«لوسي» لبيسّون مطلقاً الطاقة الاستثنائيّة إلى أقصاها

أسئلة كثيرة تطرح حول إمكانات العقل البشري: ماذا لو استخدم الإنسان 20 في المئة أو 30 في المئة أو 50 في المئة أو أكثر من قدراته الإدراكية والعقلية؟ وهذه القدرات الفائقة التي أثارت الجدال حولها في ظل علوم المستقبليات، نشاهدها سينمائية من خلال فيلم «لوسي» للمخرج الفرنسي المشهور لوك بيسون الذي عرفه الجمهور على نطاق واسع منذ الثمانينات كاتباً ومنتجاً ومخرجاً.

ويقدّم بيسون اليوم فيلماً جديداً هو مزيج من أفلام الحركة والإثارة والخيال العلمي، في مزج جذاب جعل الفيلم متفوقاً على صعيد الرواج التجاري، مسجلاً أرباحاً بلغت نحو 500 مليون دولار، مقابل 50 مليون دولار موازنة تصويره.

«لوسي» سكارليت جوهانسون فتاة تعيش وتدرس في تايوان، تجد نفسها متورطة في أمر لا شأن لها فيه، وهو نقلها كمية من مادة متطورة من المخدرات الصناعية المسماة سي بي إتش 4 . ويتطور الأمر بعد مقابلة دامية مع رئيس العصابة «جانغ» الممثل الكوري تشوي مين سيك إلى قرار هذا الأخير أن يحشو تلك الشحنة من المخدر الأزرق في جوف «لوسي» وثلاثة آخرين. ومهمة الرباعي نقل المخدر إلى بلد أوروبي، فتتجه «لوسي» إلى باريس، وخلال احتجازها وضربها المبرح، يتسرب المخدر إلى جسمها فيغير نظامها البيولوجي كلّه، فتمتلك قدرة جسدية متطورة. وعندما تدرك ما حصل لها تتجه إلى أحد مستشفيات مدينة تايبيه تايوان لإجراء عملية جراحية واستخراج الكيس الأزرق الذي يزن نحو نصف كيلوغرام، فيطلعها الطبيب الجراح على معلومات عن هذه المادة، فالأم الحامل في الأسبوع السادس تنتج كمية ضئيلة جداً منها، لكنها بمثابة قنبلة ذرية بالنسبة إلى الجنين في تكوين الأعضاء والعظام.

تطارد «لوسي» زعيم العصابة وتقتل رجاله وتتوصل من خلال قدراتها العقلية الخاصة وتواصلها الحسي مع عقله إلى معرفة أماكن وجود المهربين الثلاثة وإلى أيّ دولة يتجهون. وفي موازاة ذلك يكون البروفيسور «نورمان» مورغان فريمان ، مهتماً بأبحاثه حول القدرات العقلية الفائقة، ملقياً محاضرات في الجامعات الأميكية عن قدرة الإنسان إذا استخدم 20 في المئة من قدراته العقلية على التحكم في جسده، والتحكم في الآخرين إذا استخدم 40 في المئة، كاشفاً أن ثمة 100 بليون خلية عصبية في جسم الإنسان لكن المستخدم منها هو 15 في المئة فحسب. وتتمكن لوسي من التوصل إلى البروفيسور وتعرض عليه قصتها، وفي الأثناء تكون تواصلت مع أجهزة الشرطة الفرنسية وأبلغتها عن الدول التي يوجد فيها أولئك المهربون، وتشن حملة أوروبية للإمساك بهم في المطارات.

يعود بنا المخرج بيسون إلى المطاردة بالسيارات وسط باريس، التي تنتهي إلى مواجهة دامية مع عصابة مهرب المخدرات الذي سيلاحق «لوسي»، وتدور معركة دامية في أحد مراكز الأبحاث، وهناك تظهر «لوسي» قدراتها الخارقة في مدى استخدام العقل على نحو تصاعدي من20 إلى 40 وصولاً إلى 100 في المئة، إذ تنتج نظاماً معلوماتياً خارقاً يتجاوز ألوف المرات ما توصل إليه العقل البشري حتى الآن من أنظمة معلومات، في حين تكون أجهزت على عصابة السيد جانغ، مستخدمة قدراتها الخارقة في السيطرة عليهم. ويلجأ المخرج إلى معالجة لافتة، فمع كل مرحلة من مراحل السرد وتصاعد الإثارة والصراع، يعرض في المقابل جانباً من محاضرات البروفيسور وطوراً من أطوار الحياة الحيوانية أو النباتية أو البحرية. يقدم بيسون في هذا الفيلم مزيجاً فريداً من قسمين يتحدث عنهما في المقابلات الصحافية التي أجريت معه، هما من ناحية أولى الحقائق العلمية والبحثية المتعلقة بدماغ الإنسان وتطوّره وقدراته المتاحة والكامنة والفائقة، ومن ناحية ثانية مزجها بالدراما الشائقة لعصابات المخدرات التي تتاجر بمادة فائقة الخطورة والفاعلية. وينجح في صناعة فيلم مميّز دعمه مونتاج متقن لجوليان راي، ومؤثرات بصرية أنجزها البريطاني المشهور نيكولاس بروكس، فضلاً عن موسيقى جميلة لإيرك سيرا، إضافة إلى تألق سكارليت جوهانسون في البطولة، علماً أن أنجلينا جولي كانت مرشحة للدور.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى