ميركل تربط رفع العقوبات عن روسيا بتنفيذ اتفاقات مينسك

أعلنت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن آفاق إلغاء العقوبات المفروضة على روسيا مرتبطة بتنفيذ اتفاقات مينسك الخاصة بتسوية الأزمة في أوكرانيا.

وقالت ميركل في إعلان حكومي ألقته في البرلمان الألماني أمس «نحن لا نستطيع ولا نريد رفع العقوبات المفروضة فور تنفيذ البنود الأولى من اتفاقات مينسك. لن يكون هذا صحيحاً. وسأدعو اليوم مساء خلال قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسيل إلى ربط استمرار العقوبات باتفاقات مينسك وتنفيذها».

ووصفت المستشارة نظام وقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا بـ»الهش»، مضيفة أنه من غير الممكن حتى الآن تأكيد سحب الأسلحة الثقيلة، ومعتبرة كل ذلك «شعاع أمل… وقد وضعت البداية، ويجب أن يسير الجميع على هذا الدرب».

وذكّرت ميركل بالموقف الرسمي للحكومة الفيدرالية الألمانية التي لم تعترف بانضمام القرم إلى روسيا نتيجة الاستفتاء، مؤكدة أن هذه الأحداث «صارت تحدياً» للاتحاد الأوروبي، «وأنا سعيدة بأن أوروبا «ردت بوضوح على هذا منذ البداية».

وأقرت المستشارة مع ذلك بأن لدى دول الاتحاد الأوروبي «مصالح مختلفة… ويختلف أيضاً اعتمادها على استيراد وسائل الطاقة من روسيا، إلا أن الاتحاد الأوروبي صمد أمام التحدي . إذ لم نسمح بتقسيمنا. والحكومة الفيدرالية ترغب بأن تبقى الحال كما هي، وسنعمل على ذلك».

وكان الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو والمستشارة الألمانية قد اتفقا على مبادرة لعقد لقاء لوزراء خارجية «رباعية النورماندي»، وذلك خلال اتصال هاتفي بينهما.

وأفادت الرئاسة الأوكرانية بأن الجانبين بحثا الوضع في منطقة دونباس جنوب شرقي أوكرانيا وعملية تطبيق اتفاقات مينسك حول تسوية النزاع في المنطقة.

وتابع بيان صدر عن الرئاسة أن بوروشينكو، أكد خلال محادثاته مع ميركل تمسك أوكرانيا بالتزاماتها، مشيراً إلى أن تبني البرلمان الأوكراني قراراً يحدد قائمة النواحي في دونباس التي ستخضع لنظام إداري خاص، جاء تنفيذاً لالتزامات كييف.

من جانبه، أعلن المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين أن الحكومة الأوكرانية تمتنع بذرائع مختلفة عن تنفيذ اتفاقات مينسك الموقعة في 12 شباط الماضي. وقال: «المهمة الرئيسية الآن تتمثل في تنفيذ الإجراءات السياسية التي تنص عليها اتفاقات مينسك».

وأشار الدبلوماسي الروسي إلى أن كييف لم تتفق مع دونيتسك ولوغانسك على بنود قانون الوضع الخاص لمنطقة دونباس، مضيفاً أن هذا القانون يضع شروطاً إضافية لا تتماشى مع اتفاقات مينسك. وقال إن حديث كييف عن نشر قوات لحفظ السلام محاولة لتغيير الحديث إلى مجرى آخر.

ولفت تشوركين إلى أن الجانب الأوكراني لم يذكر إطلاقاً أية عملية لحفظ السلام أثناء مفاوضات مينسك بين رؤساء «رباعية النورماندي»، والتي استمرت 17 ساعة، مضيفاً أن الجميع انطلقوا من ضرورة استمرار بعثة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

وذكّر المندوب الروسي بقرار تعزيز بعثة المراقبة الذي اتخذ أخيراً، البعثة التي تعمل على الأرض في المنطقة منذ زمن طويل في مجال مراقبة سير سحب الأسلحة الثقيلة، موضحاً أن البعثة تنفذ مهمتها.

إلى ذلك، أكد جو بايدن نائب الرئيس الأميركي في مكالمة هاتفية مع الرئيس الأوكراني أن الولايات المتحدة ستبدأ قريباً تدريب مجموعة من العسكريين الأوكرانيين.

وجاء في بيان صدر من الديوان الرئاسي الأوكراني أن بايدن أبلغ بوروشينكو أن الرئيس الأميركي قرر تنظيم دورة تدريب ستشمل 780 عنصراً من الحرس الوطني الأوكراني في القريب العاجل.

وذكر بايدن أن بلاده ستورد الدفعة الأولى من السيارات العسكرية التي تعهدت تزويد الجيش الأوكراني بها، في أواخر آذار الجاري.

تجدر الإشارة إلى أن الجنرال بن هوجز قائد القوات الأميركية في أوروبا، أعلن يوم الثلاثاء الماضي تأجيل تدريب العسكريين الأوكرانيين على يد مدربين أميركيين، وذلك من أجل إعطاء مزيد من الوقت لتطبيق اتفاقات مينسك. وكان من المقرر سابقاً أن ينطلق برنامج التدريب الأسبوع المقبل.

كذلك أبلغ الرئيس بوروشينكو بايدن بالقرارات الأخيرة التي اتخذها مجلس الرادا الأوكراني، زاعماً أنها تأتي تنفيذاً لاتفاقات مينسك السلمية، حيث قد قرر إرجاء فرض «نظام إداري خاص» في نواح من منطقة دونباس لا تخضع لسيطرة كييف.

كما أعلن البرلمان أراضي جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين أراض محتلة موقتاً، وصادق على نداء الرئيس بوروشينكو إلى مجلس الأمن الدولي ومجلس الاتحاد الأوروبي لنشر بعثة دولية لحفظ السلام والأمن في أراضي البلاد.

ورفضت قيادة دونيتسك ولوغانسك قرارات مجلس الرادا، معتبرة أنها تدمر التسوية السلمية. كما أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن أسفه لتلك القرارات ووصفها بأنها انتهاك فظ لاتفاقات مينسك.

من جانب آخر، ذكرت وكالة «رويترز» أن بايدن وبوروشنكو بحثا نظام العقوبات ضد روسيا واتفقا على ضرورة الحفاظ عليه حتى تطبيق بنود اتفاقات مينسك كافة.

كما اعتبر الطرفان أن على المجتمع الدولي أن يكون مستعداً لتشديد العقوبات ضد روسيا «حتى تتخلى عن مساهمتها في تأجيج العنف في أوكرانيا».

وفي السياق، دعا زبيغنيو بريجنسكي مستشار الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر لشؤون الأمن القومي، الرئيس أوباما إلى وضع خطة شاملة بشأن أوكرانيا تراعي المصالح الروسية.

وفي تصريحات نشرتها صحيفة «تايمز» البريطانية، قال بريجنسكي: «بدلاً من الحديث عن فرض عقوبات ضد روسيا وإدانتها، على الرئيس باراك أوباما وضع خطة شاملة لتسوية النزاع في أوكرانيا على أن تكون هذه الخطة مقبولة للطرفين».

وتابع أنه يجب السعي إلى بلورة اتفاق يجعل بعض مصالحهم أي مصالح الروس منسجمة مع بعض مصالحنا».

وأوضح المستشار الأسبق قائلاً: «ذلك يعني أنه لا بد من مساعدة أوكرانيا على إيجاد مصير لها كعضو ديموقراطي في الاتحاد الأوروبي. لكن على الناتو أن يشير إلى روسيا بكل وضوح أنه لن يمنح أوكرانيا العضوية في الحلف أبداً».

واعتبر بريجنسكي أن على الولايات المتحدة وحلفائها في المرحلة الراهنة عدم توريد أسلحة لكييف، لأن ذلك يمكن استغلاله «لتبرير استئناف المواجهة»، بحسب قوله.

مع ذلك قال بريجنسكي إنه في حال استئناف القتال في جنوب شرقي أوكرانيا «لن يبقى أمامنا، لاعتبارات سياسية وغيرها، سوى أن نزوّد أوكرانيا بالسلاح».

بينما أعرب برلماني روسي بارز عن أمله في أن يصغي الرئيس باراك أوباما إلى صوت المفكر السياسي الكبير زبيغنيو بريجنسكي.

وقال فرانتس كلينتسيفيتش، النائب الأول لرئيس كتلة حزب «روسيا الموحدة» في مجلس النواب الروسي: «ليست محبة روسيا ضرورية، بل يكفي أن يُنظر إلى الأشياء نظرة واقعية. إن ما صرح به زبيغنيو بريجنسكي هو تماماً ما تنتظره روسيا من الولايات المتحدة منذ زمن بعيد.. لكن أوباما لا يريد أن يسمعنا، وعسى أن يسمع بريجنسكي».

إلى ذلك، وصلت أمس قافلة مساعدات إنسانية روسية بما فيها سيارات الصليب الأحمر الروسي الى الدونباس، حيث بدأت بتفريغ حمولتها في مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك بعد أن انقسمت الشاحنات إلى قسمين.

وأعلن المركز الوطني لإدارة الأزمات في وزارة الطوارئ الروسية في وقت سابق أن القافلة «خرجت من مركز دونسكوي للإنقاذ في مقاطعة روستوف الساعة الرابعة فجراً بتوقيت موسكو وتوجهت نحو الحدود» الأوكرانية.

وتضمنت القافلة أكثر من 170 شاحنة تحمل 1.9 ألف طن من المساعدات منها حبوب البذار ومواد غذائية وأدوية ومواد الضرورات الأساسية ومواد بناء لإعادة إعمار المنشآت المدمرة، إضافة إلى كتب دراسية ومعدات رياضية للمعاهد في مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك.

وأوضح المركز أن مواد البذار ضرورية اليوم لدونباس «من أجل الاستعداد للأعمال الزراعة الربيعية التي تحظى بأهمية كبيرة في المناطق المتضررة من مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك».

وتضمنت القافلة لأول مرة شاحنات مع مواد غذائية وطبية من فرع الصليب الأحمر بموسكو. وتنقسم القافلة إلى قسمين كالعادة لتوزيع المساعدات على سكان المقاطعتين.

هذا وعُرضت الشاحنات عشية انطلاقها على ممثلي وسائل الإعلام، وبرغبة أي منهم جرى فتح أية شاحنة ليرى الصحافيون محتواها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى