أوباما يريد سرقة الانتصارات…
جمال العفلق
أوباما يريد سرقة الانتصارات… فبعد العمليات الناجحة للجيش السوري في الجنوب وانهيار قطعان المرتزقة وانسحابهم، قادت الفرق العراقية والحشد الشعبي عمليات، مدعومة من إيران، وحققت انتصارات على قطعان المرتزقة. هذه الانتصارات في كلا البلدين لم تكن مريحة بالنسبة إلى من يدير الحرب على المنطقة، حيث تقدم الجيش السوري ووحدات المقاومة اللبنانية في سورية، بغطاء جوي قاده سلاح الطيران السوري، من دون أي دعم جوي من قبل ما يسمّى التحالف الدولي ضدّ الإرهاب، كذلك حقق الجيش العراقي وقوات الحماية الشعبية تقدّماً كبيراً، من دون أي دعم جوي من التحالف نفسه الذي يدعي أنه يحقق بطلعاته الجوية تقدماً عسكرياً مهمّاً.
هذه الانتصارات دفعت بالرئيس الأميركي باراك أوباما إلى طلب تفويض من الكونغرس للسماح للقوات الأميركية بالتدخل البري، لعله يجد، إذا ما وافق الكونغرس على هذا الطلب، ما يكتبه في مذكراته بأنّ أميركا شاركت في محاربة الإرهاب. ذلك الإرهاب الذي لم يعد يختلف اثنان على أنه صناعة مخابراتية غربية، وليست له أي عقيدة دينية أو سياسية ولا يحمل مشروعاً حقيقياً، بل كلّ ما يحمله هو القتل والدمار وإنهاك الاقتصادات والجيوش في المنطقة، ومنع أي بذرة تنمية أو تقدم، فما يقدمه الإرهاب والمنتمين إليه للمشروع الصهيوني يتجاوز مكاسب عشر حروب قد تخوضها «إسرائيل».
لا يمكن أن نصدق اليوم أنّ أميركا تريد بالفعل محاربة الإرهاب، لأنها لو أرادت ذلك لأوقفت تعاونها العسكري مع مموِّلي الإرهاب. ويعلم من يدير مصارف نيويورك حجم الأموال والتحويلات المشبوهة التي تدفع لتغذية الإرهاب في العالم، كما يعلم السيد أوباما أنّ حليفه التركي يقدم يومياً خدمات لوجستية مباشرة إلى العصابات الإرهابية وقطعان المرتزقة. فأي إرهاب ستحاربه القوات البرية الأميركية إذا ما نزلت على الأرض؟
ما تريده الإدارة الأميركية هو سرقة النصر وإقناع العالم بأنّ من يحصده هو الجيش الأميركي، وليس الجيش العراقي أو السوري أو إيران أو المقاومة في لبنان، لئلا ينكشف مدى تورط أميركا في العمليات الإرهابية وهو تورط معلن من خلال تواجد الخبراء الأميركيين في غرفة عمليات عمّان، بالإضافة إلى السعوديين والأردنيين والقطريين الذين يديرون عمليات الجيوب العملية في الجنوب السوري.
يحاول أوباما، بعد توارد أنباء الانتصارات على قطعان الإرهاب، الخروج من فضائح ستطاله حتى بعد ترك البيت الأبيض، والتي ستكشف أنه، كما سلفه جورج بوش الابن، يتلاعب بالمعلومات والحقائق لدعم أو شنّ حروب لم يستفد منها غير صانع وتاجر السلاح الأميركي.
وعلى الطرف الآخر، كان حلفاء أميركا يعيشون عرساً ديمقراطياً لا مثيل له، حيث مُنعت وزيرة خارجية السويد من إلقاء كلمتها في الجامعة العربية وذلك تحت ضغط سعودي أجبر الأمين العام للجامعة نبيل العربي أن يعتذر ويتصبّب عرقاً لأنه لم يجد العبارات الكافية لتبرير منع الوزيرة من إلقاء كلمتها، تلك الكلمة التي تتحدث عن حقوق الإنسان في المنطقة وعن الحريات العامة والديمقراطية.
إنّ ما ورد في كلمة الوزيرة السويدية والذي نشر في وسائل الإعلام، ليس بعيداً من تلك العبارات الخاصة بالديمقراطية والحرية والتي استخدمتها الجامعة العربية في بياناتها وقرارتها ضدّ سورية! لكن يبدو أنّ نشر الديمقراطية وحرية التعبير مرتبط فقط بالدولة السورية والحرب عليها لا تعني الآخرين…
جاء هذا المنع في وقت يكثر فيه الحديث عن الأمن القومي العربي، فمن منع وزيرة الخارجية واعترض على كلمتها يريد إنشاء قوة عربية لحماية الأمن القومي العربي، وهدفه من ذلك إدخال العرب في حرب جديدة مع إيران وليس غير ذلك، فمصلحة من يدير الحروب على المنطقة تلتقي مع مصالح من يريد إنشاء هذه القوة لاستهلاك اقتصاد المنطقة وثرواتها في حروب يمكن تجنبها بعلاقات حسن جوار سيكون لها انعكاس أكبر على التنمية وتقدم المنطقة.
اليوم نحن جميعاً معنيون بانتصارات القوات الوطنية في العراق وسورية ولبنان، ونحن جميعاً معنيون بحماية هذه الانتصارات. فما تحقق على الأرض كسر تحالف أكثر من ستين دولة أرادت الخراب والدمار للمنطقة، ومن يزعجه تحالف القوى الوطنية مع إيران عليه أن يجيب عن عشرات الأسئلة التي يتداولها الناس في الشارع العربي: من دفع المليارات لتدمير سورية؟ من حاصر سورية اقتصادياً وسياسياً؟ من دفع بالمرتزقة والإرهابيين إليها من كلّ أصقاع الأرض؟ ومن أرسل أطناناً من الأسلحة لقتل شعبها؟ القائمة تطول والإجابات معروفة. ويبقى السؤال: متى ستعترفون بانتصار الوطن؟
في سورية والعراق، تجاوزنا عقدة الأجنبي والبطل الأميركي الذي يحرّر المدن، كما أفلام هوليوود، تلك الصورة التي يريد بارك أوباما أن يصنعها لنفسه لاقتسام النصر مع صانعيه الحقيقيين.