اليوم ساعة الحسم
تُجرى اليوم الانتخابات البرلمانية في الكيان الصهيوني، والتي ستفضي إلى تشكيل حكومة جديدة. وإذا كانت المنافسة على أشدّها بين رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو وحزبه «الليكود»، وبين يتسحاق هرتسوغ وتحالفه «المعسكر الصهيوني»، وعلى رغم كل استطلاعات الرأي التي أجريت في الآونة الأخيرة، يطالعنا مقال لأحد الصهاينة، يقرأ خلاله الانتخابات من وجهة صهيونية بحتة.
كتب أوري سبير في صحيفة «معاريف» العبرية:
فرانسوا هولاند انتخب رئيساً لفرنسا بوصفه «السيد العادي»، نقيض الشخصية الديماغوجية غير المتقوقعة على ذاتها المنغمسة في الملذات لسلفه، نيكولاي ساركوزي.
ابتداءً من مساء الثلاثاء، يمكن أن يكون لدينا رئيس حكومة عاقل وحكيم ومسؤول ورجل يعمل من خلال طاقم ورسمي ونظيف اليدين. أعرف يتسحاق هرتسوغ منذ أكثر منذ عشرين سنة، رجل عملي متعقل، كان محامياً لامعاً وناجحاً بفضل استقامته، وهو رجل يستطيع التعامل مع العالم الواسع بكافة تعقيداته. رجل حوار يعرف الوصول إلى تسويات صحيحة.
إذا انتخب فسيكون زعيماً من نوع آخر، ليس رجل ايديولوجيا آخر من الآباء المؤسسين بن غوريون، بيغن وبيرس ، وليس جنرالاً آخر يرى العالم في الاساس من فوهة البندقية باراك ، وليس رجلاً آخر من جيل التكنوقراط الكاريزماتيين أولمرت ونتنياهو ، لكنه رجل يمثل «إسرائيل» الجديدة، الحديثة، المرتبطة بالعالم وتؤيد القيم العالمية. تل أبيبي» لم يأت من شارع شنكن، إبن لعائلة «إسرائيلية» أصيلة، جده كان الحاخام الاكبر، والده كان رئيساً للدولة، وعمه كان آبا إيبان. لقد ورث منهم جميعاً القيم اليهودية، الفخامة والعالمية، لكنه ايضاً يجسد التنصل من الشتات، يمثل بشخصيته الأمل بالمستقبل الذي يربط السلام في المنطقة، القيم الليبرالية وجسراً للعالم. محام و«جنتلمان».
يصعب وصف اثنين متعاكسين بهذه الدرجة مثل بيبي وبوجي. أحدهما من أتباع جابوتنسكي، يجسد استمراراً للشتات والغيتو ومقتنع أنه في كل جيل يهبون علينا من أجل إبادتنا. نتنياهو رجل مصاب بمرض كراهية الاجانب، يرى «إسرائيل» تعيش طوال الوقت على حد السيف كرؤيا آخر الزمان، يستخف بالديمقراطية وبسلطة القانون، يتشاجر مع العالم وعلى رأسه رئيس الولايات المتحدة، رجل خصومة ومشاجرة، خطيب وديماغوجي كاريزماتي ورجل دعاية من الطراز الاول. في الجانب الآخر يقف هرتسوغ، من أتباع بن غوريون وبيرس، ذو لهجة لطيفة ومتصالحة، يثق بنفسه لكنه ليس مغروراً، يتوق إلى دولة ديمقراطية ليس أقل من توقه لدولة يهودية، يقدس سمو محكمة العدل العليا، رجل العالم الكبير، يستطيع التحدث مع رؤساء المنطقة والعالم.
ومع ذلك، هذه حرب متعادلة. نتنياهو يحظى بدعم تقليدي من اليمين، من أولئك الذين يشعرون أنهم مضطهدون من النخبة التقليدية، وكذلك من أولئك الذين نجحت البلاغة التخويفية لهم في زعزعة أمنهم الشخصي، وفي الاساس من أولئك الذين يجسدون حلم الدولة ثنائية القومية: المستوطنون. تسع سنوات حولت رئيس الحكومة إلى أبدي تقريباً. تقريباً يأتي هرتسوغ كشخص غير بطولي، شخص عادي مسؤول ومتعقل ومن غير جنون العظمة. هرتسوغ يتحدث إلى «الإسرائيليين» الذين يريدون مديراً وليس مسيحاً، رجل اعمال وليس رجل ديماغوجياً، شخص يرى وجود امكانية في قيام تحالف منطقي من اجل حل الدولتين مقابل دولة ثنائية القومية على مذبح مشروع الاستيطان.
«إسرائيليو» هرتسوغ هم «إسرائيليون» جاءوا من الماضي المأسوي إلى فرص الغد، الذين يعرفون أن «إسرائيل» تستطيع ويجب عليها أن تكون جزءاً محترماً من المجتمع الدولي، وأن تحظى بثمار العولمة، والوجود متعدد الثقافات من خلال الحفاظ على إرث «إسرائيل». «إسرائيل» متحررة من الكولونيالية المسيحانية.
هذا حسم بين «إسرائيل» أمس و«إسرائيل» الغد، «إسرائيل» اليأس و«إسرائيل» الأمل. حسم من أجل «إسرائيل» العادية.