آخر الكلام سفّاح صهيونيّ نعرفه خيرٌ من مثيل نجهله
جورج كعدي
وَعَدَ السفّاح الصهيونيّ «الإسرائيليّ» الفائز في «الانتخابات» الأخيرة شعبه بعدم السماح بنشوء دولة فلسطينيّة، كأنّ في وعده جديداً صادماً للشعب الفلسطينيّ ولنا، مختلفاً عن وعود سائر سفّاحي الكيان المسخ منذ بن غوريون إلى الـ«نتن ياهو»، مروراً بالمجرمات والمجرمين، غولدا مائير، مناحيم بيغن، شيمون بيريز، إسحق رابين، إسحق شامير، أرييل شارون، يهودا باراك، إيهود أولمرت وسفّاحة ولايته تسيبني ليفني ، وانتهاء اليوم بالنتن الممدّة ولايته…
فليدلّنا أحدٌ على الأقلّ فظاعةً وإجراماً وسعوراً وجنوناً وارتكاباً للمجازر في حقّ الأطفال والنساء والشيوخ، وتدميراً واستيطاناً وقمعاً واعتقالاً! أليس بيّناً أنّ كلاًّ من هؤلاء يتفوّق في الإجرام والمجازر على سلفه وخلفه في آن واحد؟! لذا نقول إن هذا الكيان المسخ لم يفرز سوى قادة سفّاحين يتبارون في ما بينهم عمّن هو الأشدّ فتكاً في الشعب الفلسطينيّ وطرده من أرضه تمهيداً لاستيطانها وضمّها إلى مساحة احتلاله في أرض فلسطين الطاهرة المتألّمة.
أيّ عِبَرْ يمكن أن نخرج بها من انتخابات الكيان الصهيونيّ المغتصب بالأمس؟
1 ـ لم تفرز هذه الانتخابات أيّ قوّة سلام نستثني بالطبع القائمة الفلسطينيّة التي ليست ضمن المعادلة اليهوديّة الصهيونية، علماً أنّه كان على الفلسطينيين أن يقاطعوا المهزلة «الإسرائيليّة» داخل هذا المجتمع العنصريّ المريض، المنغلق على خرافاته التوراتيّة وأمراضه العُظاميّة واحتقاره لباقي الشعوب وحقده عليها وعدوانيّته المجرمة ضدّها، ما يدحض قول بعض العرب، خاصة في أوساط ثقافويّة تافهة ومدّعية، إنّه يمكن الرهان على دعاة «سلام» في «إسرائيل» أو «معتدلين» أو أهل «حوار» و«تعايش»، فيما تدلّ حقيقة التوازنات داخل المجتمع «الإسرائيليّ» المتوحّش على أن نسبة المؤمنين بـ«سلام» ما، إن وُجدوا، لا تُلحظ، وها الانتخابات تكشف وتعرّي واقع تلك العصابات التي وفدت إلى أرض فلسطين لتحتلّها بدعم بريطانيّ وأميركيّ وغربيّ مجرم.
2 ـ أكّد تجديد «البيعة» للسفّاح الـ«نتن ياهو» أنّ هذا الشعب «الإسرائيليّ» يؤيّد جرائم السلطة الحاكمة باسمه، ولا يحرجه البتّة أن يكون حاكمه الذي يجدّد له بأكثريّة معبّرة رجلاً فاسداً، قاتلاً، يعربد شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، على الحدود مع لبنان وسورية وغزّة والضفّة، ويهدّد إيران ليل نهار، ويفتعل مشاكل مع رئيس الولايات المتحدة الراعية له ولكيانه المسخ، ويتوعّد الفلسطينيّين بعدم بلوغهم «حلم» الدولة. شعب «إسرائيليّ» يكشف عن أنيابه بتأييد مَنْ يشدّد عزلته ويعزّزها ويبقيه في حالة عداء مستمرّة مع محيطه ومع العالم الحرّ بأكمله، فعقدة «الغيتو» التاريخيّة لم يبرأ منها إلى اليوم، مثلما لم يشفَ من أمراض العنصريّة والعدوانيّة والظمأ إلى الدم. مجتمع متطرّف مريض لا يفرز سوى قيادات مسعورة، سفّاحة ودمويّة، مثل الـ«نتن ياهو» وسائر فريقه المجرم.
3 ـ ينبغي أن يريحنا، في المقابل، الفوز الذي حقّقه الـ«نتن ياهو»، لأنّه قاتل نعرفه جيّداً ونحسن التعامل معه بما يلزم من مقاومة وصدّ وردّ وإلحاق هزيمة على نحو ما فعلت المقاومة في ردّ مزارع شبعا البطوليّ والمدهش على غدر القنيطرة الجبان ، فمقابل الـ«نتن» كانت لدينا نتنة أقبح وأوحش منه هي تسيبي ليفني ولا يزال دورها المجرم إلى جانب السفّاح الخائب إيهود أولمرت ماثلاً في الذاكرة والعين منذ حرب تموز 2006، وما كان مجيئها إلى السلطة مكان الـ«نتن» ليفرحنا أو يعزّينا أو يأتينا بالمنّ والسلوى! كذلك بالنسبة إلى حليفها هرتزوغ الذي لم نختبره في السلطة إنّما لا أوهام لدينا في إمكان أن يكون أسوأ أو بالسوء عينه، ولذا قلنا: سفّاح نعرفه خير من مثيل له لا نعرفه، لتيقّننا من أنّ جميع هؤلاء متحدّرون من مدرسة صهيونيّة واحدة ولا يختلف أحدهم عن الآخر بأدنى سمة، إذ أنشئوا على عقيدة الاحتلال والقتل والاستيطان وارتكاب المجازر في حق «الغوييم» وكلّ من ليس يهوديّاً ومن شعب «يهوه» الإله المجرم السفّاح.
4 ـ لعلّ نتائج هذه الانتخابات التافهة التي هي دوماً من باب تحصيل الحاصل، تبدّد مرّة وإلى الأبد الأوهام من رؤوس بعض الفلسطينيّين والعرب حول إمكان حصول تغيير ما في الكيان «الإسرائيليّ» يبدّل في السياسة «الإسرائيليّة» أو بحلول سحريّة أو جذريّة تفضي إلى حلّ للصراع التاريخيّ، الذي لن ينتهي واقعاً إلاّ بإزالة «إسرائيل» واسترداد الأرض الفلسطينيّة الكنعانيّة السوريّة كاملة وليس أجزاء مشلّعة منها وفق قبول البعض وتسليمه. وأثبتت التجارب الدمويّة والمأسويّة مع هذا العدوّ، على مرّ العقود، أن لا إمكان لأيّ حلّ في ما يخصّه إلاّ بالمقاومة اليوم، تمهيداً للإجلاء والطرد غداً، عندما تكون اللحظة التاريخيّة مناسبة، فزمن نضال الشعوب غير مطابق لزمن الأفراد، ولعلّ سنة في حياة الفرد توازي عشراً أو أكثر في عمر الأوطان وكفاح الشعوب لنيل حقوقها.
5 ـ أخيراً وليس آخراً، عبرة للشعب الفلسطينيّ نفسه ألاّ يأمن يوماً، لا سلطةً ولا فصائل مقاومة، لعدوّ مجرم حقير لا يمكن «الاتفاق» معه على شيء ولا «التفاهم» ولا «التنسيق» ولا «المهادنة»، وأن يضاعف الفلسطينيون من وحدتهم ويثبتوا عليها حتى جلاء المغتصب المحتلّ.
لا يقلقنّ أحد، لا جديد في عودة الـ«نتن ياهو»، سوى أنّ تاريخاً مقبلاً من الهزائم في انتظاره، فـ«بيبي» الجزّار والفاسد والخنفشاريّ ما عاد يخيف أحداً، وبخاصة أبطال غزّة وأبطال لبنان، وبالتأكيد لا يخيف إيران… تعالوا نحتفي ونسخر من هزال مجتمع لصوص ومجرمين غاصب يعيش مراحل نزاعه الأخير.