قاعة مجمّع الشوف السياحي، حاضر فيها مدير الدائرة الإذاعية في الحزب كمال نادر، بحضور منفذ عام الشوف الدكتور نسيب أبو ضرغم وأعضاء هيئة المنفذية، وممثل عن بلدية بعقلين، وممثل عن الحزب التقدمي الاشتراكي، ومسؤولي عدد من الجمعيات الأهلية والأندية، وحشد من القوميين والمواطنين.
استهلّ نادر محاضرته بالقول: نحتفل بالأول من آذار لأنّ أنطون سعاده أبدع نهضةً عزّ نظيرها في العصر الحديث، وأعطى عطاءً فكرياً ونضالياً باهراً، وختم كلّ ذلك بوقفة العزّ، واستشهد ولم يتراجع عن قضيته ومبادئه، وبذلك تجاوز الموت واستحقّ الحياة، وأن يكون يوم ميلاده عيداً قومياً.
لقد جاء سعاده بمشروع قوميّ كبير يساوي حياة الأمة والعالم العربي، وهو يعني أن نصبح دولة عظيمة بكلّ المقاييس السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدفاعية والعلمية والفنية، وإنّ مبادئ الحزب الأساسية والإصلاحية هي أركان هذا المشروع ومعالم النظام الجديد الذي نقدّمه لشعبنا كي يبني حياته عليه وينتهي من التخبّط والفوضى والحروب الطائفية والانقسامات المدمّرة، وكي يضع حدّاً للغزوات الخارجية والحروب العدوانية.
وأضاف نادر: لقد تميّز فكر الحزب بالتعريف العلمي والتحديد، فنحن حدّدنا معنى الأمة والقومية، ووضعنا حدوداً واضحة للوطن السوري… ونحن عندما نقول إنّ سورية للسوريين وأنها أمةٌ تامة، نعني بذلك تحديد السيادة، الاستقلال والقرار.
وإلى جانب العقيدة، وضع سعاده النظام والقواعد الأخلاقية لبناء الدولة القومية، كما كتب في الأدب والموسيقى، وأعطى نظرات واقعية في التحليل والنقد الأدبي والفني، وعمل على تحرير العقل الإنساني من بعض القيود التي تعطله وتحدّ من دوره. جاء سعاده ليقول «إنّ العقل هو الشرع الأعلى في المجتمع وأنّ المجتمع معرفة والمعرفة قوة»، كما وضع أسس الفلسفة المادية ـ الروحية ـ «المدرحية» ـ والتي تعني أنّ الوجود الإنساني وجودٌ اجتماعي مادي روحي، تتفاعل فيه القوى النفسية مع القوى المادية فتنتج الحضارة والتمدّن والعلوم والفنون، ويتحرّك التاريخ من نتاج تفاعل هذه القوى وتناغمها، فلا وجود للروح المطلقة إلا في عالم الغيب ولا وجود للمادة المطلقة إلا في عالم الجماد، أما الوجود الإنساني فهو وجود مادي روحي.
وقال نادر: قرأنا على ضوء فكر سعاده ومبادئه تاريخنا وأدركنا عظمته، ووجدنا أنّ التأثير اليهودي في تشويهه فظيعٌ ومدمّر، فصرنا نحن أبناء البلاد الكنعانية بموجب هذا التشويه ملعونين إلى الأبد، بينما صار اليهود مباركين إلى الأبد، وأصبح همّ العرب والمفكرين العرب أن يخرجوا من هذه الأسطورة باجتهاد مفاده أنّ العرب ساميون وأنهم أبناء عمّ اليهود.
ولماذا عليّ أن أصدّق التشويه ضدّ الحضارة الآشورية والفينيقية والمصرية، بينما تنبت قصص الحقد اليهودي ومزاعم تفوّق اليهود وادّعاءاتهم بـ«حق» لهم في بلادنا. هنا لا بدّ أن نشير إلى وثيقة علمية تاريخية صدرت من مجموعة علماء يهود «إسرائيليين» في علم الآثار والتاريخ والاركيولوجيا وقالوا فيها إنهم «بعد حفريات مكثفة طوال سبعين سنة في أرض فلسطين لم يعثروا على حجرٍ واحد يشهد على صحة تاريخهم، ويبدو أنّ قصص أجدادهم محض خيال». وتضيف الوثيقة: «نحن لم نهاجر إلى مصر ولم نخرج من مصر ولا يوجد أثرٌ لمملكة داود أو مملكة سليمان».
وأكد نادر: أنّ منهج التفكير عند سعاده جعلنا ندرك أهمية حضارتنا وتاريخنا، ونعرف أننا أول من بنى مداميك الحضارة والمعرفة في العالم القديم، ونحن من أدرك أنّ الأرض تدور حول الشمس ونظمنا السنة الشمسية والأشهر الاثني عشر، وكانت السنة الآشورية السورية تبدأ في آذار عندما يتعادل الليل والنهار، ولذلك فإن أيلول هو الشهر السابع سبتمبر وتشرين الأول هو الثامن اكتوبر وتشرين الثاني هو التاسع نوفمبر وكانون الأول هو العاشر ديسمبر أما شباط فهو الأخير، ولذلك هو ناقص لأنه لم يبقَ له ما يكفي من الأيام… وفي حضارتنا سُمّيت الأيام بأسماء الكواكب السبعة الأولى التي اكتشفها علماء الكون منذ أكثر من ستة آلاف سنة في حضارة ما بين النهرين، وما زالت إلى اليوم تحمل هذه الأسماء في اللغات اللاتينية: يوم الشمس صانداي ويوم القمر مانداي أو لوندي ومارس ماردي وميركور ميركريدي وجوبيتير جودي وفينوس وساتورن vendredi Samedi ، ولهذا نقف بذهول أمام هول ما نراه من تدمير شواهد الحضارة على أيدي أعداء الحضارة وأعداء الإنسانية من قتلة وإرهابيين في العراق والشام.
هذا بعضٌ ممّا علمنا إياه سعاده وما توصلنا إليه عن طريق العقل والمعرفة، وهذه المبادئ والمشروع هي ملكٌ لكم فاحملوها وحققوا بها المستقبل الأفضل، فنحن عابرون في هذا العالم، أما الوطن فهو باقٍ ويستحق أن ينعم بالقوة والاستقرار والغنى والحرية والكرامة.
وختم نادر قائلاً: إنّ لبنان يستطيع أن يصلح بعض أوضاعه إذا تبنى الفكر الإصلاحي الذي جاء به سعاده، ولقد استطاع هذا البلد الصغير أن يجتاز التجارب الأخيرة بحكمة ونجاح، كما استطاع أن يقاوم ويقاتل دفاعاً عن حقوقه وحقوق قومية أخرى، والأمل بالمستقبل وبالنصر موجود وأكيد، طالما أننا مصارعون على قاعدة أن «الصراع هو طريق التقدم والحرية وويلٌ للمستسلمين الذين يتنازلون عن الصراع فيتنازلون عن الحرية وينالون العبودية التي يستحقون».
وفي الختام أقيم حفل كوكتيل، ووزّعت المديرية كتيّباً عن تاريخ الحزب في بعقلين وزيارات الزعيم إليها، منذ عام 1935 مع بدايات تأسيس الحزب.