المراحل النهائية للاتفاق النووي تنجز على إيقاع حرب سعودية خائبة
بشرى الفروي
في وقت تجرى المفاوضات حول الملف النووي الإيراني مع مجموعة 5+1 في قاعات هادئة وبعيداً من الضجيج الإعلامي، لا تزال تُسمع أصوات هدير الطائرات السعودية على اليمن تحاول يائسة أن تغير في المعادلات وتفرض وضعاً جديداً، لكن تقدم الحوثيين ومن يساندهم من المكونات الوطنية نحو عدن وصمودهم تجاه هذا العدوان يشكل رسالة قوية للسعودية أن الوقت قد فات على أية محاولة لفرض هيمنتها أو لمحاولاتها تعطيل المفاوضات النووية الإيرانية كما فعلت من قبل حليفتها «إسرائيل» في القنيطرة باستهداف المقاومين. إيران وقتها لم تتردد وقالتها صراحة أنّ: «»إسرائيل» تجاوزت كل الخطوط الحمر وأن الرد سيكون مزلزلاً».
أميركا تعلم أن «إسرائيل» فشلت في كبح جماح البرنامج النووي الإيراني وتعلم علم اليقين أن «إسرائيل» لا تستطيع خوض هذه الحرب وأنها تجرّ نفسها إلى عملية انتحارية. فأوكلت أميركا هذه المهمة للسعودية التي زجت أوراقها وعلاقاتها التي بنتها على مدى عقود بقوة البترودولار ودخلت بشكل هستيري حرباً ليس لها عنوان سوى الهيمنة وإشعال النيران المذهبية، متوهمة أنها تستطيع إعادة منصور هادي ليحكم اليمن على ظهر دبابة وليتبين لاحقاً أنها حتى الساعة لم تستطع بحربها أن تشكل قوة إسناد لحلفائها حتى في استعادة صنعاء وعدن التي تخرج من يدهم في ظل الحرب.
إن من الخطأ تصور أن بالإمكان أن تنجح السعودية عبر الضربات الجوية التي تستهدف الجيش اليمني، وعبر تنشيط المجموعات الإرهابية أمثال «داعش» والقاعدة، في إبقاء هذا البلد ضعيفاً تسوده الفوضى.
الاتفاق النووي سيوقع لكن هذه المرة من دون اعتراض سعودي الذي بات يحتاج إلى تسوية الأوضاع مع إيران أكثر من أي وقت مضى لإخراجه من ورطة اليمن، فالحساب الأميركي والتصريحات الأخيرة لمسؤوليها تقول صراحة إن لا نهاية للحرب في اليمن إلا بالتفاوض مع إيران. ولكنها كعادتها تريد التفاوض على إيقاع الحرب وتريد أن يصل حلفاؤها لقناعة أن لا جدوى ولا بديل سوى الحوار مع إيران. وأن الاتفاق النووي أمر لا مفر منه.
السعودية بذلت ما بوسعها في مغامرتها العسكرية عديمة الفائدة وكما هي حال «إسرائيل» اليوم والتي تحولت بفشلها بإيقاف النفوذ الإيراني في المنطقة وتصاعد أهميتها العالمية من مخلب ورأس حربة إلى عبء استراتيجي وأصبحت بحاجة ماسة إلى من يحميها، فهذا الدرس القاسي لم تستطع السعودية أن تستوعبه فهي تتشارك مع «إسرائيل» في خوفها من النفوذ الإيراني وما ستتغير به المعادلات بعد إكمال الاتفاق النووي. فهل ستلاقي السعودية المصير نفسه بعد فشلها المؤكد في اليمن؟ وهل ستنفع سياستها في الهروب إلى الأمام؟