الأمّة في خطر… ممنوع الجدال مع الصغار

ماجدي البسيوني

1

بلى، الأمة العربية في خطر لم تشهد له مثيلاً من قبل، حتى في ما سمّي بـ»الحروب الصليبية». الأرض تحرق والعقائد طعنت والإنسان يذبح بنشوة وتؤكل الأكباد وتقطع الرؤوس ويطلب من الأطفال قذفها مثل الكرة في الحواري، ثم تشوى على نيران من حطب وتنعقد عليها الولائم!

لا وقت لرفاهية الجدال مع الصغار الصغار. الأمة في خطر، ولن نجلس القرفصاء نشاهد النيران المستعرة وهي تأكل حتى النخاع لنقول : لو أن هذه النيران لونها «بمبي» لفعلنا وفعلنا .

فعن أي فتح إسلامي جديد للوطن تقوده أميركا، وجميع أشرار العالم جلبوا إلى البلدان العربية الحية تحت دعاوى معظمها خادعة وكاذبة؟ وعن أي ديمقراطية تتحدثون والنهب المنظم لثروات الأمة تغدق بكرم فاحش على إفناءه بينما الحرمان يزحف في ثنايا الوطن وأنين الجوع والحاجة يذلّ الرجال؟!

نتغزل بحضارتنا الضاربة منذ فجر التاريخ، وها هي مساجدنا بجميع الرموز التاريخية تمسح بعد تفجيرها، وها أقدم كنائس وأديرة ومعابد عرفتها البشرية تدمّر. هجرات، ونزوح بالملايين يفوق ما حصل على يد المغول والصهاينة، بغية تفتيت خريطة الوطن إلى إمارات ومشايخ وعشائر، لنعود مثلما كان الانسان الأول بلا أدغال .

هكذا يريدون لنا، وهكذا يخططون لفنائنا عمداً، فهل يحق لنا أن ننساق خلف رفاهية الجدال وهو من أدوات غض البصر عما يدبّر؟!

فلا مصر بكل ثقلها، وإن سرقت وغيبت عقوداً، يستطيع أي كومبارس أن يقودها. لحظة المصير أزفت ولا مناص من إنقاذها بإرادة شعب استيقظ بعد ثبات ويدرك حتمية أن يدفع ثمن غفوته مهما كان وجع استئصال السرطان الذي أصاب الجسد. لن ينقذنا إلاّ نحن. انتظار قافلة معونة من هنا أو هناك لن تغيث.

لا حلّ آتياً من خارج سورية، حتى ولو مئة جنيف، اللهم إلاّ كسر الحصار الإعلامي. قلناها منذ البداية ونؤكد: إلاّ سورية. وها الحجر تكلم: خلفي إرهابي. وغداً سيعلنها الشعب السوري: متمسكون بكل تراب الوطن من الجولان حتى لواء الإسكندرون ولن نتخلى عن ثوابتنا القومية وذاهبون إلى استكمال الطريق مع بشار الأسد.

قلناها ونقولها، لن نوقّع على بياض للرئيس، أيا يكن هذا الرئيس، رغم يقيننا أن الشعب في مصر اختار عبد الفتاح السيسي بعدما تم الاختبار الذي لا يقل عن الاختبار الأول للزعيم الخالد جمال عبد الناصر عندما وضع حياته أمام تحديات بريطانيا حين عزل مليكهم. هكذا فعل السيسي عندما وقف بجانب السواد الأعظم من الشعب وتم عزل أدوات واشنطن في المنطقة المتمثلة في «خوان المسلمين».

جمال عبد الناصر قالها مراراً: إذا وجدتم أميركا راضية عني فاعلموا أني أسير في الطريق الخاطئ، وها بشار الأسد يؤكد عليها يومياً، ولذلك انتصرت سورية.

دائماً وأبداً سنقولها لعبد الفتاح السيسي: إن الملايين التى خرجت لتأييدكم ستخرج أضعاف أضعافها لتعزلكم إن لم تلبوا مطالبها وهي أولاً: السيادة الوطنية والاستقلال الوطني واستعادة كامل الحقوق المنهوبة على مدى عقود التبعية والخنوع للأميركيين وأذيالهم في الخارج والداخل. مطالب الملايين تقتضي استعادة ما نُهب منهم على مدى العقود الأربعة الأخيرة، عندئذ تعود مصر إلى مصر، وتصير «أد الدنيا» لو أعادت المعنى الحقيقي الكامن في علم العروبة الذي تمسكت به القيادة في الإقليم الشمالي.

2

هل ثمة قوي ما جرّ الجيش المصرى لدكّ معاقل ما يسمى بالجيش الحر «المصرى» الموجود على الأراضي الليبية والذي أعلن عن قوامه ومدى جهوزيته بعدما تلقى التدريبات سواء في تركيا أو حتى في الأردن على يد مدربين أميركيين أو صهاينة بأموال قطرية وسعودية، في حين كان يتهيّأ للدخول الى الأراضى السورية على مدى ما يزيد على ثلاثة أعوام ماضية؟

هل الصمت أمام هذا الجيش والانتظار حتى يتسرب الى الداخل المصري عبر الحدود الممتدة من البحر المتوسط غرباً وحتى نقطة تلاقى الحدود الليبية المصرية السودانية؟

ما بين محاولات جرّ مصر إلى دك معاقل هذا التكوين الإرهابي المكون من جنسيات عديدة ربما لا تقل عن الجنسيات التي أعدت ودربت وذهبت بتخطيط الاستخبارات الأميركية الصهيونية، والانتظار والترقّب، تكمن الأخطار التي تنتظر القيادة القادمة التي أظن أن حساباتها غاية في الدقة وتحاكي كل لحظة تمر. لكنها تؤكد على عدة نقاط أهمها أن واشنطن تريد ليّ عنق مصر لتعود مثلما كانت، سواء إبان عهد مبارك، أو ضمن الدور المخطط لها إبان حكم «الإخوان» بغية تنفيذ المخطط الأميركي الصهيوني.

يعرف كل من يفكر في هذا الأمر أن الإسراع فى دكّ معاقل هؤلاء الإرهابيين يتطلب تلاحم الجبهة الداخلية وتماسكها مع الأخذ في الاعتبار حجم المصريين على الأراضي الليبية التي تحولت إلى جغرافيا ميلشيات أكثر من كونها دولة بمعنى الدولة، كما أن الظرف الراهن وأعني الإنتخابات الرئاسية وهياج فلول «الإخوان» وتوابعهم في الداخل والذين يمثلون الطابور الخامس والخلايا النائمة، كل ذلك مؤكد في حسابات القائمين على الشأن، لذا أقول بيقين أن لحظة القيام بعملية كهذه ستظهر الملايين الهادرة من شعب مصر التى باتت تدرك ما يحاك وما يخطط لها من الجبهات كافة. سنجدها في الخط الأول للدفاع عن كل ذرة تراب .

ترى لو بقي «الإخوان» حتى اليوم على قلب مصر ماذا كان ليحدث؟!

ترى لو لا قدر الله انتصرت أميركا بجميع أدواتها على سورية وحولتها إلى ليبيا أخرى، ماذا كان ليبقى من الأمّة حتى الآن؟

magdybasyony52 hotmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى