هل سيكون 7 أيار يوماً مجيداً للرئاسة الأولى؟
هتاف دهام
لا نصابَ في القاعة العامة لمجلس النواب قبل التوافق على رئيس وفاقيّ. فيوم السابع من أيار لا أحد يعلم أنه سيكون يوماً مجيداً للرئاسة الأولى. حدّد رئيس المجلس النيابي نبيه بري يوم الأربعاء المقبل موعداً جديداً للاستحقاق الرئاسي. التاريخ يحمل الكثير من الدلالات. 7 أيار 2005 ذكرى عودة العماد ميشال عون من المنفى، و7 أيار 2008 إسقاط مشروع ضرب المقاومة.
الأمور ستبقى على حالها إلى ذلك الحين. يحضر نواب 14 آذار المتمسكون، بترشيح جعجع. يقاطع نواب فريق 8 آذار والتيار الوطني الحر الذين لن يسلكوا سلوك تيار المستقبل في استعراض الترشيحات الإعلامية. السيناريو نفسه سيتكرّر في انتظار تبيان الخيط الأبيض من الاتصالات البرتقالية الزرقاوية.
لم يكتفِ رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون بجواب تيار المستقبل، لجهة السير به رئيساًُ وفاقياً، بل سيبتزهم. يؤكد العماد عون بحسب مصادر مطلعة أنه ليس مضطراً إلى تأمين نصاب أي جلسة إلا على قاعدة التفاهم معه والذي سيتمّ على قاعدة ترتيب وضع البلد. وهذا يستدعي التفاهم على رئاستي الجمهورية والحكومة.
لا حول ولا قوة أمام تيار المستقبل إلا التفاهم مع جنرال الرابية، فالمعادلة التي ترتسم تقوم على ضرورة التفاهم مع عون، أو الفراغ الطويل، وعلى ما يبدو سيبقى المستقبل يزكي جعجع كخيار تكتيكي لتغطية الانتظار على التفاهم حول الرئيس العتيد.
وإلى ذلك الحين، فإنّ أيّ قرار قد يتخذه تيار المستقبل في دعم مرشّح للرئاسة الأولى لن يخرج حتى تاريخ 7 أيار كما يقول النائب عمار حوري عن إجماع قوى 14 آذار.
يضع تيار المستقبل احتمال الشغور في الرئاسة الأولى لا الفراغ
لأنّ الحكومة مجتمعة ستتولّى في هذه الحال صلاحيات الرئيس. ولما كان جميع النواب يعوّلون على ما ستؤول إليه الاتصالات العونية المستقبلية بقي نواب المستقبل على موقفهم القائل إنّ الاتصالات لا تزال على حالها، ولم تحقق جديداً، رغم أنّ الأمور ليست مقفلة.
على عكس الأجواء التي نقلها وزير التربية الياس بو صعب، موفداً من رئيس تكتل التغيير والإصلاح، إلى الرئيس بري عن اللقاء الباريسي الذي استمرّ 5 ساعات و40 دقيقة، «أنّ ثمة توافقاً على ألا يكون هناك فراغ في الرئاسة الأولى في 25 أيار، والحرص على انتخاب رئيس قبل 25 أيار».
النائب حوري يؤكد لـ«البناء» أنّ الرئيس سعد الحريري قال في اللقاء الذي جمعه مع وزير الخارجية جبران باسيل والوزير بو صعب إنه «يُحبِّذ الاتفاق المسيحي، وإنه يسير في أيّ اتفاق مسيحي في الاستحقاق الرئاسي». لم يرُق كلام حوري لنواب التيار الوطني الحر الذين اعتبروه نوعاً من «التزحيط» المستقبلي للعماد عون، فالتفاهم على اسم العماد عون مع جعجع أو رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل هو من سابع المستحيلات، أما إذا كان التفاهم مع النواب المسيحيين، فعاد نواب «الوطني الحر» إلى مسألة انتخاب النواب المسيحيين في 14 آذار الذين أتوا بأكثرية أصوات الناخبين السنّة.
لم يستطع نواب المستقبل بعد تقبّل فكرة أن يأتوا إلى المجلس ويسقطوا اسم العماد عون في صندوق الاقتراع. لكن لا حول ولا قوة، حالهم اليوم أنهم يضعون رجلاً في البور ورجلاًً في الفلاحة أثناء حديثهم عن الاستحقاق الرئاسي لجهة الاختيار بين حليفهم القواتي، أو خصمهم العوني، وهم بأمسّ الحاجة إليه ، لعودة الحريري الى لبنان وإلى السراي الحكومية. ننتظر التوافق الإيراني السعودي يقول حوري ليُبنى على الشيء مقتضاه.
ولمّا كان نصاب الجلسة لم يكتمل، فإنّ الحَراك النيابي كان في لوبي المجلس، وخارجه.
75 نائباً فقط دخلوا القاعة وغادروها سريعاً، وأول المغادرين كانت النائبة بهية الحريري. الصحافيون لم يجلسوا في مقاعدهم كالمعتاد، لم يُسمح لهم بالدخول، فتمّ الاكتفاء بالمصوّرين الذين التقطوا لنواب 14 آذار الصور وخرجوا سريعاً.
اقتصر الحَراك الداخلي على لقاء الرئيس بري، بالإضافة إلى الوزير بو صعب مع رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط بحضور الوزيرين علي حسن خليل ووائل أبو فاعور، وخلوة أخرى بين بري ورئيس الحكومة تمام سلام، وأخرى مع نائب رئيس حزب «القوات» جورج عدوان، فضلاً عن النائبين بطرس حرب وروبير غانم، إلى لقاء على الواقف بين سلام والرئيس فؤاد السنيورة.
أما في الخارج فكانت العجقة السياسية. بدأ النواب بالتوافد إلى المجلس النيابي عند الساعة التاسعة والنصف بسياراتهم النيابية من دون اللوحات الزرقاء. لم يقاطع نواب التغيير والاصلاح والوفاء للمقاومة الحضور إلى المجلس، بل على العكس، وصلوا باكراً، بخاصة النائبين عباس هاشم ونبيل نقولا، وأكد الأخير على أنّ المسؤول عن تعطيل الانتخابات الرئاسية هو من يصرّ على ترشيح جعجع والنائب هنري حلو، ولم يلتزم بما اتُّفق عليه في بكركي لجهة انسحاب كلّ مرشح للرئاسة لم يحصل على العدد الكافي من الأصوات لانتخابه. أما النائب زياد أسود الذي لم يلتزم بقرار العماد عون في الجلسة الأولى بالتصويت بورقة بيضاء، قال: لو اكتمل النصاب لكنت صوتُّ للشهيد العميد خليل كنعان.
ولمّا كان نواب الكتائب والمستقبل وصلوا باكراً، كان نواب حزب «القوات» آخر الواصلين، باستثناء النائب أنطوان زهرا الذي وصل باكراً بعد النائب عباس هاشم. إلا أنّ اللافت تمثل في غياب النائب ستدريدا جعجع زوجة المرشح عن الحضور بداعي السفر، فهي تدرك أنّ النصاب لن يكتمل، وأن ما يحصل ليس سوى إضاعة للوقت في انتظار التوافق على اسم جِدي للرئاسة الأولى.
غابت ستريدا، إلا أنّ نواب «القوات» أدلوا بدلوهم، النائب زهرا أشار إلى «أنّ التوافق لن يحصل، ونحن نهدر فرصة لبننة انتخابات رئاسة الجمهورية، وأن لا تغيير في مرشح 14 آذار رئيس «القوات» سمير جعجع لرئاسة الجمهورية». أما النائب إيلي كيروز فادعى «أن التحامل على جعجع سببه ليس ما يُنسب إليه زوراً إنما مواقفه».
تضامن مع الإعلام
نكاية بترشيح 14 آذار الاستفزازي لجعجع، ووقوفها إلى جانب المحكمة الدولية في قرارها، نفّذ عدد من النواب عند الساعة الحادية عشرة وقفة تضامنية مع صحيفة «الاخبار» وقناة «الجديد». ودعا رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النائب حسن فضل الله الحكومة إلى التحرك الفاعل والسريع لحماية السيادة اللبنانية والدستور والمؤسسات»، قائلاً: «إنّ وقفتنا هي للدفاع عن لبنان الذي انتهك دستوره بعد تجاوز رئاسة الجمهورية، فكفى استباحة لحريات اللبنانيين». ورأى «أنّ أيّ إعلامي يقول الحقيقة في وجه الفساد وأخطاء المحكمة سيتعرّض لما حصل مع خياط والأمين».
خفّت يوم أمس زحمة الصحافيين رغم الحضور الإعلامي الأجنبي في بهو المجلس، شاركت الصحافيين أيضاً تريسي شمعون التي وُجدت بينهم واكتفت بالقول: «كلّ همّي هو عدم إيصال سمير جعجع الى رئاسة الجمهورية» .
أما القوى الأمنية التي تتمترس عند مداخل ساحة النجمة وأمام المجلس، لا سيما في ظلّ التحركات والاعتصامات المطلبية والنقابية لأكثر من عشر ساعات يومياً، وتكثف إجراءاتها المرورية، فإنها باتت تئن من الوضع وتصلي لكي ينهي المجلس جلساته وينتخب رئيساً للجمهورية، بعدما كان عناصرها يسألون الصحافيين أثناء الجلسات التشريعية هل أقرّت السلسلة؟ هل انتهت الجلسات؟ وتكرر المشهد أمس ، فردّد أحد العسكريين «منيح … خلصونا بكير اليوم»!