سليمان: تعطيل النصاب غير قانوني والرئيس سيكون صناعة لبنانية
أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أن من أولويات هذه المرحلة حصول الاستحقاق الرئاسي في موعده وتجنب الفراغ. وإذ اعتبر أنّ تدخّل الدول مرفوض وخصوصاً في مسألة الاختيار، جدد المطالبة برئيس صناعة لبنانية، وطالب بمتابعة تنفيذ خلاصات مجموعة الدعم الدولية للبنان على مختلف الصعد، ومقررات الحوار الوطني ومتابعة عملية السلام بين الفلسطينيين و«إسرائيل».
وشدد سليمان «على أهمية أن تنهي الدول العربية والإقليمية خلافاتها التي تنعكس اضطرابات على الدول الصغرى التي لا إمكانات لديها، وتشجيع الأطراف في الداخل والخارج لتحييد لبنان، مكرراً وجوب السعي لتغليب منطق الاعتدال ضد منطق التطرف الذي نشهده في بعض الدول العربية، وتشجيع الديمقراطية ضدّ الآراء والتيارات الرافضة للرأي الآخر».
وأكد ضرورة التواصل مع الانتشار في كل القارات مع التركيز على أميركا اللاتينية وأفريقيا، موضحاً أنّ سياسة لبنان ليست النأي بالنفس، وإنما تحييده عن الصراعات والنأي عن موقف من قرار معين.
كلام رئيس الجمهورية جاء خلال لقائه وفد السفراء والقناصل اللبنانيين المعتمدين في الخارج، والمشاركين في فعاليات مؤتمر «الديبلوماسية الفاعلة»، في حضور نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الوطني سمير مقبل، وزراء الخارجية والمغتربين جبران باسيل، الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، السياحة ميشال فرعون، الاقتصاد الوطني آلان حكيم والشؤون الاجتماعية رشيد درباس.
وأضاف: «لدينا أيضاً واجب متابعة خلاصات المجموعة الدولية التي انعقدت في نيويورك في 25 أيلول بمشاركة الدول الخمس الدائمة العضوية إلى جانب الأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية وبعض المنظمات الدولية، والتي وضعت خلاصات تتعلق بدعم لبنان». هذه الخلاصات تبناها مجلس الأمن لاحقاً وتمّ التأكيد عليها في اجتماعات باريس في 5 تموز الماضي من قبل الدول ذاتها وبحضور الرئيس الفرنسي وبعض الدول الأوروبية الأخرى.
وأشار إلى «أنّ الخلاصات تحاول تدعيم الاستقرار في لبنان: الاستقرار السياسي ومساندة مؤسسات الدولة وتطبيق القرار 1701 وتحييد لبنان وفقاً لما ورد تحديداً في إعلان بعبدا. وما علينا إلا أن نقرّ قانون الانتخاب، وننتخب رئيساً ونقرّ قانون اللامركزية الإدارية ونعمل لاحقاً على سدّ الثغرات الدستورية، ومتابعة تنفيذ مقرّرات الحوار الوطني التي نختصرها بترسيم الحدود، ونزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، والمحكمة الدولية، واحترام إعلان بعبدا، وإقرار الاستراتيجية الدفاعية التي تحمي لبنان وتدعيم الاستقرار الاقتصادي».
ودعا إلى «تمكين الجيش من الحصول على السلاح الذي يكفي كي يكون وحده المسؤول عن السلاح في لبنان وهذا يجب أن يتمّ بخطوة إقرار الاستراتيجية الدفاعية»، لافتاً إلى «أنه بالتعاون مع المجتمع الدولي يمكننا حصر السلاح بيد الجيش وإقرار الاستراتيجية الدفاعية التي تنظم استعمال المقاومة للسلاح».
ولفت إلى «أنّ هناك قراراً دولياً بنزع السلاح من المجموعات المسلحة واستعماله بإدارة الدولة»، مشيراً إلى «أنه يمكن تسليح الجيش وتعزيز قوته، وخصوصاً بعد تلقيه هبة سعودية»، داعياً إلى «ضبط النزوح السوري والحفاظ على اللبناني أولاً والحكومة معنية باتخاذ الإجراءات».
وأعلن رفضه لتوطين الفلسطيني ومن بعده السوري وتمسكه بمبادرة السلام العربية، قائلاً: «على سورية عدم الموافقة على تدخل أي طرف لبناني بشؤونها وعلى إيران والدول الخليجية تحييد لبنان. سياسة لبنان ليست النأي بالنفس بل تحييده عن الصراعات».
سلام
كما استقبل رئيس الحكومة تمام سلام وفد السفراء اللبنانيين المشاركين في مؤتمر الدبلوماسية الاغترابية، برفقة الوزير باسيل الذي أطلعه على أعمال المؤتمر الذي انعقد في بيروت .
وعلق سلام على الوضع السياسي العام معتبراً أنّ لبنان لا يزال يتأثر بمحيطه العربي والإقليمي الذي يتأثر بدوره بالواقع الدولي، وذكر بالانتخابات الرئاسية التي لا تبدو أنها ستنجز بشكل مريح، مؤكداً أن انتخاب رئيس جديد سيدفع لبنان إلى الأمام.
وأوضح سلام أنّ الأمن كان من أولويات الحكومة الانتقالية، مشيراً إلى تصدّي الحكومة للوضع الأمني المتقلب بقرار جامع ومسؤول من كل القوى السياسية الممثلة فيها، والتي اتخذت الإجراءات الأمنية اللازمة.
ورأى سلام أنه عندما تحزم الدولة أمرها وتتخذ قرارها وتوحد كلمتها لا يستطيع أحد أن يتحداها. من هنا كانت النتيجة التئام شمل أبناء المناطق، التي كانت عرضة للخطف الأمني لقرارها ووجودها ونجحت الخطة الأمنية بطريقة لم تكن متوقعة، الأمر الذي انعكس إيجاباً على الاستحقاقات الأخرى.
وأشار سلام إلى استكمال معالجة أمور أخرى كأزمة النزوح السوري إلى لبنان والذي يشكل عبئاً كبيراً غير مسبوق في أي دولة في العالم، معتبراً أنه بالرغم من الجوانب الإنسانية لهذا الموضوع، لكن هناك أيضاً جوانب سياسية يلزمها وحدة القرار والموقف، لافتاً إلى عمل مجلس الوزراء على تشكيل لجنة وزارية للتصدي لهذا الملف، وتكليف وزير الخارجية بمتابعته من خلال التواصل مع الخارج.
وتطرق سلام إلى الوضع الاقتصادي والمالي، فقال: «سلسلة الرتب والرواتب هي معضلة كبيرة إذا لم تتم معالجتها بالشكل الذي يعطي أصحاب الحق حقهم كاملاً، ويعطي الدولة ومواردها ومكانتها المالية والاقتصادية أيضا حصانة في مواجهة كل الاستحقاقات التي لها هذه الطبيعة في المستقبل». وشدد على التحدي المتعلق بالثروة النفطية والغازية.
باسيل
ثم توجه الوفد الدبلوماسي والوزير باسيل الى قصر بسترس، حيث عقد اجتماع موسع تحدث خلاله وزير الخارجية قبل البدء بالاجتماع المغلق وقال: «ان ما يجمع بين اللبنانيين هو أكبر بكثير مما يفرّقهم، ولكننا نذهب دائماً نحو ما يفرّق بيننا، وهذا الأمر نكتشفه في خطابنا وقد عشناه خلال اليومين الماضيين».
وكان باسيل لفت خلال ورشة عمل عن الدبلوماسية الاغترابية في فندق لو رويال، إلى «أننا نشهد اليوم محاولة توطين 400 ألف لاجئ فلسطيني، ومحاولة تثبيت مليون ونصف المليون نازح سوري»، ومؤكداً «أن مجموع غير اللبنانيين هو ما يزيد عن مليوني شخص أي ما يزيد عن نصف عدد اللبنانيين».
ودعا الدبلوماسيين إلى «الاهتمام بمصالح وحاجات اللبناني المنتشر لأنه إنسان يجب أن تعاد إليه روابطه الحسية، أي الهوية والانتماء، وتترجم بالجنسية أو التسجيل».
وأشار باسيل إلى «أنّ حقوق المغتربين عديدة ويمكن اختصارها بحق التسجيل أي فرض التسجيل، وإلزام وواجب، معتبراً التخلف عن القيام به تقصير وظيفي يقتضي المساءلة، داعياً الدبلوماسيين إلى السعي وراء المنتشرين لتسجيلهم».
ودعا باسيل إلى ضرورة «تمكين المغتربين من أن يتمثلوا بعدد من النواب، وأن يصوت اللبنانيون في الخارج».
وقال: «حصلنا على وعد سياسي قاطع ومثبت من الرئيس نبيه بري، وتيار المستقبل بإقرار قانون استعادة الجنسية للمتحدرين من أصل لبناني».
واعتبر باسيل «أن هناك استحالة أن يصوّت المغتربون في الخارج بالطريقة التي ينص عليها القانون الحالي»، لافتاً إلى «أن الإنصاف يكون في أن يصوّت جميعهم عبر الـ e-voting».
بو صعب
وأعلن وزير التربية الياس بو صعب عن مضمون وأهداف مذكرة التفاهم التي تمّ العمل عليها بين وزارة التربية والتعليم العالي ووزارة الخارجية والمغتربين قائلاً: «انّ المذكرة تهدف الى تشجيع الجاليات اللبنانية في دول الانتشار على فتح المدارس التي تدرّس المنهاج اللبناني وتقديم التسهيلات اللازمة لإجراء الامتحانات الرسمية في دول الانتشار».
ولفت بو صعب إلى «أن المذكرة تحدد موجبات ومسؤوليات كل من الوزارتين، فعلى وزارة التربية تأمين النسخ اللازمة من المراسيم والقرارات والتعاميم المتعلقة بآلية عمل المدارس الخاصة وشؤون تلامذتها.
ويندرج في هذا الإطار، متابعة عمل المدارس وقبول اللوائح الاسمية لتلامذتها عبر وزارة الخارجية سنوياً وضمن المهل المحددة قانونياً، تكليف فريق العمل اللازم من موظفي وزارة التربية للمشاركة في الإشراف على الامتحانات الرسمية في الخارج لتلامذة هذه المدارس، إعداد أسئلة الإمتحانات الرسمية وتأمين إرسالها بالطرق الآمنة والوسائل السريعة وبسرّية تامة قبل الموعد المحدّد لهذه الإمتحانات، و القيام بأعمال تصحيح مسابقات الامتحانات الرسمية في بيروت وإعلان النتائج النهائية.
ولفت إلى أن موجبات ومسؤوليات وزارة الخارجية تقضي دعوة البعثات الدبلوماسية والقنصلية في الخارج لتشجيع الجاليات اللبنانية على فتح مدارس خاصة لبنانية تعتمد المنهاج اللبناني في دول الانتشار، وتنظيم الامتحانات الرسمية للشهادتين المتوسطة والثانوية العامة في مقرّ السفارة، أو في مكان آخر تحت إشرافها، وتأمين تأشيرات الدخول لموظفي وزارة التربية المكلفين السفر الى البلدان المضيفة للإشراف على الامتحانات وجمع المسابقات لإرسالها الى وزارة التربية بواسطة الحقيبة الدبلوماسية بالسرعة اللازمة.
ورأى بو صعب أن هذه المذكرة تأتي كنتيجة لتجربة ناجحة طبقتها الوزارة منذ العام 2010 يوم بدأت بإجراء الامتحانات الرسمية في قطر في حرم السفارة اللبنانية وبإشرافها، آملاً توسيع انتشار المدرسة اللبنانية في الخارج.
عريجي
وأشار وزير الثقافة ريمون عريجي إلى أن استمرار الثقافة اللبنانية بالمقاومة من دون أي دعم رسمي يذكر، وفي ظروف طغت فيها السياسة والعنف على كلّ شيء آخر، هو فعل إيمان بتمسك اللبنانيين بثقافتهم وحضارتهم وبحبّهم للحياة.
ورأى أنه يمكن بالتعاون والتنسيق بين وزارة الثقافة ووزارة الخارجية والسفارات اللبنانية في الخارج تفعيل المشاركات الثقافية في دول العالم، ولاسيما في دول الانتشار اللبناني القيام بتنظيم أسابيع ثقافية لبنانية بهدف إظهار الوجه الحضاري للبنان وإتاحة المجال أمام المبدعين اللبنانيين.
المشنوق
وفي ورشة العمل نفسها، رأى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق «أن طرح موضوع استعادة الجنسية اللبنانية على قاعدة طائفية يسيء للفكرة ولإمكانية تطبيقها ولا يؤتي بأيّ نتيجة»، وقال: «علينا التركيز على عامي 1932 و1958 على أن يكون النقاش عمليا وقادراً على وضع قواعد للحلول».
وقال المشنوق: إن»هناك مثلثاً واضحاً علينا أن نعمل بموجبه، الأول هو مديرية الأحوال الشخصية، والثانية السفراء والقناصل، والثالث اللبنانيون الذين يرغبون باستعادة الجنسية، فلا يتوهمّن أحد أنّ هؤلاء «ناطرينا»، وهذا يحتاج إلى جهد يمتدّ لسنوات كي نقنعهم باستعادة هذه الجنسية»، لافتاً إلى «أن المسافة الأقصر لذلك هي إصدار مرسوم يوقعه وزير الداخلية ورئيسا الحكومة والجمهورية يُحال إلى مجلس النواب، إذ أنّ الرغبة لا تكفي في ظلّ المشاكل الكبيرة التي تعاني منها السفارات والقنصليات، وهو ما لمسته عن قرب بين عامي 1998 و2000 حيث زرت معظم الدول والتقيت بأكبر نسبة من المغتربين اللبنانيين».