المسؤولون الأميركيون يغذّون آلة الحرب بهدف تحقيق نزعات الهيمنة الاستعمارية
أكّد الكاتب الأميركي جوزف كيشور أنّ المسؤولين الأميركيين يبذلون أقصى ما في وسعهم لتوفير جميع وسائل التمويل والدعم لآلة الحرب الأميركية وسياسة الغزوات والحملات العسكرية التي تتبعها واشنطن منذ سنوات طويلة. وبموجب ذرائع مختلفة تهدف في نهاية المطاف إلى تحقيق نزعات الهيمنة الاستعمارية وتحقيق المصالح الاقتصادية والجيوسياسية للولايات المتحدة.
وفي مقال نشره موقع «وورلد سوشاليست» الأميركي، أوضح كيشور أنّ الولايات المتحدة أصبحت تشبه على نحو متزايد دولة ثكنة عسكرية، إذ تحوَّل الأموال الهائلة لتمويل أدوات القمع والحرب الأميركية في أنحاء متفرّقة من العالم. مشيراً إلى أن واشنطن تعمد إلى تأجيج الحروب من أجل صناعة الأسلحة لديها.
ويقول كيشور إنّ الإدارات الأميركية المتعاقبة شنّت الحروب والغزوات على دول عدّة بما فيها العراق وأفغانستان وقتلت وما زالت تقتل آلاف البشر من أجل الهيمنة والسيطرة على صناعة القرار العالمي، ويتجسد ذلك بشكل واضح من خلال دعم واشنطن تلتنظيمات الإرهابية في سورية، وتمييزها بين إرهاب تسمّيه «معتدلاً» تدعمه وتموّله، وإرهاب متطرّف تحاربه على رغم عدم وجود أيّ فوارق بينهما.
ولفت كيشور إلى أن البيت الأبيض والكونغرس الأميركي يناقشان حالياً الموازنة الفيدرالية للسنة المالية المقبلة التي تبدأ في تشرين الأول المقبل. لكن، وفي خضمّ النزاعات التكتيكية المختلفة في شأن سياسة الطبقة الحاكمة في واشنطن، ثمة قضية واحدة يتفق عليها الحزبان الديمقراطي والجمهوري، وهي الزيادة الكبيرة والفورية لتمويل آلة الحرب الأميركية العملاقة.
وأشار كيشور إلى أن البيت الأبيض أخذ على عاتقه الترويج لقضية تمويل آلة الحرب الأميركية، وقد أعلن قبل أيام أنّ الرئيس الأميركي باراك أوباما سيعترض على أيّ موازنة لا تلغي الثغرات المرافقة لنظام التقشّف المالي المفروض على الانفاق العسكري منذ عام 2011.
وأكد كيشور أن تظاهر واشنطن بأنها تعمل من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان أو ضمان الديمقراطية، ليس أمراً جديداً على رغم ابتذاله. أما مزاعم وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر بأن على الولايات المتحدة الأميركية حماية أرضها وبناء الأمن على الصعيد العالمي، فإنها تعني في حقيقة الأمر أن على الجيش الأميركي أن يكون في موقف يمكّنه من غزو العالم بأسره، وأن يملك أموالاً غير محدودة تحت تصرفه لتحقيق هذه الغاية.
ويقول كيشور إنّ التناقض في توزيع الموازنة الفيدرالية وتخصيص الجزء الأكبر منها لوزارة الدفاع الأميركية واضح جداً. ففي الوقت الذي تطالب فيه الموازنة التي قدّمها أوباما بمبلغ قدره 561 مليار دولار كقاعدة للإنفاق العسكري من دون أن يشمل ذلك التكاليف التكميلية للحروب والعمليات العسكرية الأميركية في الخارج، والتي تقدّر بنحو 50 مليار دولار، نجد أنّ موازنة الانفاق في مجال التعليم تصل إلى 70 مليار دولار فقط، أما موازنة أعمال الاغاثة والحالات الطارئة فتبلغ سبعة مليارات دولار فقط.
وأشار كيشور إلى أنّ ضخّ مليارات الدولارات في آلة الحرب الأميركية ليس كافياً بالنسبة إلى الجمهوريين والديمقراطيين الذين يصرّون على قطع التمويل المخصّص للبرامج الاجتماعية الأساسية مثل الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي.
واعتبر كيشور أنّ النقاش حول تمويل الجيش الأميركي يؤكد حقيقة أساسية مفادها بأنّ الحرب أصبحت حجر الزاوية لسياسة الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة الأميركية، فمنذ ما يقارب ربع قرن، شاركت القوات الأميركية في سلسلة لا تنتهي من الغزوات والعمليات العسكرية.
ولفت كيشور إلى أنّ قوات العمليات الخاصة الأميركية كانت تنتشر في 133 دولة حول العالم في السنة الماضية، وهذا يشكل نسبة 70 في المئة من دول الكوكب. كما أنّ القوات الأميركية خاضت حروباً مفتوحة كما هي الحال في العراق وأفغانستان بموجب ما يسمّى «الحرب على الإرهاب» الذي شكل ذريعة أساسية للغزوات العسكرية الأميركية.
وتشنّ الولايات المتحدة وحلفاؤها غارات جوّية على مواقع تنظيم «داعش» الإرهابي في العراق وسورية في عملية يعتبرها عدد من المحللين والمتابعين استعراضية في محاولة للتغطية على الدور الكبير الذي لعبته الدول الغربية إلى جانب نظام رجب طيب أردوغان وممالك الخليج ومشيخاته، في ظهور التنظيمات الإرهابية وتمددها، من خلال تمويلها ودعمها بالسلاح والمال والسماح لعشرات الآلاف من الإرهابيين بالتسلل إلى سورية للانضمام إلى صفوف هذه التنظيمات الإرهابية.
وأكد كيشور أن المحاولات غير المجدية، وجنون الإمبريالية الأميركية لمواجهة التدهور الاقتصادي على المدى الطويل بالوسائل العسكرية، أدّيا إلى حدوث كارثة تلو الأخرى، فكلّ بلد دخل في مرمى الإمبريالية الأميركية أصبح في حالة من الفوضى والدمار.
وأوضح كيشور أنّ سياسة العنف العسكري المتهورة التي تتبعها واشنطن دفعت الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة لتوسيع نطاق عملياتها العسكرية وقائمة أعدائها المحتملين وإعدادها بشكل واعٍ ومتعمد لحروب طويلة مقبلة.
ويختم كيشور حديثه قائلاً إنّ الولايات المتحدة الأميركية تعمد إلى استخدام شعارات الحرّية والديمقراطية المزيفة للتدخل السافر في شؤون الدول الأخرى، وتشنّ الحملات العسكرية والغزوات في دول أخرى، فضلاً عن قيامها بعمليات التجسّس الواسعة، ليس فقط على الأميركيين، بل على المدنيين في جميع أنحاء العالم.