العقيد غيو لـ«البناء»: أهالي الجنوب كعائلاتنا ونشعر بالأمان معهم

صور ـ محمد أبو سالم

قبل انتشار أغنية «غانغام ستايل» لمغني الراب الكوري الجنوبي «ساي»، لم يكن بعض اللبنانيين يعرفون الكثير عن كوريا الجنوبية. وحدهم الجنوبيون تمكنوا منذ تموز عام 2007، وبعد مشاركة سيول في قوات حفظ السلام، من التعامل عن قرب مع أفراد الكتيبة الكورية.

من باب الخدمات العريض دخل الكوريون إلى الجنوب حاملين برنامجاً مترفاً من المساعدات، وفرصاً جذّابة للسفر، إلى جانب مهماتهم العسكرية. المشاريع التي استهدفت أهم القطاعات في القرى، والتي عاشت إهمالاً على إثر مقارعتها عدوّاً تحاول الأمم المتحدة عبثاً لعب دور الوسيط المحايد بيننا وبينه، أرست صورةً جديدة لقوات حفظ السلام في المنطقة.

منذ ثماني سنوات إلى اليوم، تمكنت القوات الكورية العاملة ضمن إطار قوات حفظ السلام، من القيام بـ27.200 عملية مراقبة، إلى جانب 2800 عملية استطلاع للبحث عن المتفجرات، سعياً إلى الحفاظ على سلامة الأهالي، وذلك من دون مواجهة أي مشاكل مع السكان… يقول قائد الكتيبة العقيد هام نام غيو.

كيف لا، والكتيبة حلّت بدل الوزارات المعنية من خلال عملها الذي يتركز على الجانب الإنمائي والخدماتي، كما يؤكد رئيس رابطة مختاري قضاء صور رضا عون، الذي يقول: «الكتيبة قامت بتأهيل الطرقات وإنارتها داخل القرى، وإنشاء المستوصفات، وتأهيل المدارس، وتجهيز الملاعب. وهي تستعمل الإمكانيات التي تملكها لتنمية المجتمع والتقرّب من الناس. فنتيجة خدماتهم المتعدّدة، أصبح الكوريون جزءاً من المجتمع المحلي في الشبريحا، وأهالي البلدة يحبونهم ويدافعون عنهم، ودورهم بالنسبة إلينا تجاوز الصورة النمطية لقوات حفظ السلام، إذ أصبحوا جزءاً من نسيج المنطقة، وإلى اليوم لم يسجّل أيّ احتكاك بينهم وبين السكان».

العلاقة الجيدة بين الكوريين واللبنانيين، يُرجعها رئيس بلدية برج رحال حسن حمود إلى أن الأخيرة لا مطامع سياسية لها في بلادنا، ولا تتدخل في الصراعات الداخلية اللبنانية. مؤكداً أهمية الأنشطة التي تُركز فيها الكتيبة على التقرّب من طلاب الجامعات وتعزيز النموذج الكوري المقاوِم للاحتلال والقريب جدّاً من تجربتنا في جنوب لبنان، والذي يتضمن بحد ذاته تضامناً غير معلن.

ويتابع حمود: «الكوريون يحاولون الاندماج وخلق تواصل مميّز مع المجتمع المحلي الذي، هم بالأساس حريصون على علاقتهم به، من خلال الاستماع إلى نصائحنا. والكتيبة تعمل بجدّ منذ دخولها إلى الجنوب، وهي تعمل أيضاً على إفادة اللبنانيين من خلال برنامج السفر الذي تنظمه».

قائد الكتيبة

عام 1950، وعقب اندلاع الحرب الأهلية في كوريا، قدّم لبنان مساعدة مالية للأخيرة، التي استطاعت وبفضل دعم المجتمع الدولي من تجاوز الأزمة. لم ينس الكوريون وفاء لبنان، فعملوا على تنظيم برنامج سنوي للسفر إلى بلدهم كعربون شكر ووفاء للّبنانيين. البرنامج منذ انطلاقه مكّن 230 لبنانياً من رؤساء بلديات ومختارين، وصحافيين وسكان محليين ممن لهم علاقات طيبة مع الكتيبة، من زيارة كوريا الجنوبية والتعرّف إلى أهم المرافق الأثرية والسياحية، إضافة إلى الثكنات العسكرية. أما هدف البرنامج الأساس، فيقول قائد الكتيبة العقيد هام نام غيو لـ«البناء»، إنّه يتمثل في مشاركة الثقافة والتجربة الكورية عن قرب مع اللبنانيين، «خصوصاً في ما خصّ برنامج الطموح التعليمي، الذي تمكنّا من خلاله أن نصبح القوة الاقتصادية العاشرة في العالم خلال فترة وجيزة».

ويتابع: «منذ مجيئنا إلى الجنوب، لم يسجّل أيّ احتكاك بيننا وبين السكان المحليين. نسعى دوماً إلى نسج علاقات جيدة مع الأهالي، والتنسيق بانتظام مع كبار مسؤولي الجيش اللبناني والمؤسسات الرئيسية بمن فيهم قائد قطاع جنوب الليطاني، ومؤسسات المجتمع الأهلي والمدني والبلديات التي تشكل المحور الأساس لمشاريعنا، نظراً إلى ضعف الموازنات فيها. ومن خلال الخدمات، نسعى إلى استهداف أكبر شريحة ممكنة من السكان في القرى وتحسين الظروف الحياتية فيها عبر دعم المرافق الحيوية ومنها البنى التحتية، وتأهيل الطرق وتعبيدها، ومدّ شبكات الصرف الصحي، ومشاريع الإنارة وتقديم المستلزمات المختلفة ومولّدات الكهرباء، إضافة إلى خدمات الرعاية للمدارس بشكل خاص، آخذين بالاعتبار المصلحة العامة، ومدى فعالية المشروع وحجم الفئة المستهدفة. فأي مشروع لا يساهم في تحسين الظروف الحياتية للناس، يُصنّف على أنه غير مطابق لمعايير الكتيبة».

ويقول غيو: «تتشارك الكتيبة في نشاطات مستمرة مع أهالي البلدات. أهمها العروض الثقافية، مثل عرض الرياضة التقليدية تايكواندو، وعرض الطبول والموسيقى التقليدية سا مول نوري، وفرقة التشجيع أثناء احتفالات تقديم الهبات».

أما عن أهم المشاريع المستقبلية للكتيبة، فيقول غيو خاتماً حديثه: «نسعى إلى تقديم مِنح دراسية لطلاب لبنانيين بالتعاون مع الجامعات الكورية، وإمكانية التوسّع في هذا المشروع لاحقاً… نأمل أن نستطيع إزالة الصورة السيئة عن الجيوش الخارجية، فالجنوبيون كعائلاتنا، ونحن نشعر بالأمان معهم».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى