ماذا لو سقطت تونس في فوضى الإرهاب؟
ناديا شحادة
الإرهاب الأسود أصبح من أكثر المخاطر التي تهدد حياة الشعوب ليس في منطقة المشرق العربي فحسب بل امتد ليشمل دول المغرب العربي الكبير، فبعد الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي في عام 2011 الذي كان رغم العديد من سلبياته يشكل حائط صد ضد الإرهاب والارهابيين.
وانتشرت الفوضى والسلاح في ليبيا ودخل تنظيم «داعش»، وسط تفاقم الوضع والتفكيك السياسي والعسكري بها تصاعد التخوف الدولي والاقليم من تأثير تلك الفوضى على دول الجوار، واتخذت العديد من الدول الاوروبية اجراءات امنية مشددة غير مسبوقة في الأشهر الأخيرة لصد خطر تمدد الارهاب في أرجائها بخاصة بعد تمدده في ليبيا وفي مدن تقع على شاطئ المتوسط، تهديد «داعش» لدول الجوار كان من بداية ذبح الأقباط المصريين في 15 شباط 2015، ومن ثم الاعتداء الارهابي على متحف باردو وسط العاصمة التونسية في 18 آذار 2015 وأسفر عن مقتل 23 مدنياً اغلبهم سياح اوروبيون والعديد من الجرحى، بهذه العملية التي نسبت الى «داعش» الذي اعلن في تسجيل صوتي نشر على شبكة الانترنت مسؤوليته عن هذا الاعتداء يستكمل «داعش» جرائمه الارهابية بحق المدنيين. ويرى المراقبون ان هذا الهجوم الارهابي الذي ضرب قلب مدينة تونس يهدد بإغراق آخر معقل للامل في العاصفة المدمرة التي تجتاح العالم العربي، فالارهابيون التابعون لتنظيم «داعش» في ليبيا هم على ابواب تونس، والآلاف من الشباب التونسي انضموا طوعياً الى هذه الايديولوجية التكفيرية، فمنفذا العلمية الارهابية في متحف باردو يحملان الجنسية التونسية وتدربا على استخدام السلاح في ليبيا حسب ما صرح به كاتب الدولة لدى وزير الداخلية المكلف بالشؤون الامنية رفيق الشلي في 19 آذار 2015، حيث أكد أن منفذي الهجوم عنصران متطرفان سلفيان تكفيريان غادرا البلاد في كانون الاول عام 2014 الى ليبيا وتمكنا من التدرب على الاسلحه هناك.
ويؤكد المتابع للشأن التونسي، إن تونس التي تدرك انها هدف للاعمال الارهابية بخاصة بعد المواجهات التي حدثت في مرتفعات جبل الشعانبي والتي قتل فيها 15 جندياً تونسياً في تموز 2014، لو سقطت في فوضى الارهاب فإن آثار ذلك سوف تصل بالتأكيد الى أوروبا وهذا ما أكده رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس معلقاً على حادث باردو الارهابي بأن الخطر يواجهنا جميعاً في أوروبا وفي حوض المتوسط وفي العالم.
ويؤكد المتابعون ان هذا الهجوم بمثابة عملية ارهابية نوعية وان هناك تخطيطاً لاستهداف مؤسسات الدولة بعد نجاح تونس في علمية الانتقال الديمقراطي وسقوط الإخوان الذي شكل ضربة للمشروع التركي – القطري في المنطقة حيث تعتبر تركيا الداعم الاول لتنظيم الإخوان وعلاقاتها مع التنظيمات الجهادية كـ»داعش» المتداخل معه في سيناء وليبيا والعراق وسورية، فتركيا التي حاولت ان تتوسع في المنطقة العربية ولكن فشلت طموحاتها بإعادة الامبراطورية العثمانية من جديد، فالتطورات الاقليمية الكبيرة التي صعب على انقرة احتواؤها، هذا الامر الذي جعل من انقرة تزيد من دعمها للجماعات الإرهابية وان يكون لها دور فاعل في المشهد الجهادي في ليبيا وهي محاولة من حكومة اردوغان ايجاد ضغوط وتهديدات عبر ليبيا على تونس لاستدراج الحكومة التونسية التي اطاحت بالإخوان المتمثل بالنهضة الى الفوضى وافشال نجاحها الديمقراطي.
فانتقال الارهاب من الجبال الغربية والمناطق الحدودية الى قلب العاصمة التونسية الذي تمثل بالهجوم الارهابي على متحف باردو، ومحاصرة الجماعات الارهابية في ليبيا الامر الذي سيجعلها تفكر وتخطط للتمدد نحو فضاء جديد وبالنسبة لهم تونس هي الحلقة الاضعف نظراً الى عدم جاهزية المؤسسات الامنية التي تفككت بعد الثورة، يبقى السؤال هل هذه الأحداث ستكون سبباً لاتخاذ تونس مواقف جادة مما يجري من احداث ارهابية في ليبيا وهل سنشهد تدخلاً عسكرياً غير محسوبة نتائجه من قبل قوات الجيش التونسي لمحاربة تنظيم «داعش» في ليبيا من قبل حكومة رفعت شعار القضاء على الارهاب وتحقيق الامن والامان في حملتها الانتخابية.