بعد التقدّم الإيراني: «سي أي أي» تسارع وتتدارك!
«توب نيوز»
تغيّرت الرسائل الأميركية الاستراتيجية تجاه سورية بعدما دأبت واشنطن على المطالبة برحيل الرئيس الأسد لأكثر من ثلاث سنوات، هذا ما يؤكده تقرير صادر عن معهد العلاقات الخارجية في نيويورك.
التغيير الأميركي الذي جاء في أكثر من صورة وأسلوب، بعضه ما تمّ نفيه أو التخفيف من وقعه، وبعضه ما لا يمكن تجاهله عندما يتحدّث مدير استخبارات أعلى سلطة أمنية معنية بالحفاظ على أمن الولايات المتحدة وهو جون برينان مدير جهاز الاستخبارات الأميركي «سي أي أي.
قال برينان إنّ تنظيم «داعش» يتقهقر، فهو لم يعد يتمدّد كما كان، وأوضح انّ نشاط التنظيم تراجع وتمّ إيقاف تقدّمه، مؤكداً أنه ضعف مقارنة بالأشهر القليلة الماضية، بعد أن كان يُحكم سيطرته على مساحات وأماكن مختلفة من العراق وسورية، وانّ واشنطن تعمل مع العراقيين لصدّ «داعش» والقضاء عليه، مؤكداً أنّ ذلك هو السبب الرئيسي وراء ضعفه.
يعرف جون برينان تماماً أنّ قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ليست سبباً مباشراً لهذا التقهقر الذي يتحدّث عنه، ويعرف جيداً أن أي نتيجة حقيقية لا يمكن ان تتحقق من دون قوات برية تواجه مباشرة في الميدان مقاتلي «داعش» والتنظميات الإرهابية الأخرى، وأن القتال عبر الضربات الجوية لم يستطع تحقيق ايّ تقدم.
نعم استطاعت قوات التحالف ان تنجح في وقف تقدّم «داعش» نحو اربيل، واستطاعت أيضاً وقف تقدّمها في عين العرب ـ كوباني، وبالتالي دفعتهم الى الوراء أو إلى الهروب نحو أماكن أخرى، لكن هذه العمليات التي لم تكن متتالية ومتساوية على جميع المناطق التي يسيطر عليها «داعش».
رسمت أسئلة عديدة حول ازدواجية الموقف الأميركي بين قضاء أو حدّ من تمدّد التكفيريين، وبالتالي قد تصلح هنا نبوءة وزير الدفاع الأميركي السابق ليون بانيتا انّ القضاء على هذه الجماعات قد يحتاج 30 عاماً، فبانيتا يدرك أنّ القضاء على «داعش» من دون وقف الإمداد اللوجستي الذي تقدّمه له بعض الدول، ومن دون مواجهة برية حقيقية سيبقى «داعش» على الطريقة الاميركية في كلّ منطقة يتمركز فيها.
أحرجت القوات العراقية والسورية وحزب الله أداء «التحالف الدولي»، فأخرجت مدير الاستخبارات الاميركية عن صمته تجاه التقدّم الحاصل على الجبهتين العراقية والسورية، والذي تمّ بفضل القتال الميداني المباشر من قبل الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي والجيش السوري وحزب الله ومستشارين ايرانيين او مقاتلين مباشرين، فقد لفت الزخم الكبير والتقدّم السريع للقوات العراقية لدى اتخاذ القرار بين حلفاء ايران، والتصرف في الميدان بقرار واحد او تعميم واحد.
تعرف الاستخبارات الاميركية وقع «العراق» واخباره على الشارع الاميركي، وهو الذي عايش اجتياحه ويعرف انّ ايّ تقدم فيه يصل الى المتابع الاميركي بفضول اكبر وأوسع من غيره من المناطق التي تعاني من الإرهاب، بسبب تجربة بلادهم مع العراق وبسبب اجتياحه عام 2003، واعتباره قادراً على تصدير الإرهاب والتخطيط لعمليات في الولايات المتحدة، وبعدما عايش الاميركيون فترة إرسال جنود في القوات البرية وخسروا أرواحاً فيه.
سارعت الاستخبارات الأميركية على الاعتراف بأنّ التقدم حصل رغم انها لا تعتبر إيران حليفاً في القتال، إلا انها لم تقل ايران خصماً على الأرض واعترفت بهذا القتال الذي أصبح تسارع إنجازاته إحراجاً أكبر على الولايات المتحدة وحلفائها في التحالف.
آخر ما يتمناه جون برينان هو رؤية «داعش» في دمشق، هذا ما أضافه في معرض حديثه الأخير، ولكن ربما آخر ما كان في الحسبان قرار حلفاء إيران بالإسراع في حسم المعارك على أكثر من جبهة بعد عملية القنيطرة…
فهل سيحرج تقدّم إيران وحلفائها الأميركيين ويدفعهم إلى العمل جدياً الى التخلص من «داعش» قبل ان يعلنوا نصرهم على الإرهاب فرادى؟