لعنة فلسطين

بلال شرارة

فيما أنا في إطار مهماتي أُقلّب أوراق المنطقة، لا أخفي عليكم أنني متُّ خوفاً، ليس من الموت ! بل من المستقبل الغامض!

يزعم الجميع أنه يعرف ما يجري، وأنّ الولايات المتحدة ومعها الدول الصناعية الكبرى لا تخفي مشروعها للشرق الأوسط الجديد أو الكبير أو الموسّع وأنهم أيضاً لا يخفون استراتيجيتهم «الفوضى البناءة» وأنّ «الحلف الأطلسي» الذي يجتمع «كلّ ما دقّ الكوز بالجرة» و»كل مدة مدة» في اسطنبول ويصدر بيانات علنية، وأننا نحن العرب نعرف ما تريد «إسرائيل»: «أرضك يا «إسرائيل» من الفرات الى النيل»، وأنّ العمل جارٍ لأجل توليد «إسرائيل» الكبرى اقتصادياً وليس جغرافياً، بتفكيكنا نحن الى أوطانٍ مذهبية وجهوية وفئوية الى «إسرائيليات» تدور في فلك «إسرائيل». ونحن نرتجف من الخوف والدهشة ونرى أنّ رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو أقوى من الرئيس الأميركي في الكونغرس، لكننا نواصل حروبنا الصغيرة، ونمضي قُدُماً هنا وتراجعاً هناك.

طيّب، انا رأيت بأمّ العين على الورق تقدّم «داعش» من سورية الى العراق واحتلال محافظة نينوى وعاصمتها الموصل ومحافظة صلاح الدين وعاصمتها تكريت واحتلال الدواعش لـ»بيجي» وتهديدهم كركوك وبغداد، ورأيت بأمّ عين القلم احتلال «الدواعش» السريع لعراقنا الحبيب، واليوم تدمير التاريخ. وأتابع الآن التحرير البطيء متراً متراً وأصفّق له.

طيّب، الحرب أوسع من هذا بكثير، وليست حدودها العراق ولا إدلب أو درعا أو حلب أو مثلث أرياف الجولان أو القلمون أو دمشق. الحرب تصل الى مصر وصحراء سيناء والجزائر وتونس، وفي اختصار الى الجوار الليبي، ويحصل ما يحصل في النموذج السوداني المقسّم.

اليوم، وربما غداً، تتمّ مصالحات بين بعض النظام العربي و»الإخوان» لتمكين الجميع من نقل «البارودة ومحاربة» العدو الرئيسي الجديد: «إيران»!

حرام، راحت فلسطين. بحسب التقارير، لم يعد هناك من متسع بسبب الاستيطان و… القوة لإقامة دولة فلسطينية.

أساساً من كان من العرب يريد فلسطين؟

أزعم أنّ ما يجري لنا، لشعوبنا وأفكارنا، ناتج من لعنة فلسطين. اللعنة المتأتية من تجاهل فلسطين.

لو أنّ جميع الذين ماتوا في الثورات و»الربيع العربي» والحروب الصغيرة ماتوا لأجل فلسطين لكنا بألف نعمة، لكنّنا اليوم بألف نقمة.

ماذا سيحدث غداً؟

في 21 آذار يبدأ ربيع جديد ككلّ سنة.

الحمدلله أنه ليس ربيعاً عربياً بل ربيعاً من الله سبحانه.

تكاد عيناي تنتطفئان، ولكنني ما زلت أرى فلسطين… أرى البنات والأطفال المعتقلين لدى العدو، الأشجار المقطوعة، الأراضي المجروفة، والاستيطان: 63 ألف وحدة استيطانية واستمرار تهويد القدس.

ماذا في القدس بعد لليهود سوى المسجد الحرام وكنيسة القيامة؟

أليس مهمّاً أيضاً أن نتصدّى لعملية الإحباط وتهويد الناس ثقافياً؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى