هل تتدخل قوات «درع الجزيرة» في اليمن؟
حميدي العبدالله
تتحدث بعض وسائل الإعلام العربية وشبكات التواصل الاجتماعي عن احتمال أن تقوم قوات «درع الجزيرة» التابعة لدول مجلس التعاون الخليجي بالدخول إلى اليمن لمناصرة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في ضوء تقدّم القوات التابعة للجنة الأمنية العليا إلى مدينة تعز والسيطرة على المطار، وفي ضوء الاشتباكات التي جرت مؤخراً في مدينة عدن وبعض المحافظات الجنوبية.
لكن هل تستطيع الدول الخليجية تكرار تجربة البحرين في اليمن، أي إرسال قوات «درع الجزيرة» إلى اليمن؟
الإجابة على هذا السؤال تكمن في اختلاف الظروف بين البلدين. أولاً البحرين بلد صغير في عدد سكانه الذين لا يتجاوزون الـ 700 ألف نسمة، والحراك الذي تشهده البحرين هو حراك سلمي، ويصرّ قادة الحراك على الحفاظ على طابعه السلمي مهما قست الظروف ومهما بلغ مستوى الاستفزاز. لكن الوضع في اليمن يختلف من نواحٍ كثيرة، أولاً من حيث الاتساع الجغرافي، وثانياً من حيث التضاريس، وثالثاً من حيث عدد السكان، ورابعاً من حيث الطابع المسلّح للحراك في هذا البلد على عكس ما هو عليه الحال في البحرين، وبالتالي فإنّ أيّ محاولة لمقارنة الوضع اليمني بالوضع البحريني هي محاولة خاطئة وتنطوي على سوء فهم كبير.
كما أنه من المعروف أنّ اليمن بسبب خصائصه التي مرّ ذكرها، ظلّ عصياًَ على كلّ موجات التدخل الخارجي، فلا السلطنة العثمانية التي استمرّت حوالي 500 عام استطاعت إخضاع اليمن، ولا الاستعمار الغربي نجح في ذلك.
وحتى عندما كانت مصر الناصرية في ذروة قوتها العربية والإقليمية والدولية وسارعت إلى نجدة الثورة اليمنية، فإنها فشلت في القضاء على معارضيها الذين حملوا السلاح واستنزفوا طاقات وقدرات الجيش المصري.
بديهي القول إنّ الدول الخليجية، وتحديداً قوات «درع الجزيرة» لا تمتلك القدرات التي توافرت لمصر الناصرية، ولا القدرات التي توافرت للقوى الاستعمارية الغربية أو القدرات التي توافرت للسلطنة العثمانية، وبالتالي ما لم تحققه هذه القوى الكبرى، لن تكون قوات «درع الجزيرة» قادرةً على تحقيقه، وإذا ما اتخذ قرار بزجّ قوات «درع الجزيرة» بمثل هذه المغامرة، فإنّ كلفة ذلك ستكون باهظة، فضلاً عن أنها لن تقود إلى أيّ نتيجة، أيّ لن تستطيع إخضاع اليمن لسيطرة الرئيس الذي فرّ من العاصمة إلى عدن، والأرجح أنّ الحكومات الخليجية أعقل من أن تتخذ مثل هذا الموقف غير المسؤول والذي سيجلب الكارثة على الخليج ويسهم في زيادة معاناة اليمنيين.