أساقفة الكنيسة المارونية: من دون رئيس لا قيام للدّولة ولا انتظام للمؤسّسات

جدّد أساقفة الكنيسة المارونية دعوتهم نوّاب والكتل السياسية ليذلّلوا الصعوبات، وليحضروا جميعهم بروح المسؤولية الوطنية إلى المجلس النّيابي ويقوموا بواجبهم الدّستوري في انتخاب رئيس للجمهوريّة الذي من دونه لا قيام للدّولة ولا انتظام للمؤسّسات».

وأشار الأساقفة في البيان الذي أصدروه بعد انتهاء المجمع الاستثنائي الذي عقد برئاسة البطريرك الكاردينال بشارة الرّاعي في الكرسي البطريركي في بكركي من 10 إلى 14 آذار 2015، إلى «أن أوضاع أبنائهم ألمتهم جرّاء الحالة الأمنيّة المتدهورة في البقاع والحرب الدّائرة في العراق وسورية، ولا سيّما في حلب، التي أرغمتهم على النزوح من مدنهم وبلداتهم وقراهم إلى أماكن أكثرَ أمانًا. وفوق ذلك جاءت تنظيمات إرهابية تعتدي عليهم وعلى سواهم وتستولي على منازلهم وأرزاقهم وممتلكاتهم وكلّ ما جنَتْ أيديهم، كما اعتدت على مسيحيي الحسكة بسورية ومن قبلهم على مسيحيي الموصل وسهل نينوى في العراق.

وناشد الأساقفة أبناءهم الصّمود في وجه هذه العاصفة التي ستَعبر والثّبات في أرضهم وممتلكاتهم والمحافظة على ملكيتها، لأنّها أحد العناصر التي تشكّل هويّتهم وهي ضمانةٌ لوجودهم الحرّ والانفتاح على إخوتهم والعَيش معهم بالاحترام المتبادَل.

وطالب الأساقفة الدّول العربيّة الشّقيقة والدّول الإسلاميّة تحمّل مسؤوليّاتها التّاريخيّة في مجابهة موجة التطرّف والتّعصّب، وفي الحفاظ على الوجود المسيحي الذي لعب ويلعب دوراً مهمّاً في تكوين هوية العالم العربي وحضارته المسيحية – الإسلامية. وطالب الأساقفة هذه الدول بدعم لبنان ومساعدته للخروج من أزماته السياسية والاقتصادية والأمنية التي تسبّبها النزاعات والحروب في بلدان الشرق الأوسط. فلبنان عضو فاعل ومؤسس في جامعة الدول العربيّة. وهو في طبيعته عنصر استقرار، وواحة لقاء وحوار، ومؤمن بالحريات العامة والدّيموقراطيّة والعيش معاً في احترام التّعدّدية وكرامة الإنسان.

يتفهّم الآباء صراخ أبنائهم تجاه الأوضاع الإجتماعيّة والإقتصاديّة المتردّية وعدم تمكّن الكثيرين منهم من القيام بواجباتهم تجاه متطلّبات عائلاتهم في التّعليم والطّبابة وإيجاد فُرَص العمل. وثمن الأساقفة الجهود الكبيرة التي تقوم بها المؤسّسات التابعة للبطريركية والأبرشيات والرهبانيات، من تربويّة واستشفائيّة واجتماعية، وتلك التي يبذلها الأفراد على حدّ سواء. ونوهوا، على الأخصّ، برابطة كاريتاس لبنان، وهي جهاز الكنيسة الاجتماعي والإنمائي. ودعوا الجميع لمساعدتها ولا سيّما في حملة الصوم السنوية، لافتين إلى «أنّ الحاجات المتزايدة تدعو إلى المزيد من التضامن ومضاعفة الجهود للوقوف إلى جانب المحتاجين وزرع الرجاء في نفوسهم».

وترأس البطريرك الراعي أمس قداس الأحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، وقال: «إن شعار البطريركية «شركة ومحبة»، يعد حاجة لمجتمعنا اللبناني ولمحيطنا المشرقي»، مضيفاً «أن الشعار هو في أساس الميثاق الوطني وصيغته التطبيقية». واعتبر الراعي «أن الحوارات والمبادرات تخفف من التشنج وتسير نحو بناء الوحدة الداخلية وتوحيد الرؤية الوطنية شيئاً فشيئاً، ونحو المحافظة على النموذج اللبناني الذي تحتاجه المنطقة».

وأكد راعي ابرشية بيروت المارونية المطران بولس مطر، «أننا في لبنان ضحية حسابات الدول، ونحن ننتظر أن تلتقي مصالح هذه الدول وحساباتها من أجل مصلحتنا، ولا نعرف إلى متى سيكون الإنتظار».

وقال في القداس الذي ترأسه في كاتدرائية مار جرجس: «العالم اليوم مريض وهذا المرض هو مرض الخطيئة، طبعاً، هو مرض مادي، مرض الجوع والظلم، ولكن لماذا وصل العالم إلى هذا الحد؟ المرض المادي وراءه مرض روحي، لو كان الناس يفكرن بالأخوة لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه، لو كان الناس يفكرون بالتضامن لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه، لذلك شفاء مرض الأجساد والسياسات والإقتصاد والحكم، كلها مرتبطة بشفاء النفوس وعودة الناس إلى ربهم وإلى ذاتهم، وإلا لا شفاء ممكناً على الإطلاق، لذلك الدعوة إلى الصلاة ليست دعوة عادية، الصلاة وحدها تحقق الأماني، من دون أن نعود إخوة وأن نتصالح ومن دون الاعتراف بالآخر والآخر الاعتراف بي لا مجال لحياة سلمية ومسالمة في الأرض».

وتابع: «هناك سلام في العالم هو سلام الخوف والرعب، النووي هو حل موقت وحل مفخخ وهو ليس حلاً، النووي حل للموت، توازن الرعب لا يخلق سلاماً حقيقياً بل يخلق سلاماً موقتاً، سلام الخوف، السلام الحقيقي يخلق بالأخوة والمحبة والتفاهم والحوار مع الآخر».

واختتم: «على الإنسان أن يهتم بوجع الآخر، أن يهتم بالدول التي تتعرض للحروب وشعوبها للقتل والموت والإرهاب. نريد التضامن بين الشعوب لإيجاد الحلول من أجل تحقيق السلام».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى