كتب المحرر السياسي:

بين قراءة رئيس مجلس النواب نبيه بري، لشبه تفاهمات تنمو وتتطور بين الأميركي والإيراني، وينتظر لها أن تنمو وتتقدم بين إيران والسعودية، تستدعي من اللبنانيين ملاقاتها بالاستثمار على الحوار، وإبعاد اللبنانيين من دولة الإمارات العربية المتحدة، صلة تكامل لا تناقض برأي مصادر ديبلوماسية مطلعة، فالمشهد الإقليمي، يرسو على معادلات، تظهر عبر اجتماع أميركي إيراني، اليوم في سويسرا، يبدو الأهم منذ بدء المفاوضات، لأنه سيضع اللمسات النهائية على التفاهمات، خصوصاً أن الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن قد بدأت بالتداول في مشروع قرار، يلزم الدول المعنية برفع العقوبات عن إيران عند إنجاز التفاهم بصورته النهائية، ومباركته من قبل مجلس الأمن، بصورة تتحرر عملية رفع العقوبات من القوانين الوطنية للدول، وتصير موضع كفالة وفقاً للقانون الدولي بقرار من مجلس الأمن، ومع هذا التقدم، تقدم في الميدان، تجسد بحسم سريع عسكرياً لوجود تنظيم «داعش» في مدينة تكريت العراقية عاصمة محافظة صلاح الدين، وقلب مناطق سيطرة «داعش»، بصورة أوضحت أن روزنامة القضاء على «داعش» لم تعد شأناً معقداً يحتاج إلى تفاهمات دولية كبيرة، بل صار خريطة ترسمها القوى الممسكة بزمام المبادرة في المنطقة، والتي يشكل حلف المقاومة، قلبها، بينما واشنطن، تسير بمحاذاة هذه الوقائع فلا تساندها ولا تعاندها، تحاول عقلنة حليفها الأهم الذي تمثله السعودية، بعدما صارت «إسرائيل» خارج المشهد، وصارت تركيا، في رهانات وأوهام، والملف اليمني على الطاولة، في مجلس الأمن يسلك مساراً لا يلبي الرغبات والأحلام السعودية بتسمية الرياض عنواناً للحوار اليمني، ويبقي تسمية مكان الحوار وتوجيه الدعوات وتسمية الأطراف عهدة بيد المبعوث الأممي جمال بن عمر، وعلى ضفة موازية تنجح واشنطن، باحتواء الموقف المصري مالياً بأموال الخليج، بعد الأزمة التي نتجت من تطلع مصري لقيادة تحالف خاص بالحرب على «داعش» في ليبيا، وما تبعه من ضغوط خليجية وأميركية، وجاء التعويم المالي من خلال مؤتمر شرم الشيخ، بمنح مصر مبالغ تزيد على إثني عشر مليار دولار، بين ودائع وقروض استثمارية، ليمنح وزير الخارجية الأميركي جون كيري فرصة الذهاب للقاء نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، وهو مرتاح نسبياً لوضعيته القوية مع حلفائه في ضعفهم، ليمنح بدوره اللقاء السويسري فرصاً أعلى لبلوغ النقاط النهائية الموعودة.

ترويض السعودية في اليمن، وترويض مصر في الخليج، تمهيداً للتفاهم مع إيران، برأي المصادر الديبلوماسية، يضع على الطاولة ما أسماه الرئيس نبيه بري بشبه التفاهم السعودي الإيراني، ما يستدعي توقع قيام السعودية بالتمهيد للتفاوض مع إيران، بإدخال حزب الله على خط التفاوض تحت عنوان ملف هو دور حزب الله الإقليمي في الخليج، سواء في اليمن أو البحرين، وتوظيف هذا التفاوض في الضغط على حزب الله، في مجموع قضايا الخلاف، من سورية إلى الرئاسة اللبنانية وصولاً، لموقفه من الأزمتين في البحرين واليمن، وتوقعت المصادر التي اعتبرت القرار الإماراتي بإبعاد لبنانيين، جزءاً من هذا السيناريو، المزيد من الضغوط المشابهة.

إبعاد الإمارات للبنانيين

شكّل قرار الإمارات العربية المتحدة بترحيل عدد من اللبنانيين عن أراضيها، ملفاً ضاغطاً جديداً على لبنان بعد فشل كل الاتصالات التي أجريت مع المسؤولين الإماراتيين لثنيهم عن هذا القرار الذي بدا أنه بإيعاز أميركي.

وعلمت «البناء» أن وزيري الخارجية جبران باسيل والتربية الياس بوصعب أجريا اتصالات بالمعنيين للاستفسار عن موضوع ترحيل اللبنانيين من الإمارات ومعالجته، إلا أن هذه المحاولات التي نجحت في السابق لم تنجح أمس، علماً أن السفير اللبناني في الإمارات حسن سعد بذل، بدوره، مجهوداً كبيراً لدى المسؤولين الإماراتيين إلا أنه لم يلق آذاناً صاغية.

وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن قرار الإمارات ترحيل عدد من اللبنانيين، هو تنفيذ لقرارات أميركية تريد من خلالها توجيه رسائل إلى «الشيعة» مقابل الانجازات الكبرى التي تتحقق في الميدان». وأشارت المصادر إلى أنه «تم اتخاذ هذه الإجراءات بحق اللبنانيين لأن الإمارات تعلم أن لا دولة قوية ستحميهم، ولا تخشى من ردود فعل رسمية لبنانية، في حين أنها لم تجرؤ على اتخاذ أي تدبير بحق أي من الإيرانيين العاملين في الإمارات وهم يمسكون بمرافق مالية واقتصادية فيها وذلك خوفاً من رد فعل الجمهورية الإسلامية، فالإمارات تعلم أنها لا تقوى على مواجهة إيران». وأشارت المصادر إلى «أن هذه الإجراءات لم تعمم حتى الساعة على دول الخليج الأخرى».

وكانت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية، أكدت في بيان «أنها سعت إلى إعادة العلاقات اللبنانية ـ الإماراتية إلى أفضل ما يكون»، لافتة إلى «أنّ اللبنانيين الموجودين في الإمارات يندمجون في شكل كامل ضمن المجتمع الإماراتي، ويلتزمون القوانين».

وأشارت إلى أن الوزير باسيل أبلغ إلى رئيس الحكومة تمام سلام ومجلس الوزراء، مجتمعاً، أول من أمس، بورود المعلومات الأولية عن ترحيل اللبنانيين، وواصل اتصالاته للوقوف على آخر المستجدات في هذا الملف، وعلى تزايد أعداد المستدعين.

ولفت البيان إلى أنّ باسيل اتصل هاتفياً بوزير خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وقام بالمراسلة الديبلوماسية اللازمة، وتابع كلّ هذه الاتصالات مع الرئيس سلام.

وينتظر أن يثير سلام هذا الموضوع مع مسؤولين إماراتيين وخليجيين في شرم الشيخ حيث يشارك في مؤتمر «دعم وتنمية الاقتصاد المصري». وكان سلام ألقى كلمة أمام المؤتمر أكد فيها أننا «نخوض في لبنان معركة ضارية مع الإرهاب»، مؤكداً «أنّ ما نحتاجه اليوم، هو التفعيل الجدي لآليات العمل العربي المشترك، ووضع التصورات والخطط التي تمكننا من استعادة زمام المبادرة، وسط هذا المشهد العالمي والإقليمي الصاخب».

حزب الله: الحل الوحيد هو بانتخاب عون

داخلياً، كرر حزب الله موقفه من الاستحقاق الرئاسي إذ أكد نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم «أن من يراهن على المتغيرات الخارجية وعلى الاتفاق النووي الإيراني الأميركي لإنجاز الرئاسة في لبنان فهو يتعب نفسه ويضيع وقته، بل هو يؤمن بضرورة الفراغ ولا يريد الحل»، مشدداً على أن الحل الوحيد هو بانتخاب رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون الجدير والمؤهل، «فينتخب الرئيس وتجرى انتخابات نيابية وتشكل حكومة وننتهي من كل هذا الملف».

من جهته، رأت كتلة الوفاء للمقاومة «أن الاهتزازات التي تشهدها المنطقة تستلزم حرص الجميع على التوصل عبر الحوارات إلى تقدير مشترك للمصالح الوطنية»، مقيّمةً «إيجاباً مسار الحوار الجاري بين حزب الله وتيار المستقبل».

بري: الحوار يمهد لإمكان انتخاب رئيس

وتطرق رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى موضوع الحوار المذكور خلال لقاء «المجلس الوطني للإعلام»، مشدداً على أن لا خوف عليه «خصوصاً أنه ترك صدى إيجابياً لدى المسيحيين بحيث أنه فتح أيضاً قنوات حوار يمكن أن تصل إلى نتائج مشابهة إلى ما وصل إليه الحوار بين حزب الله والمستقبل، ذلك أن موضوع رئاسة الجمهورية أصبح هو الموضوع المطروح على الحوار السني – الشيعي، وأيضاً هذا الملف سوف يكون موضوعاً على الحوار بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية».

وأشار بري إلى «أنه يلتفت بعناية إلى الواقع الإقليمي حيث المشاكل متفجرة في أكثر من منطقة ودولة، ولذلك هو يرى أن شبه اتفاق بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، وشبه اتفاق أيضاً بين السعودية وإيران يمكن أن يستفيد منه أولاً لبنان في ظل مناخات الحوار الإيجابية الداخلية، أي أن هذا الحوار يمهد المجال إلى إمكان انتخاب رئيس»، معتبراً أن «انتخاب الرئيس في لبنان هو المدخل لحلحلة الكثير من المشاكل».

من جهة أخرى، تابع بري موضوع الجلسة التشريعية مع الكتل النيابية. وفي هذا الاطار اطلع رئيس المجلس من أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان على موقف التكتل من التشريع في ظل غياب رئيس الجمهورية وسلسلة الرتب والرواتب وملء الشغور.

ولفت كنعان إلى أن الرئيس بري يعتبر «أن استمرارية المؤسسات هي أولوية، وأن استمرارية السلطة التشريعية خصوصاً هي أولوية، ولكن أيضاً مع الأخذ في الاعتبار بأن عدم وجود رئيس الجمهورية ليست مسألة عادية».

وأشار إلى «أن اللجان النيابية المشتركة ستستكمل في اجتماع يوم الثلاثاء المقبل ما بدأته سابقاً في ملف سلسلة الرتب والرواتب».

وفي السياق، أكد نقيب معلمي المدارس الخاصة نعمة محفوض لـ«البناء» «أن هيئة التنسيق النقابية ستلتقي بالنائب كنعان الثلاثاء المقبل قبل موعد اللجان المشتركة لتعود وتشارك في الجلسة عند العاشرة والنصف». وأشار محفوض إلى «أن التباين الحاصل حول إقرار وحدة التشريع سيتوضح الثلاثاء، ففي حال لم تكن وحدة التشريع قد أقرت في الجلسة الأخيرة للجان المشتركة، فإنها ستقر الثلاثاء، لا سيما أن الرئيس بري أكد لوفد هيئة التنسيق الأربعاء الماضي، أن وحدة التشريع بين الرسمي والخاص خط أحمر».

وأعلن محفوض «أن اجتماعاً عقد بين وزير التربية الياس بوصعب ورئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة ووزير المال علي حسن خليل والنائب جورج عدوان مساء أول من أمس للبحث في ملف السلسلة»، لافتاً إلى «أنه لم يتبلغ بما خرج به الاجتماع».

وأكد محفوض «أن السلسلة هي ضرورة وتهم إضافة إلى الأساتذة والمتعاقدين، العسكريين الموجودين في عرسال وعلى الحدود الشرقية»، معتبراً أن «السلسلة تعادل من حيث الأهمية السلاح الذي بحاجة إليه الجيش، وأن الحريص على الأمن يجب أن يكون في الوقت نفسه حريص على الأمن الاجتماعي».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى