منتظري: إيران تريد استقرار العراق وعلاقاتها مع سورية استراتيجية ومستعدة لتطمين السعودية
حاوره: محمد حمية
أكد الكاتب والمحلل السياسي الإيراني علي منتظري أن «العقدة الأساسية خلال المحادثات النووية كانت بخصوص إصرار إيران على رفع العقوبات الدولية عنها، لا سيما تلك المفروضة من الكونغرس الأميركي ولكن حتى الآن لم يستطع الرئيس باراك أوباما إعطاء ضمانات بذلك، لذا فإن اللوبي اليهودي والتيار الجمهوري يضغطان على الرئيس الأميركي باراك أوباما لعدم توقيع اتفاق شامل مع إيران».
وأوضح منتظري: «أن التوافق السياسي يعني بالنسبة إلى إيران اعتراف أميركا على طاولة المحادثات بحق إيران في امتلاك الطاقة النووية».
وتوسّع منتظري في شرح تطورات المحادثات، معتبراً أنها اتجهت نحو الشفافية الكاملة ودخلت مرحلة التفاصيل التقنية.
وفي حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وقناة «توب نيوز» رأى منتظري أن «هناك أرضية مناسبة في المفاوضات، بخاصة في الجوليتن الأخيرتين في المحثات النووية بين إيران ومجموعة الـ 5+1 لإنجاز اتفاق وتفاهم سياسي بين إيران والمجموعة الدولية، لكن المشكلة الرئيسية هي مع الجانب الأميركي، منذ سنتين حتى الآن المحادثات النووية تركزت على المفاوضات الثنائية بين إيران والولايات المتحدة، ولكن هناك إصرار إيراني على التحدث في أمور تتعلق بالملف النووي وليس بالملفات السياسية في المنطقة، وبعد الجولة ما قبل الأخيرة أي مفاوضات فيينا كان من المرتقب توقيع الاتفاق لكن تم تأجيله بسبب ضغوطات من الوفدين الفرنسي والبريطاني على الوفد الأميركي، وتأجلت المفاوضات، وبعد محادثات جنيف شهدنا تقدماً مهماً، وحالياً وصلت إلى مناقشة الأمور الفنية التي تتعلق بالتكنولوجيا النووية ورفع الحظر والعقوبات الدولية على إيران من كل الأطراف من الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن والعقوبات الخاصة التي فرضها الرئيس الأميركي والعقوبات عبر الكونغرس، والعقدة الأساسية خلال المحادثات كانت بخصوص رفع العقوبات المفروضة من الكونغرس، وإيران كانت تريد من الوفد الأميركي الضمانات بأن الاتفاق الشامل يتضمن رفعاً نهائياً لهذه العقوبات ومن كل الأطراف، وحتى الآن لم يستطع الرئيس باراك أوباما إعطاء ضمانات بذلك، لذا اللوبي الصهيوني والتيار الجمهوري يضغطان لعدم توقيع اتفاق شامل».
وأشار منتظري إلى أن «هناك جدية وشفافية عالية جداً من قبل الوفد الأميركي، وهذا ما عبر عنه وزير الخارجية الدكتور محمد جواد ظريف والسيد عباس عرقجي كبير المفاوضين الإيرانيين»، معتبراً أن استراتيجية إيران في المفاوضات هي «متابعة مسارها دائماً، وخلال الشهرين الأخيرين اتجهت نحو الشفافية الكاملة، وحضور وزير الطاقة الأميركي أحد الاجتماعات ورئيس منظمة الطاقة الإيرانية علي أكبر صالحي يؤشر إلى تقدم ملموس جداً في المحادثات وبخاصة مع الجانب الأميركي، والوفدان يتابعان الآن الأمور التقنية».
وجزم منتظري بأن «الوفد الإيراني لم يتحدث كلمة واحدة على طاولة المحادثات النووية حول التطورات السياسية في المنطقة مع الجانب الأميركي»، موضحاً أن «التوافق السياسي يعني بالنسبة إلى إيران اعتراف أميركا على طاولة المحادثات بحق إيران في امتلاك الطاقة النووية».
وأضاف: «في الشق التقني، هناك خلاف مع أميركا حول عدد أجهزة الطرد المركزي التي تستعملها إيران التي تحاول المحافظة على عدد 10 آلاف جهاز، والمناقشة تدور أيضاً بين الوفدين على موضوع أي جيل ستستخدم إيران ومستوى اليورانيوم المخصب وموقع أراك ومستوى إنتاجه للبلوتونيوم، لكن إيران تصنع في الداخل كل أجيال التخصيب ولديها دراسات وبحوث متقدمة عن طريقة التخصيب باللايزر».
ولفت منتظري إلى أن «المحادثات النووية دخلت التفاصيل التقنية، وفي نهاية حزيران نتوقع إنجاز الاتفاق وإلى حينها الاتفاق يحتاج إلى توافق سياسي ولكن الأجواء الآن إيجابية جداً».
وعمّا إذا كانت أميركا قد طلبت من إيران خلال المحادثات المساعدة في حلف ملفات المنطقة، ذكر منتظري أنه «في المحادثات النووية بعد سقوط الموصل أرسلت أميركا رسائل إلى إيران تطلب تعاوناً إيرانياً أميركياً لمكافحة «داعش» وإيران رفضت ذلك، لكن على هامش المفاوضات أجريت محادثات سياسية مع الجانب الأميركي لكن على جدول الأعمال لا».
وإذا ما كانت الملفات الخلافية بين أميركا وإيران في المنطقة ستعقد الاتفاق على الملف النووي، قال منتظري: «بالتأكيد ستؤثر التطورات السياسية والأمنية في المنطقة على مسار المفاوضات بشكلٍ مباشر، ويمكن أن نرى بعد فترة تطورات غير مرتقبة في العراق وسورية ولبنان واليمن وفلسطين المحتلة تؤثر في القرار السياسي الأميركي».
وعن الضغوط التي تتعرض لها أميركا في الكونغرس وكلام رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، أوضح منتظري أن «الدول الإقليمية كالسعودية وقطر لا تؤثر في القرار الأميركي بل تنظر لها أميركا كحلفاء يجب أن تنسق معهم في إطار المصالح الأميركية في المنطقة، أما بالنسبة للموضوع «الإسرائيلي» فيختلف لأنه يتعلق بأمن «إسرائيل»».
وأضاف: «بالنسبة إلى التطورات السياسية في المنطقة إيران تعمل بحسب الاستراتيجية الإيرانية لأن علاقتها بسورية استراتيجية، وهناك مستشارون عسكريون إيرانيون في سورية في إطار دعم المقاومة الوطنية في الشرق الأوسط، وإيران لن تتخلى عن موقفها من سورية».
وعن ما قاله مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني الشيخ علي يونسي عن الإمبراطورية الفارسية وعاصمتها بغداد، أوضح منتظري أن «موقف يونسي لم يكن موقفاً سليماً بل كان قراءة خاطئة جداً وخطأ سياسياً كبيراً جداً، وتوضيحه اللاحق يعتبر تراجعاً عن موقفه، لكن على رغم ذلك هو كان يتحدث عن أن بغداد ونظراً إلى ظروفها التاريخية والثقافية والدينية تعتبر العاصمة الثقافية لدول المنطقة كتركيا وطاجكستان وأفغانستان وإيران، ويونسي كان وزيراً للأمن الإيراني ولم يكن رجلاً سياسياً محنّكاً، كما أن حديثه فسر بطريقة خاطئة ولم يكن من الضروري أن يتحدث بهذا الكلام».
وعما إذا كانت السعودية تحتاج إلى أكثر من رسائل تطمين من إيران، أعرب عن اعتقاده بأن «السياسة الخارجية السعودية غير واضحة والسعودية تدخلت بتطورات الأحداث في سورية كما تدخلت في لبنان، مشدداً على أن إيران تريد الأمن والاستقرار في العراق وهي تدعمه بالاستشارات العسكرية وأيضاً في اليمن تدافع عن الحركة الشعبية فيه».
وأضاف: «إيران تريد علاقات جيدة مع السعودية وأرسلت رسائل لها وتعتقد أن الخلافات مع السعودية لن امنعها من أن تجلس معها للتحدث عن المصالح المشتركة بين البلدين، وتسعى إيران إلى عدم توسيع دائرة الإرهاب والعنف والصراع الطائفي والمذهبي وإيران جاهزة لأن تعطي الضمانات للسعودية، كما تريد علاقات جيدة مع دول مجلس التعاون الخليجي الذي ينقسم تجاه العلاقة مع إيران».
وعن الطرف الذي سيكسب بعد توقيع الاتفاق لفت منتظري إلى أن «جميع الأطراف تخوض المحادثات على أساس ربح ـ ربح وتنازلات متبادلة، فإيران تنازلت عن بعض الأمور والخطوات في إطار التكنولوجيا النووية السلمية مثلاً تنازلت عن درجة تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المئة وعن تطوير موقع آراك الذي يعمل بالماء الثقيل وعن زيادة عدد أجهزة الطرد المركزي في موقعي «ناتنز» و«فوردو». بالتأكيد العقوبات الدولية على إيران أدت للكثير من المشاكل الاقتصادية ولكن الهدف كان إسقاط القرار السياسي الإيراني في مجال الطاقة النووية والضغط على الشعب ولكن خلال السنوات الأخيرة شاهدوا تماسك الشعب مع النظام السياسي في إيران».
يبث هذا الحوار كاملاً اليوم الساعة الخامسة مساءً ويعاد بثه الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز» تردد 12034