بوتين ينتظر من كييف الالتزام الكامل بِاتفاقات مينسك
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن موسكو تأمل في أن تطبق كييف اتفاقات مينسك الخاصة بالتسوية في شرق أوكرانيا، بالكامل.
وقال في اختتام لقاء جمعه أمس في أستانا مع نظيريه الكازاخي نور سلطان نازاربايف والبيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو: «إننا نعول كثيراً على أن تعمل السلطات في كييف على التطبيق الكامل للاتفاقات التي جرى التوصل إليها في مينسك».
واعتبر أن اتفاقات مينسك التي تعود إلى 12 شباط وفرت فرصة حقيقية لنزع فتيل تصعيد النزاع المسلح في شرق أوكرانيا على مراحل، كما أشاد بمساهمة لوكاشينكو ونازاربايف بنشاط في تسوية الأزمة الأوكرانية.
وبحث رؤساء روسيا وكازاخستان وبيلاروس في لقائهم الثلاثي إلى الجانب الوضع في أوكرانيا، مسائل تعزيز التجارة والتعاون الاقتصادي بين الدول الثلاث والنزعات الراهنة في الاقتصاد العالمي.
وفي وقت سابق، أكد دميتري بيسكوف الناطق الصحافي باسم الرئيس الروسي، أن كييف لا تنفذ اتفاقات مينسك كما يجب. وقال: «الوضع واضح. فنحن نرى عدم تنفيذ كييف لاتفاقات مينسك بالشكل المطلوب، ونرى رداً حازماً من جانب جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين المعلنتين من جانب واحد ، ونرى وضعاً خطراً يحدق بتطبيق اتفاقات مينسك».
إلى ذلك، اتفقت روسيا وألمانيا على أن اللقاء المرتقب الأسبوع المقبل لنواب وزراء خارجية «رباعية النورماندي» سيتركز على بدء حوار مباشر بين طرفي النزاع الأوكراني.
وذكرت وزارة الخارجية الروسية في بيان أمس أن وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والألماني فرانك فالتر شتاينماير أعربا في مكالمة هاتفية بينهما عن رغبتهما في أن يبدأ الحوار المباشر بأسرع وقت بين طرفي الأزمة الأوكرانية حول مسائل تنفيذ اتفاقات مينسك بالكامل وبالترتيب المتفق عليه.
وأكد البيان أنه لأجل هذه المسألة سيتم تخصيص لقاء لنواب وزراء خارجية «رباعية النورماندي» الأسبوع المقبل، كما نوقشت خطوات تنفيذ اتفاقات مينسك التي جرى توقيعها 12 شباط الماضي مع الأخذ في الاعتبار نتائج زيارة الرئيس الأوكراني بترو بوروشينكو إلى برلين 16 آذار ومحادثاته مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل هناك.
وأشار البيان إلى تطرق الوزيرين إلى مسائل عملية حول العلاقات الروسية الألمانية، وبالإضافة إلى الاتصالات المقبلة المخطط لها ومن ضمنها التحضيرات الجارية لمناسبة مرور 70 سنة على النصر في الحرب العالمية الثانية.
وفي السياق، قال مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين إن موسكو قدمت مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي تؤكد فيه ضرورة تنفيذ اتفاقات مينسك.
وقال عقب جلسة مشاورات مغلقة في مجلس الأمن الدولي، إن موسكو قدمت إلى المجلس مشروع قرار تؤكد فيه ضرورة تنفيذ اتفاقات مينسك بخاصة ما يتعلق بالحوار بين كييف من جهة و»دونيتسك» و»لوغانسك» من جهة أخرى بشأن إجراء الانتخابات المحلية.
ويواجه تنفيذ اتفاق مينسك عقبات عدة خاصة بعد اتخاذ برلمان كييف قرارات قد تؤدي إلى تأجيل منح الحكم الذاتي «لدونباس»، ما يراه مراقبون محاولة لتعطيل تنفيذ اتفاقات مينسك.
من جهته، أعلن وزير الخارجية الياباني فوميو كيسيدا أن بلاده تؤيد حل الأزمة في أوكرانيا بالطرق السلمية، وتدعم السلام من دون سلاح نووي.
وقال رداً على سؤال برلماني من الحزب الديمقراطي المعارض حول تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن إمكان إعلان الجاهزية القتالية للقوات النووية في حال تطور الأوضاع بشكل غير مناسب في القرم في ربيع عام 2014، قال إن اليابان «تصر باستمرار على عدم استخدام السلاح النووي، وبناء السلم من دونه».
أما بالنسبة لانضمام شبه الجزيرة الى روسيا، فأكد الوزير أن «اليابان تعمل بشكل وثيق مع دول مجموعة السبع، ولا تزال تدعو روسيا إلى اتخاذ موقف بناء لحل الوضع في أوكرانيا سلمياً وديمقراطياً».
في غضون ذلك ذكرت الحكومة اليابانية، رداً أيضاً على طلب البرلماني من الحزب المعارض، أن زيارة رئيس الوزراء السابق يوكيو هاتوياما إلى القرم لن تؤثر في العلاقات الروسية اليابانية ولا على العلاقات اليابانية الأميركية، مع أنها «تثير أسفاً شديداً».
يأتي ذلك في وقت تشهد كييف أحداثاً استثنائية حتى بالنسبة للمعايير الأوكرانية الحديثة، حيث تم الاستيلاء على مكتب شركة «أوكرترانسنفت» بمشاركة مباشرة من الملياردير إيغور كولومويسكي.
وجرت الواقعة مساء الخميس 19 آذار، حيث وصل محافظ مقاطعة دنيبروبيتروفسك، الملياردير كولومويسكي إلى مكتب الشركة في شارع كوتوزوف بكييف حوالى الثامنة مساء برفقة نائبه وشريكه غينادي غوربان وبرلمانيين في الرادا البرلمان مواليين له إضافة إلى حراسة مسلحة بالرشاشات.
وحطم «فريق الاقتحام» خلال عملية الاستيلاء على المبنى نوافذ عدة وأغلق أبواب الخروج من المبنى بالكراسي، ثم سيطر على مكتب الإدارة حيث بقي مع كولومويسكي رئيس إدارة الشركة المساهمة العامة «أوكرترانسنفت» ألكسندر لازوركو، الذي أتاه كولومويسكي مع جماعته للمساعدة بعد أن أبعده المساهمون عن منصبه واستبدلوه موقتاً بيوري ميروشنيك وهو ما استدعى غضب الأوليغارشي الأوكراني.
وفي تفاصيل القضية أن «أوكرترانسنفت»، المشغل الرئيسي لخطوط الأنابيب في الأراضي الأوكرانية، وبغض النظر عن امتلاكها من شركة «نفتغاز» الحكومية، إلا أن التحكم بها عملياً بيد كولومويسكي عبر المبعد لازوركو شخصياً.
فضلاً عن ذلك، يخدم أرصدة الشركة التي تملك حالياً أكثر من 1.5 مليار هريفنا حوالى 70 مليون دولار مصرف «بريفات-بانك» الذي يملكه كولومويسكي أيضاً.
وجاءت تنحية الإدارة بعد ظهور اتهام مفاجئ للأزوركو بضلوعه في فقدان أنابيب الشركة منتجات نفطية بكميات كبيرة. ووجه هذه الاتهامات للملياردير ومدير «أوكرترانسنفت» بعض برلمانيي الرادا من كتلة الرئيس بيترو بوروشينكو إضافة إلى زعيم الحزب الراديكالي أوليغ لاشكو.
وسهل مجلس الرادا إمكان التخلص من لازوركو في الاجتماع الأخير من خلال إدخال تعديلات على القانون «حول الشركات المساهمة العامة» وتخفيض النصاب القانوني لحضور المساهمين الضروري لاتخاذ القرارات من 60 حتى 50 في المئة.
وبعد السيطرة على الشركة بالقوة، وصل وزير الطاقة فلاديمير ديمتشيشين وبرلمانيون من كتلة الرئيس وحزب «ساموبوميتش» المساعدة الذاتية إلى الشركة من أجل التفاوض مع كولومويسكي.
وخرج الوزير مع البرلمانيين مساء من دون الإدلاء بأية تصريحات، إلا أن وسائل الإعلام المحلية أفادت بأن كولومويسكي أعلن اجتماع المساهمين غير شرعي، وأن مساعديه يتلفون الوثائق، وكأنه جاهز للبقاء في الحصار حتى إرجاع لازوركو إلى منصبه. ونقلت وسائل الإعلام الأوكرانية التعليق الوحيد للوزير وهو أن «مثل هذه الحالات لا تحل في يوم».
ويحمل استيلاء كولومويسكي على شركة «أوكرترانسنفت» معنى داخلياً سياسياً جدياً، فالمجابهة المباشرة بين محافظ مقاطعة دنيبروبيتروفسك، الذي يمتلك جيشاً خاصاً في أوكرانيا بصورة كتائب عقابية، وبين الرئيس بوروشينكو والأوليغارشي الآخر دميتري فيرتاش، اللذين أصبحا عدوين لكولومويسكي بسبب خططه التوسعية وتهديده المباشر بإعادة توزيع الملكية، هذه المواجهة كانت متوقعة منذ الانقلاب الحكومي في أوكرانيا.