استراتيجية الطوق النظيف خيار أميركي لاحتواء إيران 2/2

محمد أحمد الروسان

… ترى «إسرائيل» الصهيونية في جنيف ايران، أنّه أشّر إلى حدّ ما على انتصار المكوّن الشيعي السياسي ضدّ المكون السنّي السياسي، واستمرار النسق السياسي السوري وإجراء الانتخابات السورية في 3 حزيران عام 2014، وبقاء الرئيس لقيادة المرحلة المقبلة التي يمكن أن تنتجها أي عملية سياسية تسووية آتية، وجنيف غيران أدخل الدول العربية المطلة على الخليج في دائرة الخطر الاستراتيجي، والتمهيد للثورات فيها لأحداث التغيّرات المطلوبة أميركيّاً، وهذا ما لا تريده «إسرائيل» الصهيونية الآن على الأقلّ. وترى «إسرائيل» الصهيونية أنّ جنيف إيران ضمن لطهران حتّى اللحظة عدم تدمير ولا جهاز طرد مركزي واحد، واستمرار العمل حتّى الآن في مفاعل آراك ، والذي يعمل بالمياه الثقيلة وهو مفاعل بحثي طبي، كما مهّد هذا الاتفاق الموقت لشرعنة التخصيب، فالصراع مع الغرب وأميركا ومن ورائهم «إسرائيل» وبقايا البعض العربي، كان وما زال في موضوع التخصيب كعملية وليس بنسب التخصيب.

تل أبيب الصهيونية ترى أنّ إيران قدّمت تنازلات في الهوامش ونسب التخصيب وتفاصيل أخرى غير معلومة لا تعيق حقها في التخصيب الذي شرعنه الاتفاق في جنيفها الموقت.

«إسرائيل» الصهيونية ترى في جنيف إيران يعني استخدام الجمهورية الإسلامية الإيرانية لأوراقها السياسية، وأدواتها العملياتية في داخل الباكستان وأفغانستان ومع حركة طالبان أفغانستان وطالبان باكستان، لتسهيل عمليات انسحاب جزئية لبعض القوّات الأميركية من أفغانستان، مع عدم عرقلة أو مواجهة المصالح الأميركية هناك، وهذا من شأنه أن يقود الى حالة من التسكين على طول خطوط العلاقات الأميركية الإيرانية، وهذا لا يصبّ في الصالح «الإسرائيلي» الصهيوني.

ومن أجل الإساءة الى صورة إيران في المنطقة، ذهب بعض وسائل الميديا الأميركية المتصهينة في الداخل الأميركي وفي الداخل الأوروبي، وبعض وسائل الميديا العربية وبعض الخليجية والتي تمثل خط الليكود «الإسرائيلي» الصهيوني في الأعلام العربي، والمتحالفة مع ذلك البعض الأميركي والبعض الأوروبي، صاروا جميعاً يتحدثون عن أنّ مباحثات سريّة ترعاها واشنطن وأوروبا تجري بين طهران وتل أبيب هذا الأوان في جنيف وأماكن أخرى. وأضاف مجتمع وسائل الميديا هذا بالتحديد والذي يفبرك ويحلّل ويسرّب: «إنّ عورات طهران تكشّفت بتنازلها عن نوويّها ونوويّ غيرها، بحثاً عن مدخل إلى حوار مع واشنطن فـ»تل أبيب» واستبدال هياجها المذهبي بسلوك معتدل طمعاً بدور إقليمي مفقود بعد سقوط الشاه، كونه منذ قيام النظام الديني في طهران أحاطته واشنطن بسياج من العزل السياسي وسحبت دوره الإقليمي وكان موقعه الثالث في منظومة الدفاع الغربية: تركيا، إسرائيل، وإيران قبل سقوط الشاه ، يتساءل هؤلاء اليوم تساؤلاً ينمّ عن خبث سياسي دفين لا براغماتية سياسية، ولضرب وحدة النسيج الإيراني الواحد والموحد ضدّ الخطر الخارجي، حيث الأخير يوحّد إيران، وتساؤل هؤلاء هو: «اليوم هل تتهيأ طهران الى الانضمام لهذه المجموعة السابقة بفعل العوامل التالية…

أولاً: تركيا علمانية الهوى إسلامية الجذور والهوية، أعطت ظهرها لهذا الحلف وانسحبت منه وسلّمت وجهها لقِبلّة «دينها موروثها – مشاعرها بتحسّس ألم المسلمين العرب والأجانب، الذين يعتبرونها آخر قلاع الدفاع عن حقوقهم بعد إنهيار العراق- مصر- سورية واهتمام السعودية بجغرافيتها ومصالحها الخليجية.

ثانياً: لأنّ ايران تُجيد سياسة مواجهة المصالح والسياسات الأميركية في المنطقة، وكان آخرها مشروع «الشرق الأوسط الجديد» الذي تمّ إفشاله عبر المقاومة في حرب تموز 2006، وبقدر ما نجحت واشنطن في عزل طهران، نجحت طهران في توظيف أخطاء واشنطن الاستراتيجية في المنطقة، وكان أعظمها احتلال العراق، الذي بدأت معه المواجهة تتخذ شكلها الحادّ، فعلى أرض العراق التي تعرفها طهران جيداً وتحسن استخدام تناقضاتها المذهبية تمّت المواجهة الحادّة رأسيّاً وعرضيّاً.

ثالثاً: يد طهران التي كانت مغلولة إلى عنقها انبسطت بزوال نظامين «سُنيين» معاديين لها على طرفي حدودها في العراق وأفغانستان، فاستثمرت الفرصة بشكل ممتاز وساعدها في ذلك غياب و/أو تغيّب لأيّ دور للعرب، وبقدر ما أساءت واشنطن والغرب تقدير نتائج سقوط النظامين، أحسنت طهران استغلال هذه النتائج وتوظيفها وتوليفها لمصلحتها.

رابعاً: قاد الصراع الشرس بين طهران وواشنطن على أرض العراق، رفضاً لسياسة القطيعة من نحو، وطلباً للوصل من نحوٍ آخر، إلى إعادة النظر في كلّ ما سبق، وها هي واشنطن فـ»تل أبيب» تستخلص الدروس من حربها السياسية الطويلة ضدّ نظام طهران وتحاول بحكم مأزق العراق والمسألة السورية الاستماع إلى مطالب النظام وشكواه وربما استيعابه واحتوائه.

ويضيف ويسرّب مجتمع الميديا هذا وبخبث أيضاً، أنّ طهران لم ترفض قط الحوار مع واشنطن و«تل أبيب»! لا بل كانت تطلبه وتسعى إليه، غير أنّ الشروط التي مرّت بها العلاقات بينهم لم تسمح لواشنطن و«تل أبيب» بالانفتاح على نظام بدائي الفكر والمشاعر والممارسة، حتى فرضت الظروف ومشروع إيران النووي ومتاعب واشنطن في العراق والمنطقة وتآكُل النظام العربي، إلى قدر من التطبيع وعلاقات وصل تحلم به طهران كما تشير وسائل الميديا هذه لتشويه صورة إيران، وقد يفضي إلى تطبيع آخر بين إيران وإسرائيل، يدفع ثمنه العرب، خاصةً العراقيون «السُنة» الذين سيمتلئ إقليمهم الموعود، والذي ستشيده الجماجِمُ والدّمُ بـ«عرب اللجوء» بتفريغ محيط «إسرائيل» منهم، وسيتخذ إقليمهم مستقبلاً شكل «جمهورية» كوسوفو نموذجاً وهو ما يدفعنا إلى فهم أسباب تصفية «عوائل وزعامات سُنية» داخل بيوتها بالكواتم في مرحلة ما، والآن عبر الدواعش كأداة صهيونية أميركية حيث غالبية الضحايا من السنّة، لكي يسارع الآخرون الانتقال إلى المحافظات السُنية، بانتظار مدفع الإقليم الذي سيفطر عليه صائمو دهر العبودية الجديدة.

إذاً تكرّس وسائل الميديا الأميركية والأوروبية المتصهينة، والمتحالفة مع بعض وسائل إعلام عربية وخليجية تمثل التيّار الليكودي «الإسرائيلي» الصهيوني في الإعلام العربي، يكرّس هؤلاء بخبث سياسي دور إيران الجديد، وهو إقامة الإقليم السُني، إذ تفُضّل «إسرائيل» هجرة الفلسطينيين على توطينهم بالقرب منها أو على حدودها، فالهجرة تعني نسيان الوطن، أما التوطين فيُذكّر به.

لقد سبق هؤلاء الآنفون وزير الخارجية الإيراني الدكتور محمد جواد ظريف، ومعه سلفه ورفيقه وصديقه الدكتور علي أكبر صالحي، عندما أكّدا أنّ البعض من أجنحة الإدارة الأميركية ومن تقاطع معهم من بقايا العرب، يسعون الى ضرب الوحدة الوطنية الإيرانية ونسيجها الاجتماعي.

ويضيف كاتب هذه السطور التالي: … ومن خلفهم النواة الصلبة في الكيان الصهيوني عبر مجتمع المخابرات «الإسرائيلي» الصهيوني، ومن تساوق معه من العالم السفلي في «إسرائيل» المافيا «الإسرائيلية»، بالتعاون مع شبكات زعيم مافيا سابق اسمه شالوم دومراني ذهب الى المغرب ليعيد هيكلة نفسه من جديد هناك، ويحمل الجنسية المغربية وله استثمارات اقتصادية هائلة هناك وعلى علاقة قوية جداً مع اليهودي المغربي أوزولايAZOULAY، وعاد إلى الجنوب الفلسطيني المحتل الآن «جنوب اسرائيل»، وشبكة زعيم مافيا آخر اسمه عمير مولتز ، وشبكة المافيوي ريكو سيرازي ، بجانب شبكات المافيا من عائلة كراجه في نتانيا مختصة بتخزين مخزونات السلاح وتبيض الأموال، وعائلة الحريري في الطيبة مختصة بتخزين السلاح أيضاً وتبييض الأموال، وهما من الأكثر رعباً في الوسط العربي المحتلّ الشمال الفلسطيني المحتلّ «إسرائيل الآن».

وتتحدّث المعلومات، أنّ هذا العالم السفلي في الكيان الصهيوني، وبالتنسيق مع مجتمع المخابرات الصهيوني والشرطة «الإسرائيلية»، وخاصة مع وحدة يمار ومع طاقم خاص من قوة لاهف 433 في الشرطة «الإسرائيلية»، وهما المختصتان بمحاربة هذا العالم السفلي، قاموا ويقومون الآن بأدوار عميقة في العراق لإنشاء اقليم سنّى وآخر شيعي وآخر كردي تريده واشنطن وبلدربيرغها «إسرائيل» ثانية في الشمال العراقي، وهذا هو محور خلاف وصراع مستتر على طول خطوط العلاقات «الإسرائيلية» ـ الأميركية، حيث تريده «إسرائيل» الحالية مجرد اقليم لا أكثر ولا أقلّ وكجيب أمني وجغرافي لها، وهناك أدوار ما زالت مستترة إزاء الداخل الإيراني، انْ لجهة الشمال الإيراني، وانْ لجهة شمال غرب ايران، وانْ لجهة شمال شرق ايران، وانْ لجهة الحدود مع العراق وإقليم كردستان.

بل تناسى هؤلاء المطلعون، أنّ من يقوم بقتل العوائل في بيوتها، انْ من جهة السنّة، وانْ من جهة الشيعة، وفي بيوتهم بكواتم صوت، هم فرق الموت من دواعش ودوامس وغيرها بإسنادات مافيوية اسرائيلية صهيونية حاقدة التي أنشاها جون نيغروبونتي وزميله السفير الأميركي السابق في سورية روبرت فورد، عندما كان الأخير قائماً بالأعمال الأميركي في العراق.

دمشق سمحت بطريقة ما لواشنطن وعبر تحالفها غير الشرعي بالقضاء على الأوروبيين في عصابة «داعش»، وكامل التنظيمات والتشكيلات الأخرى في الميدان مع الامتعاض الإيراني والروسي لأنّه يصبّ في مصلحة دمشق، القضاء على عصابة «داعش»، ويحرر بوتين من الضغوط الغربية في تسليم «أس 300» إلى دمشق، اعترضت موسكو وطهران على ضربات التحالف وصمتت سورية ولم تعلّق لحاجة في نفس يعقوب، بعد ذلك تحرك الجيش السوري وبالتنسيق براً وجواً مع العراق وبدعم إيراني كبير بتوجيه ضربات قويّة قاصمة إلى عصابة «داعش»، والتي صارت أميركية بامتياز نقية من الأوروبيين التأثير الأوروبي ، فتبخر الحديث عن تنظيم «خراسان»، والذي أول من تحدّث عنه جون برينان، وصار الحديث الآن هو في كيفية جلب قوّات بريّة أميركية بجانب تدريب معارضات هنا وهناك.

حيث واشنطن تعمل الآن على إعادة توجيه عصابة «داعش»، لتوظيفها في عملية الفصل الميداني ما بين إيران والعراق شرقاً وما بين سورية ولبنان غرباً، تمهيداً لإعادة إشعال الصراع بين العراق وإيران والخليج، وبين سورية ولبنان و«إسرائيل».

وتعمل واشنطن على حماية أسطولها الخامس، وهو الوحيد القادر على تحييد الدفاعات الجوية السورية الروسية عبر صواريخ التوماهوك والكروز، والتي تنطلق من القطع البحرية الجاثمة على سطوح البحار، حيث الأسطول الخامس يتواجد في أحد خلجان دول الجوار السوري، وعملت واشنطن على محاولة فصل الساحل السوري عن سلطة الدولة المركزية في دمشق، كونه الأمر الوحيد الذي يحدث شرخاً في مؤسسة القصر والجيش ويغيّر المعادلات.

قامت واشنطن بحماية أسطولها الخامس من القوارب المفخخة القادمة من اليمن ومصر، عبر إعلان عدّة أقاليم يمنية انفصالها عن الدولة المركزية، وأنشأت عاصمة لها في عدن، ثم أشعلت شبه جزيرة سيناء في حرب دموية ضدّ القوات المصرية، ثم أشعلت الجبهة الليبية المصرية لتشتيت الجيش المصري، وكان الطلق الأميركي الأخير، عبر محاولة انقلابية على الرئيس الأسد في الداخل السوري، مدعومة عسكرياً أميركياً عبر طائرة الاستطلاع الأميركية ذات الصواريخ الأربعة المتطورة والقنابل الذكية، والتي تم إسقاطها بعد تحرير وحماية واشنطن لصواريخ الأسطول الخامس الأميركي المتواجد في أحد خلجان دول الجوار السوري.

محام، عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية

www.roussanlegal.0pi.com

mohd ahamd2003 yahoo.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى