الناصر: مؤتمر طهران أول منتدى سوري ناجح للحوار

حاورها سعد الله الخليل

بعد أربع سنوات من الحرب على سورية، والتي شاركت فيها عشرات الدول ومنها الولايات المتحدة الأميركية، أقر وزير الخارجية الاميركي جون كيري بضرورة التفاوض مع الرئيس بشار الأسد لإنهاء حرب شنتها تحت شعار إسقاط الأسد. لم تتوانَ واشنطن خلال تلك الحرب عن استعمال كل أساليبها القذرة في حرب يبدو أنها تستعد للخروج منها مرغمة، لا على أساس مبدأ الضرورات تبيح المحظورات، بل من صعوبة السير في حرب عبثية استعملت فيها كل أدواتها الإقليمية والمحلية وحرقت أوراقها الواحدة تلو الأخرى.

تصريح كيري شغل الأوساط السياسية ليس في سورية فحسب، بل في كل العواصم الإقليمية والدولية المعنية بالأزمة السورية.

وفي هذا الإطار، رأت الأمين العام لحزب «سورية الجديدة» سناء الناصر أن تصريحات الوزير كيري حول ضرورة التفاوض مع الرئيس الأسد لحل الأزمة السورية ليست إلا محاولة للتحايل من جديد على جهود بلاده لمنع الوصول إلى حل حقيقي في الداخل السوري.

وأشارت الناصر في حوار مشترك بين صحيفة «البناء» اللبنانية وشبكة «توب نيوز»، أن «أميركا إذا كانت جدية فعلاً في السير بحل الأزمة السورية عليها القيام بخطوات جدية لا التصريح بأن لدينا عدواً مشتركاً يتمثل بتنظيم «داعش» الذي هو صنيعة أميركا وهو ما أقرت به وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون».

وتابعت الناصر: «التصريحات الأميركية هدفها صرف النظر عما تقوم به من اتفاقات في الأسبوع المنصرم مع تركيا حول تدريب 5 آلاف مقاتل مما يسمى المعارضة المعتدلة التي لم تقنع أحداً بأنها معتدلة، لأنها تحمل السلاح تحت ظل ديمقراطية الولايات المتحدة».

وتمنت الناصر على الولايات المتحدة أن «تعامل هؤلاء المسلحين وفق القوانين المعمول بها في أوروبا أو أميركا نفسها من حيث حمل السلاح خارج شرعية الدولة والذي يعد خطاً أحمر»، موضحة «أن السلاح المعترف به في قانون الجمهورية العربية السورية هو السلاح المرخص والمدافع عن الوطن والمواطن سلاح الجيش العربي السوري».

وأصافت: «انتصارات الجيش العربي السوري على حدود القنيطرة ودرعا المحاذية للجولان المحتل أجبرت كيري على هذا التصريح بعد انسداد أفق الدعم «الإسرائيلي» للحرب على سورية، إضافة الى إنشاء جبهة المقاومة الذي أعلن عنها سيد المقاومة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الأخير بموافقة الحكومة السورية لتمتد تلك الجبهة من رأس الناقورة حتى الجولان».

فشل المشروع الأميركي

ورأت الناصر أن «أميركا تشعر بالعجز لأنها لم تستطع أن تروج لما خططت له فيما يسمى «الربيع العربي» سواء بالتسليح والدعم واستجلاب الإرهابيين عبر تركيا وغيرها، وهذا المخطط حولّه الجيش العربي السوري والقيادة السياسية السورية إلى خريف لهم». وأعربت عن اعتقادها بأن اللعبة الأقليمية والدولية الآن هي أكبر بكثير مما شكلته أميركا من كرة نار وحاولت أن تكون بعيدة منها ولم تستطع أن توقفها وبالتالي يأتي التصريح كحاجة أميركية لتحقيق نصر وهمي لها ولحلفائها».

انسحاب أميركي

ولاحظت الناصر أن «أميركا عندما فجرت خلية الأزمة في دمشق كانت تعتقد أن سورية سوف تنهار بكليتها عبر الاجتياح بمرتزقتها الإرهابيين لاحتلال دمشق والقضاء على الرئيس الأسد أو إبعاده عن الداخل السوري، ولكن ما فاجأهم هو أن هذه التي تسمى خلية الأزمة ليست عماد الدولة السورية التي هي دولة مؤسسات ولا تعتمد على أفراد أو أشخاص، فهي منظومة قائمة بذاتها وتعتمد على الثبات وموجودة في كل مفاصل الحياة».

وأكدت أن الجهود الأميركية للقضاء على «داعش» لا تتعدى الاستعراض، وقالت: «بعد تشكيل التحالف الدولي ضد داعش والإعلان عن القضاء على أعداد من عناصره، فإن الجيش العربي السوري في كل عملية برية بعيدة من الطيران يقتل ما يقارب هذا العدد إن لم يكن أكثر». وتساءلت: «لماذا قُتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة؟»، لافتة إلى أن «التقارير الغربية التي تؤكد أنه رأى طائرات التحالف ترمي لداعش المساعدات وعندما أخبر قيادته بذلك جاءت الأوامر للطائرة بايلوت الإماراتية التي كانت خلفه بقصفه كي لا يتكلم عما حدث».

وأضافت الناصر: «أميركا لا تستطيع الإنسحاب مما روجت له أمام شعبها وفي الوقت نفسه تريد الضغط على السعودية عبر تصريح كيري عن ضرورة الحل السياسي والتفاوض مع الرئيس الأسد، فهي تضرب عصفورين بحجرٍ واحد، فهي تخنق مجموعاتها المدفوعة الثمن من الخارج وتضغط على السعودية لزيادة التمويل من بوابة التدريب للجماعات المعتدلة وآخرها استعداد تركيا لتدريب 1500 مقاتل بمدربين أميركيين وضمن هذا السياق تأتي المبالغ التي دُفعت الأسبوع الماضي للهيئة الجديدة لما يسمى الأئتلاف بعد أشهر من صرف عدد من موظفيه لعدم وجود اعتماد مالي ودعم».

حلول دبلوماسية

وأشارت الناصر إلى أن «الوفود الديبلوماسية التي تزور دمشق منذ زمن غير قصير من الدول الشريكة في حلف داعش والتي تتدعي مقاتلته، تزور دمشق لإعادة سفاراتها إليها، وهذا إدراك لدى الإدارة الأميركية بعدم القدرة على إسقاط سورية ولهذا استعملت كلمة حلول ديبلوماسية وليست سياسية بعد كل الرهانات التي راهنوا عليها لإسقاط سورية من إنشقاق الديبلوماسية السورية واغتيال خلية الأزمة والمناطق العازلة وغيرها من الرهانات التي فشلت فشلاً ذريعاً».

الإرهاب والمجتمعات الغربية

في الشأن السياسي أكدت الناصر أنه «بعد جنيف-2 ومؤتمر موسكو، خرج الأصيل ليحل محل الوكيل ويدعو لتطبيق جنيف1 والذي لم يتم حتى الآن تطبيق البند الأول منه وهو مكافحة الإرهاب بعد أن أدرك أن هذا الإرهاب مستعد للدخول إلى المجتمعات الغربية».

ولفتت الانتباه إلى أن «القيادة السورية وافقت في جنيف- 2 على بنود جنيف- 1 وتعاملت معه وفقاً لما يتلاءم مع القانون السوري وفتح الباب أمام مشاركة كل الأطراف السياسية في الحكومة والتي شاركت فيها شخصيات من المعارضة مثل الدكتور علي حيدر والدكتور قدري جميل»، معتبرة «أن مشاركة أي فصيل معارض يجب أن ينسجم مع مبدأ الديمقراطية بحيث يتمتع بتمثيل في الشارع يمكنه من الدخول في انتخابات برلمانية تؤهله لنيل وزير بمعزلٍ عن مرجعيته»، داعية «المعارضة الخارجية إلى دخول الشارع السوري لكي نرى تمثيلها الشعبي».

أميركا ترسخ التفرقة بين السوريين

وشددت الناصر على أن موسكو وأميركا وضعتا الخطوط العريضة لما تريدانه من الشرق الأوسط، وتمنت أن يجمع السوريون على مؤتمر حوار دمشق-1 لحل الأزمة الداخلية، منبهة إلى أن واشنطن تريد ترسيخ التفرقة بين الفرقاء السياسيين.

وأكدت أن «الدعوات إلى مؤتمر موسكو-1 وجهت إلى أسماء وشخصيات محددة وليس الى كيانات سياسية وتيارات وأحزاب وهذا لا يساعد في إيجاد حل للداخل السوري»، وأضافت: «نحن كحزب سياسي نتساءل أين النتائج التي صدرت عن موسكو-1؟»، لافتة إلى أن «أول منتدى سوري ناجح للحوار عقد في طهران وهو الذي تمثل فيه المجتمع المدني والهيئات السياسية والتيارات الحزبية وبحضور أعضاء من مجلس الشعب والحكومة، ولو استمر الحوار في طريقه الصحيح لكنّا اليوم في خضم نتائج جيدة».

وتابعت الناصر: «كل من تابع مؤتمر طهران لاحظ إلغاء كل اللجان والأسماء الموجودة في مؤتمر طهران والتي تم تزويدها للخارجية السورية وتم تعيين أسماء أخرى عوضاً عنها بناء على رغبات أشخاص موجودين في مؤتمر طهران للحوار وهو ما أضعف مفعول مقرراته على الأرض».

وأعلنت الناصر أن اسمها موجود في اللجنة التنفيذية ولجنة صياغة الميثاق الوطني المنبثق عن مؤتمر طهران وفي اللجنة الإعلامية ومع ذلك لم تتم دعوتها إلى أي من تلك الاجتماعات.

قلق الأمم المتحدة

وحول مشاركة الأمم المتحدة في ملتقى موسكو-2 أوضحت الناصر أن «لأمم المتحدة لم تقدم شيئاً من مساعداتها المفروضة سوى قلق أمينها العام على السوريين، فكل الموفدين الذين دخلوا إلى سورية منذ بداية الحرب عليها حتى الآن، أتوا بأجندات جاهزة ولم يلتفتوا إلى أي ورقة قدمتها تيارات سياسية في الداخل ليعملوا عليها، وأضافت: «قدمنا للمبعوث الأممي السابق الأخضر الإبراهيمي ورقة عمل لم ينظر إليها، بل اكتفى بطرح أسئلة اعتيادية عن وضع الشارع وما يحصل فيه». وتابعت: «الآن هم المبعوث الأممي الحالي ستيفان دي ميستورا هو المنطقة الشمالية السورية وما يحصل فيها بالسعي لإيجاد منطقة عازلة وتجميد القتال في منطقة محاذية للدولة التركية التي نراها عدوة للشعب السوري وهذا ما لا نقبله أبداً».

واعتبرت الناصر أن «هناك تهميشاً لبعض التيارات السياسية في الداخل السوري في مقابل تضخيم الإئتلاف والهيئة على حساب أحزاب الداخل السوري، وقالت: «نستطيع الوصول إلى الشارع وإيصال طلباته إلى القيادة السياسية السورية سواء كنا في موسكو أو لم نكن»، مؤكدة أن «العمليات العسكرية التي تجري في الشمال والجنوب من قبل الجيش العربي السوري هي التي تحكم مصير موسكو- 2».

يبث هذا الحوار كاملاً الساعة الخامسة مساءً ويعاد بثه الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز» على التردد 12034.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى