مملكة آل سعود تنتقم من محور المقاومة بدماء أبناء اليمن…
سعد الله الخليل
فجأة وفي خضمّ التطورات المتسارعة للأحداث في اليمن، والتي تشهد معارك سياسية وأمنية عابرة للحدود في التداخل والتقاطع والموجبات والمسبّبات، أُبلِغت التنظيمات الإرهابية بضرورة الضرب في العاصمة صنعاء باستهداف مساجد ومرجعيات حوثية، موقِعة المئات من المدنيين بين قتيل وجريح بأربعة تفجيرات لمسجدين وسط العاصمة.
التفجيرات وإنْ اختلفت القوى السياسية المحلية والإقليمية والدولية حول تحميل مسؤوليتها لتنظيم محدّد يقف وراءها، بين تبنّ داعشي ورفض أميركي وتنصّل قاعدي من دماء اليمنيين، يبدو أنّ الجارة السعودية المخطط والمحرك لتلك التفجيرات كصاحبة المصلحة الحقيقية أولاً، والدور الريادي في القدرة على تفجير الأوضاع الأمنية في اليمن ثانياً، وللمخزون الهائل من الإرهابيين المستعدّين لتنفيذ مهمات آل سعود القذرة في العالم العربي ثالثاً.
تبنّى تنظيم «داعش» التفجيرات في بيان، وهو ما رفضته واشنطن على لسان المتحدث بِاسم البيت الأبيض جوش إيرنست الذي استبعد وجود أيّ أدلة واضحة على صلة التنظيم بالمتطرفين في اليمن.
تنظيم «القاعدة» بدوره نفى أي صلة له بالتفجيرات، مؤكداً أنه لا يستهدف المساجد، وقال التنظيم إنّ زعيمه أيمن الظواهري، أعطى أوامره لكلّ أعضاء التنظيم بعدم استهداف مساجد الحوثيين والأماكن العامة.
برّأت واشنطن «داعش» وبرّأت السعودية «القاعدة» على لسان تيارات سياسية معروفة في اليمن بانتمائها وولائها لآل سعود، والتي ذهبت إلى إتهام ايران بالوقوف وراء التفجيرات لزيادة الإحتقان الطائفي والتغلغل داخل المشهد اليمني بحسب زعمها.
يكفي أن تتهم القوى السعودية إيران لمعرفة الفاعل الحقيقي في ساحة تعتبرها الرياض حديقتها الخلفية، في زمن لا يجادل أي عاقل باستحالة تورّط طهران بفتح ساحة مواجهة جديدة لسببين… الأول مراعاة لظروف الفترة الراهنة وحساسية المفاوضات النووية الإيرانية التي هي قاب قوسين أو أدنى من التوقيع على اتفاق تاريخي يعترف بطهران دولة كبرى من بوابة نووية، والثاني أنّ إيران يكفيها ساحات المواجهة المفتوحة في العراق وسورية، والتي لا تشعر بأيّ حرج في تبنّي معاركها في وجه تنظيمي «داعش» و«القاعدة» ومتفرّعاتهما المدعومة سعودياً، وهذه المعارك تحقق الانتصارات من تكريت إلى جنوب سورية وشمالها، فلماذا تفتح جبهة جديدة بعيدة عنها وفي مرمى نيران خصمها؟ في وقت يلمع نجم طهران النووي والأمني… لماذا التورط؟
وحده المأزوم يذهب إلى التفجير فيما المنتصر يستثمر انتصاراته، ولا وقت لديه للعب بما يلوّث نقاء انتصاراته، هكذا علّمنا التاريخ البعيد والقريب و مسار الأحداث في المنطقة يشير إلى مهزوم وحيد يدفع ثمن تورّطه وخسارته رهاناته في الساحات، رهانات عجزت الأموال التي دفعها والنفط الذي راهن على خفض أسعاره عن تحقيق أهدافه، فلم يبق سوى لعبة الدم يستثمر فيها عله يعرقل مسار التسويات والتفاهمات، لعبة لطالما أجاد السعودي أداءها بغضّ النظر عن الأداة، فسواء كانت «قاعدة» أو «داعش»، فاليد السعودية هي الطولى في التنظيمين، وتكفي قراءة ما صدر عن مركز بروكنغز الأميركي بأنّ الغالبية الساحقة من الحسابات المؤيدة لتنظيم «داعش» على موقع «تويتر» تنطلق من السعودية وفيها ما يعادل مجموع الحسابات في سورية والعراق لتحتلّ الولايات المتحدة المركز الرابع، وهو ربما ما يبرّر إصرار واشنطن على تبرئة «داعش».
إذن السعودية صاحبة اليد الطولى في تنظيم «داعش» وكذلك الأمر في تنظيم «القاعدة»، وهي صاحبة المصلحة والقدرة في تنفيذ هكذا عمليات كبرى على الساحة اليمنية، وسبق أن كشف مصدر ديبلوماسي غربي أنّ المعطيات تعزز تورّط المملكة الوهابية في الوقوف وراء قضيتي الهجوم المسلح على مجمع وزارة الدفاع في صنعاء أواخر العام 2013، والتي ذهب ضحيتها نحو 62 قتيلاً وأكثر من 210 جرحى، وكشفت المعلومات وقوف جهاز المخابرات السعودي وراء الإشراف على تنفيذ العملية الكبيرة وبتورّط مباشر لبندر بن سلطان، ويبدو أنّ استخبارات الرياض تعيد الكرة في العاصمة صنعاء، في خطوة انتقامية من سيطرة أنصار الله والحوثيين على العاصمة، وليمتدّ الحقد السعودي إلى ما بعد بعد اليمن إلى إيران وسورية والعراق، دون أية أهداف استراتيجية، فقط لمحاولة إشباع غريرة الدم لديها والتي تعود إلى عهود مؤسّس مملكة الرمال الأول عبد العزيز بن آل سعود… مملكة آل سعود تنتقم من محور المقاومة بدماء أبناء اليمن.
«توب نيوز»