ملامح العدّ التنازلي…

شهناز صبحي فاكوش

أمريكا تعلق عمل قنصليتها في مملكة الرمال ليومين بحجة الحالة الأمنية… هكذا هي السياسة الأميركية… هل بدأت ملامح التخلي عن ملوك الرمال تطفو على السطح؟ هل تتفشى الحالة، أم أنّ الأوان لم يحن بعد لقصم الظهر… لعلّ دورها لم ينته بعد!

صحيح أنّ الرياض استقبلت السيسي وأردوغان، في ذات الوقت كلّ على حدة، إلا أنّ الحفاوة التي نالها أردوغان لم ينلها السيسي. هل السبب هو عدم موافقة مصر على دعوة تركيا إلى المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ؟

السعودية عزّلت أقنية الوصل مع قطر بعد أن كثرت فيها الطحالب والأشنيات نتيجة الركود الحاصل من دعم «الإخوان»، دُعيت قطر إلى مؤتمر الشرم… قدّمت دول الخليج استثمارات كبرى… ماذا لو عادت قطر إلى دعم «الإخوان»؟ وغضّ سلمان الطرف؟

باركت السعودية زيارة وزير الخارجية الأردني إلى إيران بعد قطيعة استمرت ثماني سنوات. خطوة لكسر الجليد تستفيد منها دول الخليج، التي تخشى إيران، خاصة بعد انضمام المدمّرة إلى أسطولها. ملامح لعدّ تنازلي يجسر هوة القطيعة الطويلة الأمد.

إعلان لاريجاني زيارته للكويت والخليج كان لطمأنة دول الخليج أيضاً، أن لا مطامع إيرانية تجاههم. ملامح أخرى لعدّ تنازلي في تغيير سلوكيات سياسية تبدو مع زيارة وزير الدفاع التركي إلى بغداد وعرضه محاربة «داعش» إلى جانبها.

كسب مصلحي تخشى الأخيرة خسارته وهي ترى إيران تساعد الحشد الشعبي لتحرير تكريت ومناطق أخرى من براثن «داعش»… بينما تركيا تدعمها في سورية، وفي ذات الوقت تقدّم السعودية 3 مليارات دولار إلى الأزهر للطعن بالحشد الشعبي العراقي… لكنه لا يهتزّ لتدنيس ليبرمان وجنوده المسجد الإبراهيمي!

تبدّل المواقف التركية والسعودية، جميعها يرتبط بالمفاوضات الأميركية الإيرانية النووية والـ5+1. وما زالت أميركا تناور في هذا الملف، فكلما اقترب الاتفاق من التوقيع حسب ما يعلن، يفتعل ما يعرقله.

يحذر الجمهوريون في الكونغرس عبر رسالة إلى إيران من التوقيع، أنهم سيصوّتون ضدّه. وهنا تتضارب الآراء داخل الكونغرس والبيت الأبيض. وأوباما يقول إنّ الأمر يدعو إلى السخرية خاصة عند استقبالهم نتنياهو بعيداً عن رأي الرئيس.

هذه الرسالة سابقة في مواجهة قرار الرئيس واتفاقات دولية، وهي تعتبر تدخلاً غير مشروع لكن لا قيمة قانونية لها والمفاوضات يجب أن تستمرّ وإلا العواقب وخيمة.

وهي ليست إلا وسيلة ضغط على الرئيس الأميركي، وهذا دليل خلل في السياسة الحزبية الداخلية الأميركية. الاتفاقيات المتعدّدة الأطراف لا علاقة للكونغرس بها، وهذا مناف للدستور.

الرسالة حركة بهلوانية، إما أن تحسّن موقع الديمقراطيين، إن روّج ضدّها بشكل جيد لصالح أميركا، خاصة أنها تنفيذية ولا تحتاج للعرض على الكونغرس. أما إنْ استطاع الجمهوريون الترويج لها، على أنها ليست لصاح المصالح الأميركية! هنا يكسب الجمهوريون موقفاً للانتخابات المقبلة.

كما أنّ خطاب نتنياهو في الكونغرس هو للدعاية الانتخابية له في انتخاباته، التي يخوضها الآن بشراسة ضدّ منافسيه العتاة، اسحق هرتسوغ الأكثر حظاً لتاريخه الصهيوني ووالده. وتسيبي ليفني وموشيه كحلون… وجميعهم يتشدّقون بالأمن…

خطاب نتنياهو كان مؤثراً لكسب اللوبي الصهيوني في أميركا لصالح الجمهوريين. الذين يمنّون أنفسهم بالرئاسة المقبلة لأميركا. لذلك يردّ الديمقراطيون بقسوة ويسعون مع فريق أوباما لإلى جمع تواقيع شعبية لتجريم الـ47 عضواً الذين أرسلوا الرسالة إلى إيران، وتجريمهم بالخيانة العظمى لأنّ تصرفهم يمسّ السيادة الأميركية.

إذا وصل الاتفاق مع إيران إلى مرحلة الإنجاز، فلن تخشى الإدارة الأميركية من تخطيه ولا تغييره. حتى لو تسلّم الجمهوريين الحكم بعد أوباما، لأنّ هذا غير قانوني ويهزّ ثقة شركاء واشنطن الـ5+1. كما أنه ليس ملكاً لأميركا وحدها في وجود الشركاء.

كلّ ما يحدث من التباطؤ في الوصول إلى التوقيع على ااتفاقية بين إيران وأميركا، تستفيد منه «إسرائيل» واللوبي الصهيوني. لكنه لن يتعطل، لأنّ لأميركا مصالح في إيران تعلن عنها بشكل صريح.

ملامح أخرى للعدّ التنازلي في الموقف الأميركي تجاه سورية، بإعلان كيري ضرورة التحدّث مع الرئيس بشار الأسد لإنهاء الحرب في سورية. لا بدّ أن تقرّ أميركا بخسارتها وكذا فرنسا، أمام صمود الشعب السوري، تصريحاً وليس تلميحاً.

وما إعلان دي ميستورا المبطن بفشله مع المسلحين في حلب لإنجاز تجميد القتال وطرحه حمص بديلاً، إلا تأكيد أنّ الجماعات الإرهابية مدفوعة لتخريب سورية، وتفكيك الدولة السورية المتماسكة جيشاً وشعباً، ما أدّى إلى تفكك مؤامرة المتآمرين.

ملامح أخرى مع زلة اللسان غير المعترف بها في شرم الشيخ والتي أدلى بها كيري على الجميع أن يسعى من أجل مستقبل «إسرائيل» . لم يعتذر كيري واستمرّ في خطابه رغم همس وضحك الحضور. لسان حاله اعتذرَت عنه لاحقاً سفارته.

وللحديث بقية…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى