الغرب: «الإسلام هو الحلّ»!
عامر نعيم الياس
حكمت محكمة المنيا بالإعدام على 683 متهماً من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في الأحداث الدموية التي شهدتها المحافظة الواقعة وسط مصر، ومن بين المحكومين المرشد العام للإخوان محمد بديع البالغ من العمر 85 سنة والذي «فاز بكل الانتخابات منذ سقوط الرئيس حسني مبارك عام 2011، إلى أن اعتُبر إرهابياً في كانون الأول من عام 2013» بحسب صحيفة «لوموند» الفرنسية.
بحسب التوصيف الغربي، فإن الحكم شمل «أنصار الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي»، حكم استدرج هجوماً شاملاً بدءاً من النخب الحاكمة، مروراً بالأمم المتحدة، وليس انتهاءً بوسائل الإعلام. فالرئاسة الأميركية اعتبرت الحكم «سابقة خطيرة وتحدٍ لأبسط قواعد العدالة الدولية»، والأمم المتحدة اعتبرتها أكبر محاكمة جماعية في التاريخ «فعدد المحكوم عليهم بالموت لا سابق له في التاريخ الحديث» فضلاً عن أنّ هذه الأحكام «مخالفة للقانون الدولي». أما «لو فيغارو» الفرنسية، فقد وصفت الأحكام بأنها «فصل جديد من فصول المسرحية القضائية العبثية في مصر».
إذاً، نحن هنا أمام حملة شرسة على مصر بعد الإخوان التي تتحضر لانتخابات رئاسية يتوقّع أن يفوز فيها المشير عبد الفتاح السيسي ليبدأ مرحلة جديدة من حكم مصر بعد عام 2011. لكن لماذا هذه الحملة؟ ما دور الإخوان في الاستراتيجية الغربية عموماً والأميركية خصوصاً في المنطقة؟ هل محمد بديع ومحمد مرسي وأنصارهما هم «الخط الأحمر» الحقيقي للسياسات الغربية في المنطقة في زمن «الربيع الأميركي»؟
بالعودة إلى ما جرى في المنطقة منذ نهاية عام 2010، شكّل الإسلام السياسي ممثلاً بالإخوان الرافعة السياسية لمشروع الربيع الأميركي في المنطقة، ثورات كان لا بدّ لها أن ترتكز على فزاعة الإسلاميين التي رسمتها الأنظمة العربية المختلفة التي حكمت الجمهوريات التي اجتاحها الوباء الثوري هذا على الصعيد السياسي. أما على الصعيد العسكري فقد شكّل الإسلاميون، من قاعدة وإخوان ومنظمات سلفية جهادية، رأس الحربة في عملية الانقلاب الممنهج على مفهوم الدولة والكيان والهوية الوطنية، ولعل ما جرى في ليبيا مثال واضح على مفهوم الدولة المرتجاة أميركياً. أما في مصر، فقد شكلت الثورة المضادة التي قام بها الشباب المصري بدعم وغطاء شرعي دستوري من المؤسسة العسكرية صفعةً للولايات المتحدة وحلفائها الدوليين والإقليميين. فعزل مرسي وإبعاده عن الرئاسة في مصر، والخطوات التي اتخذها القضاء المصري في مواجهة الإخوان أفرزت التالي:
ـ ضرب المرتكز الإقليمي العربي لمرحلة حكم الإسلام السياسي ممثلاً بحركة الإخوان في المنطقة، وبالتالي قطع تقدم الاستراتيجية الأميركية المرسومة للربيع «العربي» عند هذا الحد.
ـ اتخاذ المؤسسة العسكرية المصرية بدعم شعبي خطوات أكثر استقلالية على صعيد إعادة تركيب المشهد الداخلي لمصر بما يتناسب مع التوازنات الحقيقية داخل المشهد المصري، وضبط الاندفاعة التي سار عليها الإخوان إبان توليهم الحكم تجاه الغرب والإدارة الأميركية خدمة لهدفهم المسمى «التمكين».
الخيارات التي سارت عليها القاهرة في سياستها الداخلية والخارجية سواء الدولية وزيارة المشير السيسي إلى روسيا وإبرامه عقوداً عسكرية مع موسكو، أو إقليمياً على صعيد الموقف من الأزمة السورية الذي انتقل من رئيس شيخ يدعو إلى الجهاد في سورية، إلى مؤسسة مدنية حاكمة تدرك معنى الأمن القومي المصري وخطورة قطع العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع سورية والدعوة إلى تدميرها، هذه الخيارات تعدّ من أهم مرتكزات الهجوم الغربي الحالي على مصر والدفاع المستميت عن الإخوان وفقاً لمبدأ تفتيت الدول ودعم طرف على حساب الطرف الآخر وفقاً لدينامية تسعير الصراع الداخلي بما يضمن استمرار الفوضى وحال عدم الاستقرار في مصر والمنطقة.
إن لم تستطع فرض إرادتك ورؤيتك على العالم انشر الفوضى فيه واجعل من يعارضك يدفع ثمن موقفه فوضى ولا استقرار، هذا هو المبدأ الغربي السائد حالياً بلبوس الربيع العربي، ربيع حمل الإسلاميين إلى الواجهة حتى أضحى شعار «الإسلام هو الحل» الحل المناسب لهم وللبيت الأبيض ومن يلّف لفّه.
كاتب سوري