مصر والأمن الخليجي

حميدي العبدالله

أصدرت الخارجية المصرية بياناً أكدت فيه أنّ أمن الدول الخليجية جزءاً من الأمن القومي لمصر. جاء توقيت هذا الإعلان في ضوء حدثين بارزين، الأول، التطورات العسكرية في اليمن، والثاني، اقتراب موعد توقيع اتفاق بين إيران والدول الكبرى حول ملفها النووي.

وبمعزل عن مناقشة ما إذا كانت التصريحات عن أنّ أمن الخليج جزء من الأمن القومي المصري تنطبق على تعريف الأمن القومي، وما إذا كان دعم الحكومات الخليجية هو جزء من حركة التحالفات الغربية في المنطقة يصبّ في مصلحة الأمن القومي لمصر وللدول العربية أم لا، فإنّ الأهمّ هو التعرّف إلى ما يمكن أن تقدّمه فعلياً مصر على هذا الصعيد، وليس فقط صدور بيان عن الخارجية المصرية. بمعنى آخر هل مصر في وضع تستطيع معه، على سبيل المثال، إرسال قوات إلى الدول الخليجية أو إلى اليمن للدفاع عن السياسات المعتمدة من قبل الحكومات في دول مجلس التعاون الخليجي.

أولاً: الدول الخليجية تراهن على الدعم والحماية المقدّمة من الحكومات الغربية أكثر من رهانها على جيوش أي دولة عربية، بما في ذلك مصر. والأرجح أنّ الدول الغربية، وتحديداً الولايات المتحدة لن تسمح بذلك حتى لو كان هناك عمل جدّي بهذا الاتجاه، كما أنّ الحكومات الخليجية تثق بالقوات الغربية أكثر من ثقتها بأيّ قوة عربية.

ثانياً: مصر تواجه اليوم تحديات أمنية كثيرة، ليس في سيناء وحدها، بل على امتداد الأرض المصرية، وفي ظلّ هذه التحدّيات سيكون من الصعب على الحكومة المصرية تبرير إرسال قوات عسكرية مصرية إلى خارج مصر.

ثالثاً: إرسال قوات إلى الخليج، ولا سيما إلى اليمن، سيحيي ذكريات المصريين حول تدخلهم في ستينيات القرن الماضي لدعم الثورة اليمنية، وهذا من شأنه أن يزيد الضغوط على الحكومة المصرية، ويمنعها من القيام بأيّ جهد عسكري خارج مصر، وتحديداً داخل اليمن، لأنّ إرسال قوات عسكرية إلى اليمن سيواجه بمقاومة عسكرية ضارية من القوات اليمنية المناهضة للمبادرة الخليجية والتدخل الخارجي، وستتحوّل المواجهة إلى حرب استنزاف، من الصعب على الحكومة المصرية تبريرها، حتى وإنْ كانت كلفة تمويل هذه الحرب ستقع على الحكومات الخليجية وليس على كاهل الخزانة المصرية.

كلّ هذه الأسباب وأخرى غيرها تؤكد أنّ الحديث عن أنّ الأمن الخليجي هو جزء من الأمن القومي المصري، سيظلّ في إطار التضامن السياسي ولن يتجاوز ذلك إلى مستوى إرسال قوات عسكرية إلى الخليج أو اليمن.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى